استمع إلى الملخص
- الجدل يتسع بين دعم حق المذيعين في تعبيرهم الثقافي وبين مطالبة بوحدة الهوية البصرية للتلفزيون، مع تدخل المجلس الأعلى لنظارات البجا مطالباً بطرد المدير العام.
- والي البحر الأحمر يحاول تهدئة الأوضاع بإعلان تشكيل مجلس تحقيق، فيما تنفي الهيئة الاتهامات وتدعو للتركيز على "معركة الوطن"، مسلطة الضوء على تحديات التعددية الثقافية.
اقتحم محتجون في مدينة بورتسودان، اليوم الخميس، مقر تلفزيون السودان الرسمي المؤقت، وأمروا العاملين بمغادرته تحت التهديد. وجاء الاقتحام إثر منشور للمذيعة زينب إيرا، قالت فيه إنّ المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون إبراهيم البزعي هدّدها بالطرد بسبب ارتدائها الزي التقليدي لقبائل البجا قبيل تقديمها واحدة من نشرات الأخبار.
وعبرت إيرا عن أسفها لتعرضها للتمييز في تلفزيون السودان، الذي يجب "أن يعبر عن كافة أطياف المجتمع السوداني بتعدّده المميز"، بحسب ما كتبته على "فيسبوك". كما شدّدت على تمسّكها بلباسها، واعتبرت أنّ الزي جزء من هويتها لن تتنازل عنه.
ووجد المنشور أصداء واسعة في الأوساط الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي، وانقسمت الآراء بين مؤيد لموقف المدير العام بحجة وحدة الهوية البصرية للتلفزيون، وبين مساند لحق المذيعين في ارتداء أزياء تعكس هوياتهم الثقافية والاجتماعية. كذلك، تدخل المجلس الأعلى لنظارات البجا، وهو جسم قبلي ينشط في الدفاع عن قبائل البجا، وأمهل الحكومة 24 ساعة لطرد المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون.
وفوجئ العاملون في تلفزيون السودان بدخول مجموعة من المحتجين إلى المقر صباح الخميس، وطالبوهم بالخروج من المبنى، قبل أن يعلنوا سيطرتهم عليه عبر نشرهم مقاطع على المنصات تظهرهم يتجولون ويرقصون في المكاتب والاستوديوهات.
وخاطب والي البحر الأحمر، مصطفى محمد نور، المحتجين في محاولة لتهدئتهم، وأبلغهم بأن وزير الإعلام سيشكل مجلس تحقيق حول حادثة الخلافات بين المذيعة زينب إيرا ومدير تلفزيون السودان إبراهيم البزعي، ونقلت وسائل الإعلام عن الوالي قوله إن القانون سيأخذ مجراه.
وكان تلفزيون السودان الرسمي قد نقل بثه إلى مقر مؤقت في بورتسودان، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المقر الرئيسي في مدينة أم درمان، شمالي الخرطوم. لاحقاً، في مارس/ آذار الماضي، استعاد الجيش السيطرة على المقر، لكنّه أصيب بأضرار بالغة نتيجة المعارك، ممّا حال دون تشغيله مرة أخرى.
وكانت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قد نفت، في بيان لها، ما نسب إلى مديرها العام من إبداء ملاحظات سلبية تجاه الزي الذي ترتديه مذيعة تنتمي إلى أحد مكونات شرق السودان، ممّا فسّر رفضاً لهوية وثقافة المكون القبلي لهذه المذيعة. كذلك، أكدت إدارة الهيئة أن الحادثة وقعت قبل أربعة أشهر، ولم ترد خلالها أي إساءة إلى أيّ مكون قبلي، مستغربةً إثارته بعد مرور كل هذا الوقت.
وأشار البيان إلى أنّ المدير العام أبدى ملاحظة للمذيعة حول التحية باللغة البجاوية في نشرة الأخبار وتقبلت ذلك. كما أكد البيان أنّ الهيئة تحترم كافة المكونات القبلية في شرق السودان، ودعت إلى "عدم الالتفات لكل ما يصرف عن معركة الوطن (..) التي تتطلب تكاتف الجميع".
انقسام حول تلفزيون السودان
واستنكرت ثيوبة هاشم عبر "فيسبوك" قرار منع المذيعة زينب إيرا من الظهور بالزي البجاوي.
من جهتها، شدّدت الصحافية سمر سليمان على أهمية الاعتراف بالتنوع الثقافي وتقديره، معلنةً تضامنها الكامل مع زميلتها زينب إيرا.
فيما رأى رئيس تحرير صحيفة الكرامة، محمد عبد القادر، أنّه من حق مدير التلفزيون أن يحدد الأزياء حسب هوية الشاشة، مشيراً إلى أنه مع تقديره للأزياء المحلية المرتبطة بالقبائل السودانية، إلّا أنّ الثوب السوداني والجلابية والعمة متفق عليها من قبل جميع السودانيين، ممّا يحافظ على هوية التلفزيون وشكل الشاشة. وأضاف: "لو انفتحنا على كل أزيائنا المحلية، فإن الأمر سيكون مزعجاً جداً بسبب العدد الكبير من القبائل".
ووصف أحمد إبراهيم اقتحام مقر تلفزيون السودان بأنّه يعكس "حالة الفوضى والعنجهية التي وصلت إلى مداها"، داعياً في منشور عبر "فيسبوك" إلى نقل مقر القناة من بورتسودان إلى "أي مدينة آمنة".