الأطفال والعدوان على غزة: كيف يتعامل الأهل مع أسئلة الصغار؟

19 نوفمبر 2023
طفلان في خانيونس (محمود الهمص/ فرانس برس)
+ الخط -

يشكّل الحديث عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، موضوعاً شائكاً بالنسبة إلى عدد كبير من الأهل الذين يرغبون في إطلاع أطفالهم على ما يحصل في القطاع، من دون تعريضهم، خصوصاً الصغار، مباشرةً لمشاهد العنف الكبير التي تبثها القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم حرص كثيرين على إبعاد أطفالهم عن الشاشات حالياً، فإنّ حجب مشاهد العنف شبه مستحيل، خصوصاً أن أغلب الأطفال لديهم وصول مباشر إلى الهواتف والأجهزة اللوحية، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، وبالتالي إن الوصول إلى الصور والفيديوهات والمعلومات بات تلقائياً.
في حديث مع "العربي الجديد"، تشرح العاملة الاجتماعية والمستشارة في علم النفس الاجتماعي شفيقة عبدو كحالة، أهمية دور الأهل في متابعة الأولاد والاستماع إليهم وإلى تساؤلاتهم في مختلف المراحل العمرية، مؤكدة ضرورة اختيار التعابير بشكل دقيق يتناسب مع عمر كل طفل. إذ يعتبر النضج العاطفي عند الأطفال نقطة أساسية لفهم ما يجري حوله، من هنا من المهم مراعاة هذه النقطة عند إخباره عما يحصل في قطاع غزة.
وتركّز كحالة على نقاط أساسية في هذا الإطار، أبرزها:

  • إيجاد الوقت الكافي للحديث عن العدوان، والاستماع إلى كل تساؤلات الأطفال من دون تأجيل أو استهتار
  • اختيار تعابير بسيطة تتناسب مع عمر الطفل ونضجه العاطفي
  • توفير إجابات مطمئنة لكل أسئلة الأطفال، لتفادي دخولهم في دوامة من القلق
  • تجنب التفاصيل المروعة من خلال تقديم المعلومات بشكل متوازن
  • تشجيع الأطفال على التعبير عن كل مشاعرهم، حتى لو كانوا خائفين، من دون أحكام مسبقة عليهم

أما النقطة الأهم التي تلفت إليها كحالة، فهي عدم إغراق الطفل في أجواء سوداوية، والإبقاء على أمل ما، بأن الحرب ستنتهي، لأن الطفل لا يملك القدرة نفسها التي يملكها الراشد على التعامل واستيعاب هذا الكمّ من المعلومات والصور العنيفة.
لكن في بعض الحالات يكون الحديث مع الصغار متأخراً، خصوصاً إذا ما اكتشفوا ما يحصل في القطاع، ورأوا المشاهد الوحشية لما يرتكبه الاحتلال في غزة. وتشير كحالة إلى عوارض نفسية عدة تظهر على الأطفال في هذه الحالة، من بينها:

  • الخوف من الأصوات القوية
  • الحزن الدائم
  • اضطرابات النوم
  • الخوف المفاجئ من فقدان الأهل
  • تساؤلات عن الموت
  • تغيرات في السلوك اليومي، مثل العصبية الزائدة أو التوقف عن ممارسة النشاطات الروتينية
  • التصرفات العدوانية المفاجئة
  • المشاكل الجسدية مثل الصداع، والألم في المعدة، أو التعب بسبب التوتر النفسي.

كل هذه المؤشرات لا يمكن للأهل إهمالها، بل يفضّل استشارة اختصاصيين لمساعدتهم في علاج التوتر عند أطفالهم.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وفي ظل تعرّض الراشدين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للأخبار بشكل متواصل وعلى مدار اليوم، وحصر حديث الكثيرين منهم في العالم العربي والعالم، حول العدوان، فإن التوتر والغضب والخوف عند الاهل، ينتقل تلقائياً إلى الأطفال، لذا تؤكد كحالة دور الأهل في عدم تخويف الصغار من الواقع الأليم، من خلال تفادي التحدث بقلق أمامهم ومعهم، وتشير إلى أهمية التحكم بلغة الجسد عند الأهل التي ستؤثر بمشاعر الأطفال، خصوصاً إذا ما تعرّض الأبناء والبنات من دون أي رقابة راشدة للصور ومقاطع الفيديو، وحتى الأخبار القادمة من غزة، سواء تعلّق ذلك بصغار السن أو حتى بالأكبر سناً من الأطفال في بداية سنّ المراهقة الذين يتأثرون بالطريقة نفسها، بما يرونه أو يسمعونه عن العدوان.
لذا، يجب على الأهل شرح مشاعرهم لأبنائهم وبناتهم، وتوعيتهم على حقيقة ما يحصل من خلال الحوار معهم وشرح تفاصيل الحرب من دون الدخول في التفاصيل الوحشية . ويساعد التحدث مع الأبناء عن مشاعرهم حيال صور الحرب التي شاهدوها على تكوين وعي سياسي وفكري وإنساني لديهم لما يحصل. وتنصح كحالة الأهل بالتحدث مع أولادهم من خلال طرح عليهم الأسئلة الآتية: برأيك، ما سبب نشر هذه الصور؟ ما كان شعورك عندما رأيت هذه الصور؟ هل لا تزال تتردد في ذهنك صور الحرب؟
وإن عبّر الطفل عن خوفه مما رآه، أو عن خوف على نفسه، تنصح كحالة بترك مساحة للطفل للتعبير عن هذه المخاوف وعن تفاصيل ما يشعر به من دون توبيخه أو التقليل من مشاعره.

المساهمون