في أعقاب موجة التضخم التي شهدتها الأسواق المصرية جراء ارتفاع أسعار السلع والخدمات، بعد قرار البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بنسبة 1%، وانخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي بنحو 11% من قيمته، خرج إعلاميون مصريون يبررون الغلاء وارتفاع الأسعار، ويحثون الشعب المصري على الصبر والتدبر، ويعدونه بأهمية هذا القرار وعائداته الحسنة في القريب.
وقرر البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بنسبة 1% للإيداع وللإقراض، ما أدى إلى تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي في مؤشر التداول الدولي (فوركس) بنسبة 11 في المائة، بعد ساعات من القرار.
وكان إعلاميون مصريون، ومنهم عمرو أديب، قد لمحوا الأحد، قبل 24 ساعة من صدور تلك القرارات، إلى اتخاذ السلطات المصرية قرارات اقتصادية صعبة من دون الكشف عن تفاصيلها.
ومهدت صحيفة "روز اليوسف" القومية للقرارات بعنوانها العريض "نواجه الغلاء وغيرنا يواجه الجوع"، في صدر الصفحة الأولى قبل يوم واحد فقط من صدور تلك القرارات.
وكتب أحمد الطاهري مقالاً عنوانه "مصر تتحدى وتعتمد على نفسها نواجه الغلاء نعم... لكن غيرنا يواجه الجوع!" في مقارنة غريبة. وكتب الطاهري: "هذه لحظة تدبُّر وتدبير... كل ما يتم تحت بند الرفاهية حان وقت تأجيله حتى نعبر هذه الموجة من الصدمة السعرية التضخمية في عالم لا يعرف ماذا تحمل اللحظة القادمة؟ هذا وقت اقتصاديات المشاريع الصغيرة والمتوسطة. هذه هي النقلة النوعية التي يحتاجها اقتصاد مصر الآن. بات علينا مراجعة كل التجارب التي مضت وإنتاج النموذج الملائم للحظة الاقتصادية العالمية والمصرية الراهنة. الآن يجب أن نبدأ. الآن يجب أن نعلنها صريحة للدنيا أن مصر تتحدى وتعتمد على نفسها. ستنتهي المحنة مثلما انتهت كل ما سبقها من أوقات صعبة. ستنتهي ومصر أقوى وأكثر صلابةً وعنفواناً".
لكن بعد صدور القرارات مباشرة، علت نبرة التبرير ومحاولة إقناع الشعب بتقبل موجة الغلاء الجديدة التي تسبق رمضان بأيام معدودة. فخرج الإعلامي المصري الموالي للنظام، نشأت الديهي، بتصريحات غير دقيقة في برنامجه "بالورقة والقلم"، قال فيها إن الدولة المصرية لم ولن تتدخل في تحديد وإدارة وتكبيل سعر الدولار، وإنما قررت، في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، تحرير سعر الصرف طبقاً للعرض والطلب، مما تسبب في انتهاء السوق السوداء، ومع زيادة الطلب على الدولار كان هناك تصحيح تلقائي للمنظومة المصرية بزيادة سعر الدولار وفقاً للعرض والطلب. وتوقع الديهي أن تشهد الأسواق المصرية تراجعاً في سعر الدولار خلال الفترة المقبلة، معتبراً أن ارتفاع سعر الدولار سببه أن مصر تمر بـ"فترة ضبابية وفوران وخوف".
تصريحات الديهي التي حاول بها إقناع مشاهديه بالاطمئنان وعدم الخوف من زيادة الأسعار تتنافى مع دراسة أجراها "بنك التسويات الدولية"، أكد فيها أن تخفيض العملة في الأسواق الناشئة، مثل السوق المصري، لا يعود عليها دائماً بزيادة الصادرات، بل يمكن أن يقلل منها. وأظهرت النتائج التطبيقية والقياسية للدراسة عدم وجود علاقة بين تخفيض قيمة العملة وتخفيف العجز في الميزان التجاري (الصادرات والواردات) وميزان المدفوعات، لأن العجز هيكلي مرتبط ببنية الاقتصاد القومي نفسه.
كما برر الإعلامي عمرو أديب، المقرب من النظامين المصري والسعودي، الإجراءات والقرارات، معتبراً أنها طبيعية، في ضوء معالجة الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعيتها. وأضاف أديب، خلال برنامجه "الحكاية" مساء الاثنين: "لا أحد سعيد اليوم طبعاً، أي طبقة تواصلت معها سواء مليارديرات أو غيرهم كلهم قلقين مستائين، لكن أغلب دول العالم تعاني من نفس الضيق والمشكلات". وأكمل: "المواطن عليه مراقبة إدارة الدولة للأزمة، خلال الأيام المقبلة، بعد الإجراءات والقرارات المتخذة، فما يهمّ المواطن هو كيفية إدارة الأزمة ونساعد بعضنا، ما يمرّ به العالم كارثة ليس للمواطن أو الدولة دخل في حدوثها".