إلغاء حق الإجهاض في الولايات المتحدة: أيُ دور لعمالقة التكنولوجيا؟

واشنطن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
02 يوليو 2022
الحق بالإجهاض.. أقرّته المحكمة الأميركية بالسبعينيات وأنهته في 2022
+ الخط -

قبل القرار "التاريخي" الذي اتخذته المحكمة العليا الأميركية بإلغاء حق الإجهاض، كان لدى العاملين في مجال التكنولوجيا والمدافعين عن الخصوصية سؤال كبير: هل سيساعد عمالقة هذا القطاع في ملاحقة من يقبلن على هذا الإجراء عبر مشاركة بيانات المستخدمات مع الشرطة؟

الجمعة الماضي، أنهت المحكمة العليا الأميركية حق الإجهاض، بإصدارها قراراً له وقع مزلزل ويقضي على نصف قرن من الحماية الدستورية، في واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في المشهد السياسي الأميركي. وألغت المحكمة القرار التاريخي المعروف باسم "رو ضد ويد" الذي صدر عام 1973 ليكرس حق المرأة في الإجهاض، وقالت إن بإمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيّده كما ترى، كما كان سائداً قبل السبعينيات.

وبعد مرور أسبوع على القرار، لم يقدم عمالقة التكنولوجيا أي إجابات عن السؤال الكبير. ويشعر بعض الموظفين بالإحباط من هذا الأمر، وفقاً لأشخاص مطلعين على المسألة تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست أخيراً، شرط عدم الكشف عن هويتهم، خوفاً من العقاب.

الإثنين الماضي، نشر أحد موظفي شركة أمازون التماساً داخلياً، دعا فيه إلى اتخاذ "إجراء فوري وحاسم ضد التهديد الذي يشكله إلغاء قرار رو ضد ويد على حقوق الإنسان الأساسية". وعبّر موظفو شركتي مايكروسوفت وغوغل، في مذكرات داخلية، عن استيائهم من صمت مسؤوليهم. بعض موظفي شركة فيسبوك، الذين طُلب منهم في مايو/ أيار عدم مناقشة قضية الإجهاض على المنصات الداخلية، غاضبون أيضاً.

جمع عمالقة التكنولوجيا بيانات ضخمة عن مليارات الأشخاص، في سياق توجههم لتنمية أعمالهم وتعزيز نفوذهم على شبكة الإنترنت. في الوقت نفسه، سعت الحكومات وقوات الشرطة، في أنحاء العالم كافة، إلى وضع يدها على هذه البيانات، ووجهت مذكرات تفتيش إلى الشركات المعنية، واستخرجت أدلة رقمية لتعزيز التحقيقات والملاحقات القضائية.

ولسنوات، أثار المدافعون عن الخصوصية مخاوف بشأن هذه البيانات الضخمة التي تشمل رسائل خاصة ومعلومات حول الانتماءات السياسية وحتى بيانات صحية حساسة. الآن يمكن استخدام هذا النوع من المعلومات لتعقب واعتقال ومقاضاة النساء اللواتي يقدمن على الإجهاض، أو من يقدمون لهن المساعدة. ويحاول بعض موظفي هذا القطاع، من داخل الشركات، الضغط على المسؤولين لاتخاذ إجراءات تحمي المستخدمين.

وفي هذا السياق، قالت البروفيسورة في القانون ومديرة عيادة سامويلسون للقانون والتكنولوجيا والسياسة العامة في كلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، كاثرين كرامب، لـ"واشنطن بوست": "أحدثت الأدلة الرقمية ثورة في كيفية إجراء التحقيقات الجنائية في هذا البلد (الولايات المتحدة). نحن نعيش حياتنا على الإنترنت، ونترك الآثار الرقمية لأنشطتنا السابقة، وبالطبع هذه الآثار ستكون هدفاً في التحقيقات المتعلقة بالإجهاض". وأضافت كرامب أنه "من شبه المؤكد" أن شركات التكنولوجيا ستمتثل للقانون في الولايات الأميركية وستسلم المعلومات بأوامر من المحاكم، لكن "عليها أن تكون شفافة مع مستخدميها والعامّة حين تقوم بذلك، وتكشف عن عدد الأوامر التي تتلقاها من المحاكم بخصوص الإجهاض".

في السنوات الخمس الماضية، تضاعفت الطلبات الحكومية للحصول على البيانات التي قدمت إلى شركات التكنولوجيا ــ باستثناء مايكروسوفت ــ وفقاً لتقارير أصدرتها الشركات نفسها حول كمية المعلومات التي تشاركها مع وكالات إنفاذ القانون. تلقت "غوغل" 50907 طلبات بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران الماضيين، أي نحو أربعة أضعاف عدد الطلبات التي تلقتها خلال الفترة نفسها عام 2016. شاركت "غوغل" بعض المعلومات في 82 في المائة من هذه الطلبات.

تقول الشركات إنها تقاوم عندما تكون الطلبات مفرطة في العمومية، وإنها لا تقدم سوى المعلومات التي يتطلبها القانون. لم تذكر أي منها الإجهاض على وجه التحديد في تصريحاتها العامّة إلى الآن.

وفي رسائل وجهت بالبريد الإلكتروني للموظفين، أقرّ المديرون في "غوغل" و"مايكروسوفت" و"أمازون" بأن قرار المحكمة العليا الأميركية قد يكون صعباً على الموظفين، لكنهم لم يقدموا أي التزامات بشأن مشاركة البيانات.

