استمع إلى الملخص
- أشار مجلس منظمات حقوق الإنسان إلى أن القرار يهدف إلى ترهيب المواطنين ووسائل الإعلام، داعين إلى حوار وطني جاد لتعزيز الوحدة الوطنية واحترام سيادة القانون.
- بررت اللجنة الوزارية القرار بمخالفة القناة للقوانين المحلية وبث مواد "تحريضية"، وسط توتر متزايد بسبب حملة عسكرية في مخيم جنين.
طالبت منظمات حقوقية وهيئات مدنية فلسطينية، اليوم الخميس، الحكومة الفلسطينية بالتراجع عن قرار تجميد عمل قناة الجزيرة في الأراضي الفلسطينية.
ودعت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" الحكومة الفلسطينية إلى إلغاء القرار الذي أصدرته اللجنة الوزارية المختصة بترخيص المحطات الإذاعية والتلفزيونية، والذي يشمل وقف بث قناة الجزيرة وتجميد كافة أنشطتها في فلسطين، بما في ذلك عمل مكتبها والعاملين معها من صحافيين وطواقم.
وفي خطاب وجهته الهيئة إلى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، شددت على ضرورة التراجع عن القرار في إطار القانون الأساسي الفلسطيني، الذي يحظر الرقابة على وسائل الإعلام. ووفقاً للهيئة، فإن المادة (27/3) من القانون الأساسي تنص على أنه "تحظر الرقابة على وسائل الإعلام، ولا يجوز إنذارها أو وقفها أو مصادرتها أو إلغاؤها أو فرض قيود عليها إلا وفقاً للقانون وبموجب حكم قضائي".
بدوره، طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان، السلطة الفلسطينية بالتراجع عن قرارها بوقف بث قناة الجزيرة وتجميد أعمال مكتبها في فلسطين. واعتبر المركز أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات والقرارات التي اتخذتها السلطة، أخيراً، والتي تمس بالحق في حرية التعبير، المكفول بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، كما يتعارض مع التزامات دولة فلسطين كطرف متعاقد على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعا المركز إلى وقف هذه الإجراءات فوراً، مؤكداً أهمية حماية الحق في حرية الرأي والتعبير، باعتبارهما "حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية". وأوضح أن قرار تجميد نشاطات قناة الجزيرة في الضفة الغربية يشكل انتهاكاً صارخاً لحرية التعبير والحريات الصحافية.
كما حث المركز السلطة الفلسطينية على التراجع عن القرار وكافة الإجراءات التي تقيّد حرية التعبير، مشدداً على ضرورة التزام فلسطين بتعهداتها الدولية، وتوفير الحماية اللازمة للصحافيين ووسائل الإعلام، لتمكينهم من أداء مهامهم بحرية ودون قيود.
من جهته، أكد مجلس منظمات حقوق الإنسان وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في بيان، أنهم يتابعون بقلق الإجراءات والقرارات الرسمية التي تقيد حرية الرأي والتعبير، والتي صدرت عن بعض الجهات الرسمية، من بينها قرار النائب العام بوقف وتجميد عمل قناة الجزيرة في فلسطين.
وأشار البيان إلى أن قرارات بعض المحافظين ووزارات ومديريات وبلديات تطالب موظفيها بالمشاركة في وقفات مؤيدة للموقف الرسمي تحت طائلة المسؤولية، كما تداولت مقاطع فيديو تظهر موقوفين يجبرون على الاعتذار عن آرائهم التي عبروا عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم تعرض للتعذيب وسوء المعاملة.
وأكد المجلس والشبكة أن مثل هذه القرارات تنتهك أحكام القانون الأساسي الفلسطيني وتهدف إلى ترهيب المواطنين ووسائل الإعلام. كما أوضحا أن أي تعبير مخالف لرؤية السلطات الرسمية قد يواجه بعواقب وخيمة، مما يعزز الرقابة الذاتية بين المواطنين ووسائل الإعلام.
ولفت البيان إلى أن متابعة قضايا التوقيف المتعلقة بحرية الرأي أظهرت براءة جميع الموقوفين، مما يشير إلى أهمية حماية حرية التعبير في تصحيح المسار وتحقيق الصالح العام.
دعا المجلس والشبكة الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لتصحيح هذه الأوضاع وفتح تحقيق في التجاوزات. كما طالبا بالالتزام بصلاحيات الجهات الرسمية وفق القانون وفتح حوار وطني جاد يعزز الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الكبرى.
وفي ختام البيان، شدد المجلس والشبكة على أهمية مراجعة القرارات الأخيرة، مثل إغلاق مكتب قناة الجزيرة، بما يكفل احترام سيادة القانون والحقوق والحريات المكفولة دستورياً.
وكانت اللجنة الوزارية الفلسطينية المختصة، التي تضم وزارات الثقافة، والداخلية، والاتصالات، قد قررت، أمس الأربعاء، تجميد جميع أعمال مكتب الجزيرة في فلسطين، بما في ذلك عمل الصحافيين والعاملين مع القناة وطواقمها التابعة، بشكل مؤقت حتى يتم تصويب وضعها القانوني في الأراضي الفلسطينية"، مشيرة إلى أن "ذلك يأتي بسبب مخالفة فضائية الجزيرة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين".
ووفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فإن القرار جاء نتيجة إصرار قناة الجزيرة على بث مواد "تحريضية" وتقارير "تتسم بالتضليل"، و"تثير الفتنة وتتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية". وبموجب القرار، سيجري تجميد جميع أنشطة الجزيرة في فلسطين، بما في ذلك تغطية الأحداث السياسية والميدانية.
في المقابل، أفادت مصادر "العربي الجديد"، بأن أحد الأسباب الرئيسية لغضب السلطة الفلسطينية على قناة الجزيرة هو رفض القناة وصف المقاومين في "كتيبة جنين"، التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، بـ"الخارجين عن القانون" كما تدّعي السلطة.
في الأيام الماضية، تعرضت الجزيرة لحملة تشويه وتحريض وُجّهت ضدها، حيث اتهمت بإثارة الفتنة. وشملت هذه الحملة منعها من التغطية الميدانية بالقوة في محافظات شمال الضفة الغربية، من قبل أقاليم حركة فتح، إضافة إلى نقابة الصحافيين الفلسطينيين المحسوبة على السلطة. كما ظهرت تهديدات مباشرة لمراسلي القناة بالأذى الجسدي عبر صفحات إلكترونية محسوبة على الأجهزة الأمنية وحركة "فتح".
وتزامنت هذه التطورات مع استمرار الحملة العسكرية التي تشنها الأجهزة الأمنية الفلسطينية على مخيم جنين لليوم الثامن والعشرين على التوالي، مما فاقم التوتر بين السلطة الفلسطينية والإعلام، خصوصاً في ظل تصاعد حدة الانتقادات لطريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع الأحداث.
يذكر أن الحظر الإسرائيلي المفروض على قناة الجزيرة في رام الله انتهى في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وذلك بعد إغلاقها لمدة 45 يوماً بدأت في 22 سبتمبر/أيلول 2024. وقد جدد الحظر مرة أخرى، قبل أن يُرفع بشكل نهائي قبل أقل من عشرة أيام.