- يستعرض التقرير شهادات صادمة وتصريحات تدعو لقتل وتجويع سكان غزة، مع تكرار الحملات أسبوعيًا وتحشيد مستوطنين يعترضون طريق الشاحنات ويقيمون طقوسًا دينية متطرفة.
- يُظهر التقرير خططًا لتفريغ غزة وبناء مستوطنات جديدة، مع تصريحات تدعم هذه الفكرة وردود فعل غاضبة على المنصات التي عُرض عليها، مما يعكس استياء عام من التطرف.
نشر موقع "ذا غراي زون" المتخصص في الصحافة الاستقصائية، تقريراً مصوراً مدته 17 دقيقة، تحت عنوان "اقتلوهم جميعاً: داخل الحصار الإسرائيلي على مساعدات غزة" ('Kill them all': inside the Israeli blockade on Gaza aid). يحقق التقرير الذي أعده الصحافي الأميركي، جيريمي لوفريدو، في حملات الاعتداء المنظمة التي قادتها مجموعات المستوطنين بحماية جنود الاحتلال ضد قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة المحاصر، كما استعرض التقرير الآراء المتطرفة والصادمة التي نادت بمحو القطاع وبناء المستوطنات بدلاً منه.
رافق الصحافي لوفريدو مجموعات المستوطنين، لمدة أسبوع، وثّق خلاله كيف تجمّع المستوطنون في الحافلات في القدس والضفة الغربية وعدد من المستوطنات غير القانونية على الطريق، ثم اتجهوا إلى حدود القطاع حيث المعابر، لاعتراض طريق الشاحنات المحملة بالطحين والسلع الأساسية، فمنعوا بعضها من المرور وخربوا بعضها الآخر.
كان صادماً في التقرير الذي عرض هذا الأسبوع، ظهور طفلة من بين مجموعات المعتدين وهي تدعو إلى قتل وتجويع فلسطينيي القطاع، وذلك بعد أن سألها الصحافي: "لن يدخلهم طعام أو أي شيء؟" لتكون إجابتها: "لا شيء، لا يستحقون ذلك"، ثم تابعت: "اقتلوهم لا يهمني". وعندما سألها عن مدى ثقتها بالفلسطينيين، قالت: "لا أثق بالفلسطينيين، أريدهم خارجاً من هنا".
يبين التقرير أن مثل هذه الحملات تتكرر ثلاث وأربع مرات في الأسبوع. تَحشد بواسطة دعواتها مئات المستوطنين الذين يتوافدون بسياراتهم وخيامهم وهراواتهم إلى حدود القطاع والحدود المصرية. يبيتون عدة ليالٍ لمراقبة الطرقات والشاحنات وشل حركة المرور. بعضهم يقيم الطقوس الدينية وهم الأكثر تطرفاً، ويصيحون بأعلى صوتهم: "يمكن أن يموت سكان غزة جوعاً لأن هذه الأرض لنا".
الأهم في التقرير كشفه عن وجود مخططات لتفريغ قطاع غزة من سكانه بعد تدميره، ومن ثم بناء مستوطنات كبيرة لتسكنها "العائلات اليهودية". وفي هذا الصدد، قالت مستوطِنة: "غزة هي جزء من دولة إسرائيل. لن نتركها لحماس لتصبح مدينة للإرهابيين". ولفتت في حديثها إلى أن إجراءات الاستيطان بدأت منذ مدة وأن "لدينا بالفعل قوائم لنحو 500 عائلة مستعدة على الفور للانتقال إلى شمال ووسط وجنوب غزة. لدينا مكان بنائها، ولدينا أسماء المدن".
إنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها الكلام عن أن "الحل هو الاستيطان" في غزة، وهو ما صرح به، قبل أيام، قائد كتيبة 82 في لواء المدرعات في جيش الاحتلال، أوفير كاسبي، عندما قال: "في الوقت الذي ندخل فيه رفح سيتحتم على الجيش إبقاء الأرض تحت سيطرته. من وجهة نظري أن الحل هو الاستيطان". هذا التعليق جعل بعض قادة الاحتلال تسارع إلى توبيخ كاسبي وتحاول رده عن تصريحاته بالقول إنه "أدرك خروجه عن المألوف والتعامل الرسمي المتوقع منه بوصفه ضابطاً يرتدي الزي العسكري".
على صعيد آخر، تضمن التقرير اعترافاً خطيراً أدلى به جندي احتياطي في جيش الاحتلال، كان قد شارك في الهجوم على القطاع وهو يشارك الآن في تجويع سكانه، إذ اعترف أمام الكاميرا: "فجرنا منازل الإرهابيين والمساجد ومكاتب الأمم المتحدة. أتذكر دخلنا إلى مكتب تابع للأمم المتحدة كان مسؤولاً عن مساعدة العائلات في غزة المتأثرة بالحرب ودمرناه".
أثار التقرير موجات غضب وردات فعل واسعة على المنصات التي عرض عليها. وعلّق بعض المستخدمين على الفيديو بعبارات مثل "ما هذا القرف؟"، و"يتساءلون لماذا يتعاطف العالم مع اللصوص الكذابين؟"، و"مرضى نفسيون ولصوص" وكثير من العبارات المشابهة التي تعبر عن الاستياء من سلوك المستوطنين المتطرف كما ظهر في التقرير.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يكشف فيها موقع "ذا غراي زون" عن أحداث مشابهة تتعلق بأحداث العدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، فقد فضح الموقع سابقاً رواية إعلام الاحتلال التي تبناها الإعلام الغربي ورددها من دون تمحيص في أن "مسلحين فلسطينيين من قطاع غزة المحاصر قتلوا 40 طفلاً رضيعاً، وجزوا رؤوس عديد منهم، في أثناء توغلهم في مستوطنة على حدود غزة".
كذّب الموقع هذا الادعاء وبيّن أن مصدره هو جندي احتياطي في جيش الاحتلال يدعى ديفيد بن صهيون، كان في السابق قائد مجموعة مستوطنين متطرفة في الضفة الغربية ومحرضاً على أعمال الشغب فيها.