أثار رئيس شركتي "تِسلا" و"سبيس إكس"، إيلون ماسك، تحولاً كبيراً في "تويتر" خلال أسبوع واحد فقط: أعلن عن استحواذه على حصة ضخمة من أسهم الشركة، وقال إنه حصل على مقعد في مجلس إدارتها، واقترح إجراء تغييرات جذرية في المنصة علناً، ثم رفض الانضمام إلى مجلس الإدارة.
"استفزازات" ماسك هذه قد لا تتوقف عند هذا الحد، وقد تدفع نحو إجراءات جذرية في منصة التواصل الاجتماعي.
وكتب المدير العام لـ"تويتر"، باراغ أغراوال، في تغريدة الأحد: "قرر إيلون ماسك عدم الانضمام إلى مجلس إدارتنا". وأوضح في رسالة موجهة إلى موظفي "تويتر" نشرها عبر المنصة أن "انضمام إيلون ماسك إلى مجلس الإدارة كان يُفترض أن يدخل رسمياً حيز التنفيذ في التاسع من إبريل/نيسان، لكن إيلون أبلغنا أنه لن ينضم إلى المجلس". وأضاف أغراوال: "أظن أن هذا الأمر يصب في مصلحة الجميع. لطالما قدّرنا ونقدّر مشاركة المساهمين لدينا، سواء كانوا أعضاء في مجلسنا أم لا. إيلون هو أكبر المساهمين لدينا وسنبقى منفتحين على مشاركته".
وبعد نشر هذا الإعلان، كتب إيلون ماسك تغريدة ضمت فقط رمزاً تعبيرياً (إيموجي) لوجه يقهقه، من دون أي نص مرافق.
وأفادت وثيقة قُدمت إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بأنّ ماسك يمكنه، بامتناعه عن الانضمام إلى مجلس الإدارة، شراء أسهم أخرى تُصنّف بـ"العادية" أو بيعها، كما يمكنه إجراء مناقشات في مواضيع مختلفة مع مجلس الإدارة "من دون قيود"، بدءاً بأعمال "تويتر" وصولاً إلى استراتيجيتها. ويحتفظ ماسك الذي يبلغ عدد متابعيه عبر "تويتر" أكثر من ثمانين مليون شخص بالحق في "التعبير عن آرائه" في المنصة وعبر "مواقع التواصل الاجتماعي".
وقال دان أيفز من شركة "ودبوش"، لـ"فرانس برس"، إن ماسك يمكنه الآن التعاون مع صندوق استثمار لإجبار "تويتر" على تنفيذ أفكاره، أو حتى الموافقة على بيع المنصة لمجموعة أخرى. لكن من الممكن كذلك أنّ يقرر الملياردير أنّ الأمر انتهى ويعيد التركيز على شركاته الكثيرة، كـ"تِسلا" المتخصصة في تصنيع السيارات الكهربائية و"سبيس إكس" للرحلات الفضائية و"نيورالينك" للغرسات الدماغية.
كان ماسك، أثرى أثرياء العالم، أعلن مطلع الشهر الحالي استحواذه على حصة نسبتها 9.2 في المائة من رأسمال "تويتر"، ليصبح المساهم الأكبر فيها. وأوضح في الوثيقة التي بعث بها إلى هيئة مراقبة البورصة أن مشاركته "سلبية"، ما يعني أنه لا يعتزم التأثير في القرارات الاستراتيجية الكبرى في "تويتر". كما تعهد عدم زيادة مساهمته إلى أكثر من 14.9 في المائة.
لكن الإعلان الصادر لاحقاً عن دخوله مجلس إدارة "تويتر" كان له وقع إيجابي في الأسواق، إذ رأى المستثمرون في ذلك مؤشراً إلى أن الملياردير سيتدخل أخيراً في استراتيجية المجموعة.
ومنذ إعلان استحواذه على حصة في الشبكة، لم يتوقف ماسك عن الاستفزاز. ونشر خصوصاً استطلاعاً للرأي عبر حسابه، سأل فيه مستخدمي "تويتر" ما إذا كانوا يرغبون في أن تضيف الشبكة زر "التعديل" لتصحيح أي تغريدة بعد نشرها. وشارك في التصويت نحو 4.4 ملايين حساب، أجاب ما يقرب من 73 في المائة منها بـ"نعم".
وأعلنت المنصة لاحقاً أنها تختبر هذه الخاصية التي يطالب بها مستخدمون كثر منذ سنوات. وسيكون المشتركون في خدمة "تويتر بلو" أول مختبري الزر الجديد، وهي الخدمة التي توفّر بعض الامتيازات الإضافية مقابل 3 دولارات شهرياً، ومنها مثلاً خيار التراجع عن التغريدة، أي سحبها قبل نشرها فعلياً.
وتساءل ماسك السبت، بطريقته الاستفزازية، عمّا إذا كانت الشبكة الاجتماعية على شفير "الموت"، بسبب حسابات كثيرة تضم ملايين المتابعين لكنها غير ناشطة. واستفتى ماسك متابعيه الأحد، بشأن رأيهم في طرحه بـ"حذف حرف W في TWITTER"، مقدّماً لهم خيارين لا ثالث لهما: "نعم" أو "طبعاً"، متوجها أيضا بسؤال عما إذا كانوا يوافقون على "تحويل مقر تويتر في سان فرانسيسكو إلى ملجأ للمشردين بما أن أحداً لا يذهب إلى المكان بكل حال". وأجاب أكثر من 90 في المائة من المصوّتين الذين قارب عددهم المليونين بـ"نعم".
وكتب باراغ أغراوال في رسالته إلى الموظفين: "سيكون دائماً هناك مصادر إلهاء في المستقبل، لكن أهدافنا وأولوياتنا لا تتغير. القرارات التي نتخذها وطريقة تنفيذها بين أيدينا، وليست في يد أي جهة أخرى".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن موظفين كثيرين أبدوا قلقهم من انضمام ماسك إلى "تويتر"، معتبرين خصوصاً أن قيم هذا الرجل الأغنى في العالم لا تتوافق مع الثقافة المهنية لهذه الشبكة الاجتماعية.