خلال الشهر الماضي عقد مؤسسا شركة غوغل، لاري بيج وسيرغي برين، عدة اجتماعات مع المسؤولين التنفيذيين، حول منتج بدا كما لو أنه يمكن أن يكون التهديد الأول الفعلي، منذ عقود، لأعمال الشركة في مجال البحث التي تبلغ قيمتها 149 مليار دولار.
بيج وبرين اللذان لم يقضيا وقتاً طويلاً في "غوغل"، منذ تخليهما عن واجباتهما اليومية فيها عام 2019، راجعا استراتيجيتها المتعلقة بمنتجات الذكاء الاصطناعي، وفق ما قاله شخصان على علم بمضمون الاجتماعات لصحيفة نيويورك تايمز، الجمعة. وافقا على خطط، واقترحا أفكاراً لإدخال المزيد من روبوتات المحادثة في محرك البحث عبر الإنترنت.
هذه العودة تعكس حجم الخطر الذي شعر به المسؤولون التنفيذيون في الشركة إزاء تقنيات الذكاء الاصطناعي ومنتجها الأبرز أخيراً، روبوت المحادثة "تشات جي بي تي" ChatGPT. هذا الروبوت طرحته شركة أوبن إيه آي OpenAI الصغيرة في سان فرانسيسكو، قبل شهرين، وأبهر مستخدميه، بقدرته على تبسيط المبادئ المعقدة وابتكار أفكار من الصفر. وما أثار قلق "غوغل" تحديداً أنّ هذا الروبوت بدا كأن بإمكانه تقديم طريقة جديدة للبحث عبر شبكة الإنترنت. شركة مايكروسوفت، الداعمة لـChatGPT، لفتت إلى أنها ستستخدمه لتقوية محرّك بينغ الذي لطالما كان منافساً لمحرّك غوغل.
استجابة لهذا التهديد الذي شعرت به "غوغل"، طلب رئيسها التنفيذي، ساندر بيتشاي، التفرغ لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. تنوي "غوغل" الكشف عن أكثر من 20 منتجاً جديداً وإطلاق نسخة من محركها للبحث، فيها ميزات روبوت الدردشة، هلال العام الحالي، وفقاً لما كشفته "نيويورك تايمز". في الوقت نفسه، تخفض الشركة الأم لـ"غوغل"، ألفابت، من عدد موظفيها.
إذ أعلنت الجمعة تخليها نحو 12 ألف موظف، "استجابة للواقع الاقتصادي المتغير". وكتب بيتشاي للموظفين في بريد إلكتروني: "على مدى العامين الماضيين، شهدنا فترات من النمو الهائل. لمواكبة هذا النمو ودعمه، وظّفنا عدداً من الأشخاص استجابة لواقع اقتصادي مختلف عن الواقع الذي نواجهه اليوم". وأضاف: "أجرينا مراجعة صارمة عبر مجالات المنتج والأدوار الوظيفية، لضمان توافق موظفينا وأدوارنا مع أولوياتنا القصوى كشركة". في نهاية سبتمبر/ أيلول 2022، بلغ إجمالي الموظفين لدى "ألفابت" حول العالم نحو 187 ألف شخص.
في الرسالة نفسها، قال بيتشاي إن تسريح هذه الأعداد من الموظفين "سيعزّز تركيزنا" على أولويات جديدة، مشيراً إلى ضرورة زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. وأضاف: "كوننا مقيدين في بعض المجالات يسمح لنا بالرهان بشكل أكبر على مجالات أخرى".
وفقاً لـ"نيويورك تايمز"، اجتمع أعضاء مجلس مراجعة التكنولوجيا المتقدمة في "غوغل" بعد أقل من أسبوعين من ظهور ChatGPT. راجعوا خطط المنتجات التي كان من المتوقع إعلانها في مؤتمر الشركة في مايو/ أيار الماضي، وبينها Image Generation Studio الذي ينشئ الصور ويعدلها، وإصدار ثالث من A.I. Test Kitchen. تضمنت المشاريع أيضاً ميزة تسمى Shopping Try-on، وهي شاشة خضراء على "يوتيوب" لإنشاء الخلفيات، وصانع خلفية لهاتف بيكسل، وتطبيق يسمى Maya يصور الأحذية بتقنية ثلاثية الأبعاد، وأداة يمكنها تلخيص مقاطع الفيديو وإنشاء مقطع فيديو جديد. وبالنسبة إلى خططها في مجال الاستفادة من روبوت المحادثة في محرك البحث، فإن الحصول على الحقائق الصحيحة وضمان السلامة والتخلص من المعلومات المضللة، على رأس أولوياتها. تنوي الشركة، على سبيل المثال، حظر كلمات معينة لتجنب الخطاب الذي يحض على الكراهية، وستحاول تقليل المشكلات المحتملة الأخرى.