اتهامات لأعضاء في البرلمان الأوروبي بترويج الدعاية الروسية

01 ابريل 2024
أطلق نواب أوروبيون دعوات لفتح تحقيق داخل البرلمان (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قبل الحرب الأوكرانية الروسية، وُجهت اتهامات لليمين القومي المتشدد في الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع روسيا لنشر دعايتها، وهذه الاتهامات عادت مع اقتراب الانتخابات الأوروبية وكشف تلقي برلمانيين أوروبيين أموالاً من روسيا.
- استخبارات بلجيكية، تشيكية، وبولندية كشفت عن عملية تجسس روسية تستهدف الاتحاد الأوروبي، مما أثار قلقاً حول نفوذ روسيا وتأثيرها على السياسة الأوروبية، خاصة عبر اليمين القومي المتشدد.
- الكشف عن هذه العمليات أدى إلى مطالبات بفتح تحقيقات في البرلمان الأوروبي وزيادة الدعوات لمكافحة التأثير الروسي، مع تأكيدات من قادة أوروبيين على ضرورة التحقيق وتنفيذ إصلاحات لمنع التدخل الروسي.

قبل اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية بسنوات عاش الاتحاد الأوروبي على وقع اتهامات طاولت اليمين القومي المتشدد بارتباطه بعلاقات وثيقة مع روسيا، وخاصة على مستوى بث دعايتها لدى الرأي العام الأوروبي. اليوم، عاد السجال إلى الواجهة مع الحديث عن نفوذ كبير لروسيا داخل البرلمان الأوروبي وعن دفعها أموالاً لسياسيين، قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية.

وخلال الأسبوع الماضي ذكر رئيس الحكومة البلجيكية ألكسندر دي كرو، الذي تقود بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، بأن برلمانيين أوروبيين منتخبين تلقوا أموالاً للتأثير على الرأي العام الأوروبي، من خلال إعادة تدوير سرديات الكرملين والتشكيك بمواقف أوروبا في الصراع المستمر مع موسكو منذ غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.

جاء ذلك عقب كشف الاستخبارات البلجيكية والتشيكية، ولاحقاً البولندية، في الأسبوع الأخير من مارس/ آذار الماضي، عن "عملية تجسس روسية كبرى" في صفوف الأوروبيين.

علاقات روسية قديمة مع القوميين المتشددين

اتهامات أوروبا لروسيا بشأن التأثير على الرأي العام ليست جديدة، فمنذ العام 2014 وضعت علاقة أقطاب اليمين القومي المتشدد الوثيقة بالكرملين تحت المجهر. شمل ذلك على سبيل المثال زعيم حزب ليغا الإيطالي ماتيو سالفيني، ويمين فرنسا القومي بزعامة مارين لوبان، وأقطاب المعسكر نفسه في النمسا والدنمارك.

ولم تتغيّر الاتهامات الموجهة لروسيا منذ ذلك الحين، وتركّزت على محاولتها التأثير على الانتخابات في أوروبا، و"إضعاف الثقة في الاتحاد الأوروبي وتشكيل رأي عام لصالح موسكو"، بحسب ما نشره موقع بوليتيكو الأسبوع الماضي.

وكان دي كرو قد قال، الخميس الماضي، خلال مناقشة برلمانية في بروكسل: "تبين أن روسيا اتصلت بأعضاء في برلمان الاتحاد الأوروبي، ودفعت لهم أموالاً للترويج للدعاية الروسية". تجنب رئيس الوزراء البلجيكي الإشارة إلى أسماء سياسيين محدّدين بتهمة تلقي أموال لبث الدعاية الروسية، لكن مجموعات مختلفة في البرلمان الأوروبي صارت تطالب بضرورة فتح تحقيق في تلك الاتهامات.

ودفع الكشف الأخير رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إلى المطالبة بفتح تحقيق في القضية، خاصةً مع استمرار صراع رواية الطرفين الروسي والغربي منذ أن بدأت الحرب على أوكرانيا. بالتزامن مع تنامي حالة التململ الشعبي الأوروبي من امتداد الحرب، وتزايد الدعوات لإنهائها، حتى ولو كان ذلك مقابل أن "تتنازل أوكرانيا عن جزء من أراضيها لتحقيق السلام". مع تصاعد الرواية التي تروجها بعض القوى بأن أوروبا "انتهكت تعهدات في تسعينيات القرن الماضي بألا يتوسع حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى الشرق"، والتي تتوافق مع المبررات التي يقدمها الإعلام الروسي للحرب على أوكرانيا.

