استياء من إعدام القطط في مسلسل "ولاد بديعة"
نور عويتي
- رغم تأكيد صناع المسلسل على عدم قتل أي حيوان خلال التصوير، إلا أن الانتقادات تمحورت حول عدم ضرورة هذه المشاهد العنيفة درامياً وتأثيرها السلبي على المشاهدين.
- تجاوز المسلسل الحدود في تصوير العنف، مع تقديم بدائل إخراجية ممكنة لتجنب تعذيب الحيوانات، وسط تجاهل للتأثير السلبي على الوعي العام تجاه معاملة الحيوانات في الشارع السوري.
أثارت الحلقة الرابعة من مسلسل "ولاد بديعة" استياء الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب عرض مشاهد لإعدام مجموعة من القطط الصغيرة.
وعلى الرغم من أن صناع المسلسل أشاروا قبل بداية الحلقة إلى أنهم استعانوا باختصاصيين، وأنّه لم يتم قتل أي حيوان أثناء تصوير المشاهد، لكن ذلك لا يُبرر العنف الذي تم عرضه على الشاشة، ولا يُفسر تعذيب الحيوانات التي استُخدمت لتصوير مشاهد ليس لها أي ضرورة درامية في سياق العمل.
لم يكن مشهد إعدام القطط أوّل المشاهد العنيفة في مسلسل "ولاد بديعة"، فافتتاحية المُسلسل احتوت على مشاهد عنيفة مُبالغ فيها، إذ تم تصوير بعض الطقوس الشعبية بطريقة فجة.
وبدأت الحلقة الأولى من المسلسل بمشهد ختان طفل رضيع، صور الطفل فيه عارياً، قبل أن تُعرض لقطة للمقص عليها قطعة اللحم المبتورة. وفي المشهد التالي ذُبح خروف الأضحية. يُمكن تبرير هذه المشاهد العنيفة التي وردت في الحلقة الأولى، لأنها من ناحية تُصوّر طقوساً شعبية حقيقية تُمارس في الشارع السوري، ولأن مُخرجة المسلسل رشا شربتجي لم تُصورها بالكامل، واكتفت بالإيحاء لما حدث. مع العلم أن الدراما السورية صوّرت فيما مضى مشاهد ذبح الأضحية بصورة أكثر فجاجة، كما حدث في مسلسلات نجدة أنزور مثلاً، الذي ذبح خروفاً لتصوير مشهد، وتضمنت مسلسلاته مشاهد وحشية ضد الحيوانات، أشهرها قطع ذنب الجحش في مسلسل "نهاية رجل شجاع".
وارتقى مشهد إعدام القطط إلى المستوى ذاته من الوحشية، حيث صور بتفصيل مشين قططاً مشنوقة تلفظ أنفاسها الأخيرة. وكان المُبرر الدرامي لاستخدام هذا المشهد ضعيفاً للغاية، فقد جاء المشهد في سياق التعريف بالجانب العنيف والمرضي لشخصية مختار مُنذ أن كان طفلاً، إذ كان يسرق القطط الصغيرة من "ولاد بديعة" وينصب لها المشانق، وهو مشهد يتكرر بعدما يكبر "مختار"، ليُظهر الجانب الوحشي في الشخصية التي يؤديها الممثل محمود نصر.
كل هذه السمات عن الشخصية تعرّف عليها المُشاهد قبل الوصول إلى الحلقة الرابعة، ولم يكن هناك داعٍ لإضافة المزيد من اللقطات التي تؤكد الجانب الوحشي للشخصية. زاد أسلوب إخراج المشاهد من عمق المشكلة، إذ كان هناك عدد كبير من الحلول الإخراجية التي يمكن أن تؤدي الغرض ذاته من دون تعذيب القطط.
على سبيل المثال، كان من الممكن تصوير اللقطة ذاتها من خلال اللوحة التي يرسمها مختار، لنُشاهد القطط مشنوقة بعد أن يسرقها. وإذا كانت رشا شربتجي تُريد أن تجعل اللقطة أكثر وحشية، كان عليها أن تستعين بمجسمات اصطناعية للحيوانات، كما يحدث في تصوير هذا النوع من المشاهد في المسلسلات والأفلام الأجنبية، وهي الطريقة التي اتبعت في تصوير مسلسل "دامر"، الذي يقوم بقتل الحيوانات وتشريحها.
وبعيداً عن السياق الدرامي، فإن أكبر مشكلة في هذا النوع من المشاهد أنها لا تُراعي خصوصية الموضوع في ما يخص الشارع السوري الذي يتفشّى فيه العنف ضد الحيوانات الأليفة، إذ تحاول منظمات حماية الحيوان في دمشق، حتى اليوم، إطلاق حملات توعية للأطفال والمراهقين لعدم أذية الحيوانات الشاردة في الطريق من قطط وكلاب، لكن جاء "ولاد بديعة" ليلعب دوراً عكسياً ويُعرّف المراهقين على أساليب جديدة لتعذيب الحيوانات.