إيلون ماسك ودونالد ترامب... ودّ تحركه المصالح

08 سبتمبر 2024
إيلون ماسك الرجل الأكثر ثراء في العالم (Getty)
+ الخط -

في محادثة بثت مباشرة على منصة إكس مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أغسطس/آب الماضي، اقترح إيلون ماسك إنشاء "لجنة كفاءة حكومية". وقال ماسك، خلال حديثهما الذي استمر لأكثر من ساعتين، إن مثل هذا المجلس يمكنه ضمان "إنفاق أموال دافعي الضرائب بطريقة جيدة". رد ترامب قائلاً: "سأحب أن يحصل ذلك". الخميس الماضي، مضى ترامب قدماً في اقتراح إيلون ماسك. ففي خطاب ألقاه في النادي الاقتصادي في نيويورك، قال إنه يخطط لتعيين ماسك، الذي يقود "تسلا" و"سبايس إكس" و"إكس"، رئيساً للجنة كفاءة حكومية جديدة إذا انتُخب رئيساً في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وأضاف أن هذه اللجنة المقترحة ستدقق في "الحكومة الفيدرالية بأكملها" و"تقدم توصيات لإصلاحات جذرية". وقد زعم مرشح الحزب الجمهوري في خطابه أنه عام 2022 ”كلف الاحتيال والمدفوعات الباطلة فقط دافعي الضرائب ما يقدر بمئات المليارات من الدولارات". وأضاف ترامب أن اللجنة ستوصي "بإصلاحات كبيرة"، وتطوير خطة للقضاء على الاحتيال والمدفوعات في غير محلها خلال ستة أشهر، وقال: "نحتاج للقيام بذلك. لا يمكن للأمر أن يستمر كما هو الآن". ووعد ترامب أيضاً بإلغاء عشر لوائح حكومية لكل لائحة جديدة تطبق إن انتخب في نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي حديث لصحيفة نيويورك تايمز الجمعة، أوضح ثلاثة أشخاص مقربين من الطرفين أن الإعلان جاء تتويجاً لأسابيع من المناقشات بينهما. وقال أحد الأشخاص إن ترامب أبلغ إيلون ماسك أنه يريد منه خفض تكاليف الحكومة الفيدرالية، تماماً كما فعل في شركته إكس (تويتر سابقاً) حين استحوذ عليها.

من الواضح أن ماسك، الرجل الأكثر ثراء في العالم، بدأ بالتأثير على ترامب. واهتمام المرشح الجمهوري بقطب التكنولوجيا يثير القلق مما قد يجره تحالفهما "المعقد" وما قد يشكله من تضارب في المصالح إذا وصل ترامب مجدداً إلى البيت الأبيض. ومن الجدير بالذكر أن شركة سبايس إكس لصناعة الصواريخ وشركة تسلا للسيارات الكهربائية، المملوكتين لماسك، تلقتا مليارات الدولارات في عقود وإعانات فيدرالية. كما يخضع إيلون ماسك وبعض شركاته للتدقيق بسبب مخالفات مختلفة من الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية ولجنة الأوراق المالية والبورصة.

وفي هذا السياق، قالت المسؤولة البارزة في مركز ماركولا للأخلاقيات التطبيقية في جامعة سانتا كلارا، آن سكيت، لـ"نيويورك تايمز"، إن "قضية تضارب المصالح هي واحدة من أكثر المخاوف وضوحاً إزاء هذا التعيين، إذ تتمتع سبايس إكس بعقود حكومية وتستفيد تسلا من الإعفاءات الضريبية الفيدرالية. هذا ما سيحدث إذا كان ماسك في منصب نافذ في وكالة حكومية".

إيلون ماسك يكسب ودّ اليمين

خطب ماسك (53 عاماً) ود زعماء العالم اليمينيين. في البرازيل، أصبح مقرباً من جايير بولسونارو حين كان الأخير رئيساً، وذلك في أثناء سعيه للحصول على مزايا لشركته سبايس إكس. وهو يدعم بشده الرئيس خافيير ميلي في الأرجنتين حيث تتوفر رواسب غنية من الليثيوم الذي يستخدم في بطاريات السيارات التي تصنعها شركة تسلا. وقد وعد ميلي بخفض الإنفاق الحكومي وتشجيع عمليات التعدين.

لم يعلق ماسك إلى الآن على خطاب ترامب الذي استبقه الخميس بقوله على منصة إكس: "أتطلع إلى خدمة أميركا إذا سنحت الفرصة. لا أجر، ولا لقب، ولا اعتراف مطلوب".

