أيام الجم الرومانية... رحلة إلى ماضي المدينة التونسية

05 يوليو 2024
من عروض المهرجان (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

في ربيع كل عام، ترجع مدينة الجم التونسية إلى زمنٍ بعيد، ويتداخل فيها الحاضر مع الماضي، من خلال مهرجان أيام الجم الرومانية الذي يخلق مشهديةً فريدةً من نوعها، تختلط فيها السيارات والهواتف الذكية والملابس العصرية، بالعربات والدروع والأثواب الرومانية. في فضاء المسرح الروماني الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث الميلادي، تقام الألعاب الأولمبية القديمة والعروض العسكرية الرومانية بنفس الطريقة التي كانت عليها قبل قرون. تأخذ هيئات المشاركين وملابسهم والحركات التي يؤديها المصارعون المتفرج إلى ثيسدروس، وهو الاسم الروماني للمدينة القديم، التي كانت تعد من أهم مستوطنات الإمبراطورية في شمال أفريقيا.

أيام الجم الرومانية 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)

كانت استعادة ماضي المدينة الواقعة شرق العاصمة تونس في محافظة المهدية الساحلية، إحدى الأهداف الرئيسية لجمعية نحن نحب الجم التي تأسّست عام 2012، للترويج للبلدة بوصفها وجهة للسياحة الثقافية، خاصة مع وجود المسرح الروماني الذي حافظ على معالمه لأكثر من 1700 عام، وأدرجته "يونسكو" على لائحة مواقع التراث العالمي في 1979.

أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)

وقال رئيس جمعية نحن نحب الجم، زيد زويد، في حديث إلى "العربي الجديد" إنّ "الهدف من تنظيم مهرجان أيام الجم الرومانية هو تنشيط المسرح الروماني، والتعريف بالتراث المادي واللامادي الروماني للمدينة، عبر تنظيم ورشات عمل ومعارض للحرف والفنون الرومانية، إضافة إلى عروض، أبرزها مباريات المصارعة على الطراز القديم التي يقدمها المجالدون الرومان".

جذبت فرادة المهرجان وعروضه مواطنين من مختلف المدن التونسية لمتابعته ورؤية مشاهد لم يألفوها من قبل: جنود رومان يقدّمون عرضاً عسكرياً، وحرفيون منهمكون في صناعة الأواني الخزفية، ورياضيون يتنافسون في الألعاب الأولمبية. بحسب زويد، حضر أكثر من أربعة آلاف متفرج لمشاهدة العروض، في حين بلغ عدد زوار الورشات والمعارض قرابة ستة آلاف شخص.

أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)

وعلى الرغم من تنوّع العروض والفعاليات وارتفاع أعداد المشاركين وتوسّع الجمهور، فإنّ المهرجان ما زال حتى اليوم يعمل ضمن ظروف مادية متواضعة، بحسب زويد الذي قال: "رغم أهمية العروض وتميزها، إلا أن ميزانية المهرجان محدودة، ولا تتجاوز 120 ألف دينار تونسي (قرابة 40 ألف دولار أميركي)". ولفت زيد زويد، رئيس "نحن نحب الجم" إلى أنّ أيام الجم الرومانية تعتمد على العمل التطوعي. أضاف: "أغلب المشاركين في العروض والتظاهرات هم متطوعون من أبناء مدينة الجم الذين يريدون المحافظة على تراثها وتاريخها، ما يساعدنا على خفض التكاليف. إضافةً إلى ذلك، فإنّنا نتعاون مع جمعيات صديقة من مدن أخرى في تونس، وكذلك من مدن أوروبية على الضفة الشمالية للبحر المتوسط، مثل إيطاليا وفرنسا، التي جاء منها مشاركون متطوّعون أيضاً".

أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)

وأشار زيد زويد إلى أنّ أبناء المدينة من الطلبة الذين يدرسون في مجالات التصميم والديكور يتطوعون لإنجاز معظم الملابس والديكورات التي تستعمل في الفعاليات، لافتاً إلى أن ذلك "ساعدهم على مراكمة الخبرة الكافية لإعداد وتحضير وتجهيز مهرجانات من هذا النوع، وفتح أمام الجمعية باب المساهمة في تظاهرات فنية أخرى، مثل مهرجان اكتشافات تونس، والمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية في الجم".

في الوقت الحالي تتطلّع الجمعية إلى الدورة المقبلة من مهرجان أيام الجم الرومانية، والمقرر إقامتها في عام 2025، كما تعمل على إعادة إحياء مهرجان الفيلم التاريخي في المدينة. لكن هذه التطلعات تظلّ مرهونة بتوفّر الدعم المادي. قال زيد زويد: "نعاني من بعض الصعوبات التمويلية، وننتظر الدعم المالي من الهياكل الثقافية الرسمية حتى نحافظ على مستوى المهرجان، وكذلك لإثرائه بمزيد من العروض الجديدة".

أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
أيام الجم الرومانية، إبريل 2024 (ياسين قايدي/ الأناضول)
دلالات
المساهمون