استمع إلى الملخص
- **دراسة معهد برشلونة للصحة العالمية**: أظهرت دراسة أن تعرض المجتمعات الأوروبية للحرارة انخفض تدريجياً، مما قلل من الوفيات المرتبطة بالحرارة بنسبة 80%. سجلت إيطاليا أعلى عدد من الوفيات بـ 12,743 حالة، وكانت جنوب أوروبا الأكثر تضرراً.
- **أهمية التكيف والتخفيف من آثار الحرارة**: التقدم الاجتماعي والاقتصادي، والسلوك الفردي، وتدابير الصحة العامة ساهمت في تقليل تأثيرات موجات الحرارة، لكن الباحثين يحذرون من أن الأرقام الحالية قد تقلل من تقدير العبء الفعلي للوفيات المرتبطة بالحرارة.
تسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة في وفاة أكثر من 47 ألف شخص في أوروبا في 2023، وهو العام الأكثر دفئاً على الإطلاق على مستوى العالم، وثاني أكثر الأعوام دفئاً في أوروبا. وعلى الرغم من أن البشر يظهرون قدرة أفضل على الصمود في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة، فإنّ الخبراء يحذّرون من أن الحكومات يجب أن تتخذ إجراءات للتخفيف من آثار المزيد من الاحتباس الحراري العالمي.
وفقاً لدراسة أعدها باحثون في معهد برشلونة للصحة العالمية (ISGlobal)، نشرت يوم 12 أغسطس/ آب الحالي في مجلة نيتشر ميديسن، فإن تعرض المجتمعات الأوروبية إلى الحرارة انخفض تدريجياً على مدار القرن الحالي، ويقدرون أنه من دون عمليات التكيف المجتمعية هذه، كان عبء الوفيات المرتبطة بالحرارة خلال العام الماضي ليكون أعلى بنسبة 80%.
استخدم الباحثون سجلات درجات الحرارة والوفيات من 823 منطقة في 35 دولة أوروبية للفترة من 2015 إلى 2019 لملاءمة النماذج الوبائية لتقدير الوفيات المرتبطة بالحرارة في كل منطقة أوروبية على مدار عام 2023. وكان جنوب أوروبا الأكثر تضرّراً، حيث سجلت اليونان وبلغاريا وإيطاليا وإسبانيا وقبرص أعلى نسبة من الوفيات المرتبطة بالحرارة لكل مليون نسمة.
وفي ما يتعلّق بعدد الوفيات الفعلية، شهدت إيطاليا أعلى عدد من الوفيات، فتوفي 12 ألفاً و743 شخصاً بسبب الحرارة. وسجلت بلجيكا 324 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة. كان معدل الوفيات أعلى بنسبة 55% بين النساء منه بين الرجال، وأعلى بنسبة 76% بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً مقارنة بالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و79 عاماً.
تشير المؤلفة الرئيسية للدراسة إليزا غالو، باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد برشلونة للصحة العالمية، إلى أن معدلات الوفيات كانت لتكون أعلى بنسبة 80% إن لم يُظهر المجتمع قدرةً أفضل على الصمود في مواجهة الحرارة الشديدة في السنوات الخمس والعشرين الماضية.
وتوضح غالو، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ الظروف الاجتماعية والاقتصادية الأفضل، والسلوك الفردي وتدابير الصحة العامة، ساهمت في التخفيف من حدة تأثيرات موجات الحرارة، إذ "تظهر نتائجنا كيف كانت هناك عمليات تكيف مجتمعية مع درجات الحرارة المرتفعة خلال القرن الحالي، والتي قللت كثيراً من الضعف المرتبط بالحرارة وعبء الوفيات في فصول الصيف الأخيرة، وخاصة بين كبار السن". وتشدّد الباحثة على ضرورة الجمع بين تدابير التكيف وجهود التخفيف من جانب الحكومات والسكان لتجنب الوصول إلى نقاط التحول والعتبات الحرجة في توقعات درجات الحرارة.
يشير هذا إلى أننا أقل عرضة للحرارة مما كنا عليه في بداية القرن، ربما نتيجة للتقدم الاجتماعي والاقتصادي العام، وتحسينات السلوك الفردي وتدابير الصحة العامة مثل خطط الوقاية من الحرارة التي نُفذت بعد صيف 2003 القياسي"، تقول غالو.
ويحذر مؤلفو الدراسة من أن هذه الأرقام قد تُقلل من تقدير عبء الوفيات المرتبط بالحرارة الفعلي. ونظراً إلى عدم توفر سجلات الوفيات اليومية المتجانسة خلال عام 2023، فقد اضطروا إلى استخدام إحصاءات الوفيات الأسبوعية من قاعدة البيانات المكانية الأوروبية "يوروستات".
وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة لانسيت ريجونال هيلث، أظهر نفس المؤلفين أن استخدام البيانات الأسبوعية من شأنه أن يؤدي إلى التقليل من تقدير عبء الوفيات المرتبط بالحرارة، ووصفوا منهجية لتصحيح هذا التحيز.
يقدر الباحثون أن عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023 ربما كان في الواقع نحو 58 ألف حالة وفاة في 35 دولة تمت دراستها، على الرغم من أنه لا يمكن الحصول على تقدير أكثر دقة إلا إذا جرى توفير قواعد بيانات الوفيات المحسنة للمجتمع العلمي.
ويلفت الباحثون إلى أن الحرارة الشديدة لها تأثير ضار على واحد من كل خمسة أطفال في العالم، إذ يعيش نحو 465 مليون طفل في مناطق تضاعف فيها احتمال حدوث موجة حر في العقود الستة الماضية، وهي حقيقة يجب أن تكون بمثابة "تحذير صارخ" حول سرعة وحجم تغير المناخ.