وقال المتحدث باسم "فيسبوك"، آندي ستون، للصحيفة الأميركية: "إننا ندقق بجميع الطلبات الحكومية للحصول على معلومات المستخدمين، وغالباً ما نرفضها. نحن نستجيب فقط للطلبات القانونية للحصول على معلومات وفقاً للقانون المعمول به وشروطنا، ونقدم إشعاراً للمستخدمين كلما سمح بذلك".

في الوقت نفسه، تمكنت مجموعات صغيرة من العاملين في مجال التكنولوجيا خلال الأعوام الماضية من حشد الدعم داخل شركاتهم ودفع المسؤولين إلى إجراء تغييرات. بعد الاحتجاجات عام 2018، توقفت "غوغل" عن العمل مع البنتاغون في مجال الذكاء الاصطناعي العسكري، وأدى انسحاب موظفة في الشركة في ذلك العام إلى إنهاء عملاق البحث سياسته التي تتطلب من الموظفين تسوية دعاوى التحرش الجنسي من خلال التحكيم. كما احتج موظفو "أمازون" على دور الشركة في تفاقم أزمة تغير المناخ، وبدأ الموظفون في "آبل" حركة أطلقوا عليها اسم #AppleToo (آبل أيضاً).

أدت الخلافات حول مبادرات التنوع أو سياسات تعديل المحتوى إلى معارك مريرة داخل شركات التكنولوجيا، لكن حقوق الإجهاض لم تكن فكرة رئيسية في النقاش. يقول عدد من الموظفين إن الشركات أصبحت أقل استجابة لاحتجاجاتهم، مما أدى إلى شعور بالإذعان بين بعضهم البعض.

بعد قرار المحكمة العليا الأميركية الأسبوع الماضي، طلب بعض موظفي "غوغل" في منتدى داخلي من الإدارة إعادة النظر في عمليات مشاركة البيانات وجمعها، وفق ما كشف أحد الأشخاص المطلعين على المناقشات لـ"واشنطن بوست". لم يستجب المديرون. قال آخر إن محادثات مماثلة كانت تجرى على منصات اتصالات داخلية لـ"مايكروسوفت"، حيث قال بعض الموظفين إن الشركة يجب أن تتخذ موقفاً أقوى لحماية البيانات من استخدامها في محاكمات الإجهاض.

في بيان، قال اتحاد عمّال "ألفابِت"، وهو مجموعة من موظفي "غوغل" والمتعاقدين التابعين لاتحاد عمال الاتصالات في أميركا، إنه يريد المزيد من الإجراءات من الشركة. وأوضح المهندس في "غوغل" والعضو في الاتحاد، بارول كول، أن "ما يثير قلق المستخدمين، في ضوء هذا الحكم، أن غوغل ستنقل معلومات عن عمليات البحث والاتصالات وسجلات المواقع الجغرافية إلى سلطات إنفاذ القانون، وهذه البيانات ستستخدم في تجريم الساعيات للإجهاض". وأضاف: "فشلت غوغل تماماً في التعاطي مع هذا القلق. نطالب بأن ترفض غوغل تخزين أي بيانات لمقاضاة المستخدمات في الولايات المتحدة اللواتي يمارسن استقلاليتهن على أجسادهن".

وجاء في بيان الاتحاد أن "العمال يشعرون بالقلق من الانفصال بين دعم غوغل العلني للوصول إلى الإجهاض، وبين تجاهلها للمتعاقدين معها، ودعمها المالي المستمر للسياسيين المناهضين للإجهاض، ورفضها وضع بروتوكولات الخصوصية لحماية مستخدميها المهتمين بمعرفة المزيد عن العدالة الإنجابية والإجهاض".

وفي "أمازون"، جمعت عريضة أطلقها موظفون أكثر من ألف توقيع بحلول الأربعاء الماضي، طالبوا فيها الشركة بإدانة الحكم، ورعاية الاحتجاجات المؤيدة للإجهاض، والتوقف عن التبرع إلى السياسيين الذين يعارضون هذا الإجراء.

يأتي الذعر داخل عمالقة التكنولوجيا في الوقت الذي يواجهون فيه دعاوى قضائية عدة من قبل السلطات الفيدرالية وسلطات الولايات الأميركية، بالإضافة إلى تشريعات جديدة لمكافحة الاحتكار تهدف إلى تقليل نفوذهم.

ذات صلة

الصورة
مناصرون لفلسطين يحتجون أمام مقر مؤتمرات "غوغل" في كاليفورنيا، 14 مايو 2024 (طيفون كشكون/ الأناضول)

منوعات

وثّق مركز حملة قمع مناصرة فلسطين في قطاع التكنولوجيا، من خلال جمع شهادات موظفين حاليين وسابقين في كبريات الشركات مثل "غوغل" و"ميتا".
الصورة
روبى بورنو ترتدي قلادة فلسطين (يوتيوب)

منوعات

ارتدت مسؤولة تنفيذية في شركة أمازون قلادة تحمل الخريطة التاريخية الكاملة لفلسطين ما قبل الاحتلال الإسرائيلي. وتسبّب هذا المقطع في هجمة شرسة ضدها.
الصورة

منوعات

تقيد شركة ميتا استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب على منصاتها، بعدما أصبح مرتبطاً بالعمليات التي ينفذها المقاومون الفلسطينيون
الصورة
ساشا لوتشيوني (يوتيوب)

منوعات

يستخدم الذكاء الاصطناعي طاقة تفوق محرك بحث تقليدياً بـ30 مرة، وفق ما حذّرت الباحثة ساشا لوتشيوني التي تسعى إلى زيادة وعي التأثير البيئي لهذه التكنولوجيا
المساهمون