وقال المستشار البارز في حملة ترامب، بريان هيوز، في بيان: "كرس إيلون ماسك نفسه لخدمة مستقبل أميركا من خلال عرضه التعاون مع الرئيس ترامب لضمان عمل حكومتنا بكفاءة أكبر واستخدام أموال دافعي الضرائب في أميركا بفعالية". وأضاف أن ترامب "ملتزم بجعل ماسك يقود هذه اللجنة لتحليل وظائف حكومتنا".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

"إكس" كمنصة سياسية

للترويج لأفكاره السياسية، يستغل ترامب حسابه على منصة إكس حيث يتابعه نحو 197 مليون شخص. في الأسابيع الأخيرة، كتب منتقداً سياسات إدارة الرئيس الحالي جو بايدن بشأن الإنفاق الحكومي ووعود الحملة الانتخابية لنائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية. وأصبحت بعض منشوراته أكثر تقلباً. الأحد الماضي، أبدى ماسك تأييده منشوراً يشير إلى أن النساء ليس لديهن القدرة على التفكير النقدي ولا ينبغي لهن المشاركة في الحكومة أو العملية الديمقراطية. والاثنين، شارك صورة أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي لهاريس مرتدية زياً يحمل رمز الشيوعية.

كما كتب على "إكس" عن تخفيض الإنفاق. وأعرب عن مخاوفه بشأن ما يراه تكاليف باهظة في إدارة شركاته، وبينها "إكس" التي استغنى عن أكثر من 75% من موظفيها في عامي 2022 و2023. وكتب الخميس إن الإنفاق الحكومي "يدفع أميركا نحو الإفلاس". يشار إلى أن القيمة السوقية لـ"إكس" انخفضت بأكثر من 55% منذ استحواذ ماسك عليها عام 2022 حين تجنبها المعلنون.

علاقة متقلبة

لم تكن العلاقة بين الرجلين دائماً كما هي الآن، إذ قال إيلون ماسك سابقاً إن على ترامب التخلي عن طموحاته الرئاسية، ودعم بدلاً منه حاكم فلوريدا رون ديسانتيس. وترامب شتم ماسك سابقاً ليصفه بأنه مدع. 

لكن علاقتهما السياسية توطدت باجتماع في مارس/آذار الماضي في بالم بيتش بولاية فلوريدا، حيث سعى ترامب إلى الحصول على ضخ نقدي لحملته. في ذلك الوقت تقريباً، أخبر السيد ماسك صديقاً له أنه يريد دعم ترامب، سياسياً ومالياً، من دون إثارة ضجيج. لكنه تراجع لاحقاً عن هذا الحذر، فخلال الربيع، أسس لجنة عمل سياسي مؤيدة لترامب، وخطط لإيداع ما يصل إلى 180 مليون دولار فيها. كما جنّد بعض أصدقائه، مثل المستثمر التكنولوجي جو لونسديل، لتغطية بعض تكاليف لجنة العمل السياسي التي تدعم ترامب. وعين ماسك فريقاً للجنة العمل السياسي، لكنه طرده بعد نحو شهرين، واستبدل أفراده بناشطين سياسيين عملوا مع ديسانتيس. ثم عيّن ماسك الشخصية البارزة في الحقل السياسي الجمهوري، كريس يونغ، لتقديم المشورة له شخصياً حول كيفية أن يصبح أكثر دراية بعمله السياسي. في يونيو/حزيران الماضي خلال الاجتماع السنوي لمساهمي شركة تسلا، قال ماسك إنه تحدث مع ترامب. وأضاف: "أجريت بعض المحادثات معه، وهو يتصل بي فجأة من دون سبب".

بعد محاولة اغتيال ترامب في يوليو/تموز الماضي، قرر ماسك التحدث علناً عن دعمه المرشح الجمهوري. كتب ماسك حينها على "إكس": "أؤيد الرئيس ترامب تماماً، وآمل أن يتعافى بسرعة". ونشر صورة لترامب بعد لحظات من محاولة الاغتيال، وكتب: "آخر مرة كان لدى أميركا مرشح صعب مثله (ترامب) كان ثيودور روزفلت". خلال محادثتهما على "إكس" الشهر الماضي، مدح ترامب مضيفه ماسك، وأشاد به لطرده الموظفين الذين أرادوا الإضراب. وفي بودكاست بعد بضعة أسابيع، وصف ترامب ماسك بأنه "رجل لامع" يمكن أن يكون مستشاراً لإدارته.

المساهمون