إضعاف رواية أوروبا حول أوكرانيا

قالت وسائل إعلام تشيكية إن موقع صوت أوروبا الإخباري، بالتعاون مع الأوليغارشي الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور ميدفيدتشوك، يُعدان "جزءاً نشطاً من عملية التأثير الروسي"، إذ أطل عبر الموقع الإخباري عددٌ من السياسيين من أقصى اليمين والأحزاب المتشككة بالاتحاد الأوروبي مكررين السرديات الروسية "لقاء أموال"، بحسب الاتهامات الأوروبية.

ورأى الأوروبيون المنزعجون من أخبار تغلغل موسكو في صفوف سياسيين وبرلمانيين، أن ما كشف عنه يعد بمثابة دليل على محاولات موسكو "إضعاف الاتحاد الأوروبي والتأثير على الانتخابات المقبلة وتقويض دعم أوكرانيا".

في هذا السياق، ذهبت وسائل إعلام تشيكية إلى نبش الاتهامات التي تعود إلى العام 2014، معتبرةً أن سياسيين من ألمانيا وفرنسا وبولندا وبلجيكا وهولندا والمجر حصلوا على أموال للتأثير على انتخابات الاتحاد الأوروبي المقبلة، فيما قالت صحيفة دير شبيغل الألمانية إنّ دفع الأموال كان "إما نقداً في اجتماعات احتضنتها براغ أو بالعملة المشفرة".

كما تتبع جهاز الاستخبارات البولندي ولاحق شبكة "تجسس ودعاية روسية"، وفقاً لما نقلته وكالة فرانس برس. وكتب المتحدث باسم جهاز الأمن البولندي جاسيك دوبرزينسكي، على وسائل التواصل الاجتماعي: "كانت عمليات جهاز الأمن الداخلي جزءاً من التحقيق في أنشطة تجسس لصالح روسيا موجهة ضد دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته".

وطاول الاتهام بالتجسس والعمل لمصلحة الدعاية الروسية قبل نحو شهرين من الكشف الجديد عضو الاتحاد الأوروبي اللاتفية تاتيانا زدانوكا، إذ بينت التحقيقات في يناير/ كانون الثاني الماضي أن البرلمانية البالغة من العمر 73 عاماً تتعاون مع جهاز الاستخبارات الروسي منذ عام 2003.

ووفقاً لخصومها، تعمل روسيا بنشاط على ترويج دعايتها بين الناطقين باللغة الروسية، كما في بعض دول البلطيق، مثل إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، التي كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي السابق.

وازداد قلق الأوروبيين من احتمال وصول قدرات روسيا إلى مستوى "اختراق الاتحاد الأوروبي" للتأثير على السردية الأوروبية قبل الانتخابات البرلمانية الأوروبية، والتي تنظم بين السادس والتاسع من يونيو/ حزيران المقبل.

ورأى كبير الباحثين في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية فليمنغ سبليدسبول هانسن أن الروس "صاروا بعد غزو أوكرانيا أكثر عدوانية في استخدام أساليب غير تقليدية للتأثير وجمع المعلومات في الغرب"، لافتاً إلى أن "موسكو ستواصل محاولات التأثير والدعاية في أوروبا والعمل على إيجاد أشخاص يمكنهم تجنيدهم أو ابتزازهم للتجسس أو الترويج لوجهات النظر الروسية في بروكسل".

وشهدت أوروبا منذ 2022 طرد عشرات الدبلوماسيين الروس بتهم متعلقة بالتجسس والعمل على التأثير على مجتمعات دول القارة الأوروبية.

وتزايدت الدعوات في البرلمان الأوروبي للتحقيق مع السياسيين والبرلمانيين المتهمين بالتواطؤ مع روسيا، وقال رئيس القسم الأوروبي في منظمة الشفافية الدولية نيك أيوسا إنه من واجب البرلمان أن "يحقق فوراً في ادعاءات التدخل الروسي، كما ينبغي أن ينفذ إصلاحات حقيقية يمكن أن تقضي على ثقافة الإفلات من العقاب التي سُمح لها بالبقاء لفترة طويلة جداً".

المساهمون