وجدت منصة "سبوتيفاي" نفسها في مأزق خلال الأيام الأخيرة، بعدما طلب الموسيقي الأميركي نيل يونغ حذف أعماله منها، ثم تبعته الكندية جوني ميتشل، احتجاجاً على ما قيل إنه انتشار للأخبار الزائفة والمضللة بشأن وباء كورونا واللقاحات المضادة للفيروس، فهل يتبعهما آخرون؟ وهل يستحق المذيع المثير للجدل جو روغان تضحية "سبوتيفاي" بهذه الأعمال الموسيقية من أجله؟
الأربعاء أكدت "سبوتيفاي" حذف أعمال المغني نيل يونغ، في ظل إصراره على موقفه من مذيعها المثير للجدل جو روغان الذي اتهمه بنشر معلومات مضللة حول جائحة "كوفيد-19" واللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وكان نيل يونغ، صاحب أغنيتي "هارت أوف غولد" و"هارفست مون"، كتب رسالة الأسبوع الماضي، قال فيها إنّ "سبوتيفاي" تنشر معلومات خاطئة حول اللقاحات، ما يتسبّب بالتالي في وفاة الأشخاص الذين يصدّقونها. وأضاف: "أريدكم أن تُعلموا سبوتيفاي من اليوم أنّني أريد إزالة الموسيقى الخاصة بي من منصتها. يمكن أن تنشر المنصة أعمال روغان أو يونغ، لكن ليس الاثنين معاً".
ونشر رسالة ثانية على موقعه الإلكتروني الأربعاء، شكر فيها شركة التسجيلات "وارنرز ريبرايز ريكوردز" لدعمها "دفاعاً عن الحقيقة". وقال إن حسابات "سبوتيفاي" تستحوذ على 60 في المائة من إجمالي إيرادات بث أغانيه عالمياً، لكنّه رأى أنّ تمسكه بموقفه يستحق، لأنّ المنصة "أصبحت مأوى للمعلومات المضللة بشأن كوفيد-19 التي تهدد حياة من يتلقونها". وأضاف أنّ "الأكاذيب تباع من أجل المال".
ولدى نيل يونغ 2.4 مليون متابع، وأكثر من 6 ملايين مستمع شهرياً، على "سبوتيفاي".
وفي بيان نشرته مواقع إخبارية أميركية الأربعاء، أكدت المنصة أنّها "تريد توفير كلّ المحتوى الموسيقي والصوتي لمستخدميها. لكنّ الأمر لا يخلو من مسؤولية كبيرة، إزاء الموازنة بين سلامة المستمعين وحرية المبتكرين". وأفادت بأنّها حذفت أكثر من 20 ألف مدونة صوتية (بودكاست) متعلقة بفيروس كورونا منذ بدء الجائحة. وأسفت لقرار نيل يونغ سحب موسيقاه منها، وتمنت عودته قريباً.
والجمعة، انضمت المغنية وكاتبة الأغاني الكندية، جوني ميتشل، إلى يونغ. وفي ملحوظة على موقعها الرسمي تحت عنوان "أنا أساند نيل يونغ!"، كتبت جوني ميتشل: "قررت حذف كل أغانيّ من سبوتيفاي. أشخاص غير مسؤولين ينشرون أكاذيب تكلف الناس حياتهم. أساند نيل يونغ والمجتمعات العالمية العلمية والطبية في هذا الشأن". ولم يتضح متى ستحذف أغاني جوني ميتشل من المنصة السويدية.
نيل يونغ وجوني ميتشل صديقان منذ سنوات، وكلاهما ناجيان من شلل الأطفال. أصيب كلاهما بالمرض في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، قبل وقت قصير من توفر اللقاح المضاد له.
وانتشر على منصة "تويتر" أخيراً وسم #DeleteSpotify (احذفوا سبوتيفاي)، وقال مغردون عبره إنّهم ألغوا اشتراكاتهم في المنصة، لدعم الموسيقي البالغ من العمر 76 عاماً.
أما جو روغان الذي تتمسك به "سبوتيفاي" إلى الآن فيقدم مدونات صوتية (بودكاست)، تحت عنوان "ذا جو روغان إكسبيرينس" ووقّع العام الماضي عقداً يُقدّر بنحو مائة مليون دولار أميركي مع منصة البث. ولا يشجّع روغان تلقي الشباب اللقاح المضاد لكورونا، بل يشجّع اللجوء إلى الـ"إيفرمكتين"، وهو علاج غير مرخّص ضد الفيروس.
وأفاد موقع "ذا فيردج"، الجمعة، بأنّ موظفي "سبوتيفاي" يشعرون بالاستياء إزاء تمسك شركتهم بجو روغان، بسبب مواقفه من اللقاحات. وشارك الموقع نفسه مذكرة من المسؤولة داستي جنكينز، أشارت فيها إلى أنّ حلقات روغان لا تخالف معايير المنصة، وأحالتهم إلى صفحة الإرشادات الداخلية.
وكان 270 طبيباً وأستاذاً وعالماً وجهوا رسالة مفتوحة إلى "سبوتيفاي"، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يطلبون فيها من المنصة تعديل المعلومات الخاطئة التي تنشرها، معتبرين أنّ نشر معلومات كهذه "مشكلة اجتماعية أبعادها مدمّرة".
ولدى "سبوتيفاي" تاريخ في اتخاذ القرارات السيئة؛ خاضت حرباً علنية شرسة ضد المغنية وكاتبة الأغاني الأميركية تايلور سويفت عام 2014، بسبب حقوق الملكية. وسلطت الأضواء عليها عام 2018، مع سياسات "المحتوى الذي يحض على الكراهية والسلوك البغيض" الفاشلة التي سخرت لاستهداف محتوى الفنانين السود بشكل خاص.
إلى ذلك، لم توفر منصة "آبل ميوزيك" فرصتها لإثارة غيرة منافستها "سبوتيفاي" فبعد يوم من موافقة الأخيرة على حذف أعمال نيل يونغ، نشر حساب "آبل ميوزيك" على "تويتر" تغريدة ثبتها في رأس الصفحة، أطلقت فيها المنصة على نفسها اسم "منزل نيل يونغ". وروجت لألبوماته في قسم التصفح الخاص بها، تحت شعار "نحبّ نيل".
يذكر أنّ "سبوتيفاي" أفادت في الربع الثالث من العام الماضي بأنّ عدد مستخدميها الذين يدفعون اشتراكاتهم بلغ 172 مليونا، علماً أنّها متوافرة في 92 سوقاً. ولم تكشف "آبل" عن أرقام مماثلة منذ عامين. لكنّ تقريراً إخبارياً حديثاً أشار إلى أنّها لا تزال متخلفة عن "سبوتيفاي" في السوق.
وفي حين أنّ جو روغان لا مكان له على "آبل ميوزيك" إلّا أنّ منصة الشركة للمدونات الصوتية "آبل بودكاستس" تقدم برنامج "بانونز وور روم" لستيف بانون المثير للجدل والمعروف بنشر معلومات مضللة.