استمع إلى الملخص
- تتورط المنظمة في نشر معلومات مضللة، مثل إنكار حصار غزة وتغيير المصطلحات الإعلامية، وتضغط على وسائل الإعلام لتبني السردية الإسرائيلية وتصوير التظاهرات الفلسطينية كعنيفة.
- تهدد "أونست ريبورتينغ" الصحافيين بالفصل واتهامهم بالإرهاب، مما يؤثر على العمل الإعلامي العالمي ويجبر المؤسسات على تعديل تقاريرها تحت ضغط المنظمة.
منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة ومنظمة أونست ريبورتينغ الصهيونية تسخر إمكاناتها للتعتيم على جرائم الكيان المحتل، ومطاردة التقارير الإخبارية التي تسلط الضوء على هذه الجرائم، وكذلك الصحافيين الذين يعدون التقارير أو يعبرون عن آراء تساند الفلسطينيين أو تتصدى للبروباغندا الصهيونية. "أونست ريبورتينغ" تأسّست عام 2000، وتزعم أنها تُعنى برصد وتحليل تغطية وسائل الإعلام الدولية للأخبار المتعلقة بإسرائيل. وتدعي المنظمة أنها تسعى إلى "ضمان الحقيقة والنزاهة والإنصاف، ومكافحة التحيز الإيديولوجي في الصحافة والإعلام الذي يمسّ إسرائيل"، لكن عملها في الحقيقة هو الضغط على المؤسسات الإعلامية لإخضاعها تماماً للسردية الإسرائيلية ورفع ورقة "معاداة السامية" في وجه كل من يتجرأ على معارضتها.
لا تتردّد المنظمة هذه، دفاعاً عن السردية الإسرائيلية، في نشر المعلومات المضللة والاتهامات بلا أي دليل. وقد رصد موقع مسبار للتدقيق في المعلومات والأخبار سلسلة من الأمثلة على هذه التدخلات. مثلاً، حاولت المنظمة طيلة عام من العدوان الإسرائيلي إنكار حصار غزة من أصله، ومسحه من الصحافة الدولية. في يوليو/تموز الماضي، راسلت المنظمة صحيفة واشنطن بوست الأميركية محاججة بأن غزة لم تعرف أي حصار أصلاً. ونصحت الصحيفة باستبدال كلمة "حصار" في تقاريرها الإخبارية بـ"قيود"، مدعيةً أن الأمر يتعلّق فقط بمنع حركة حماس من "تطوير بنيتها التحتية المسلحة والإرهابية. وكرّرت انتقادها استخدام كلمة "حصار" عند الحديث عن غزة عندما ظهر في تقارير لصحيفة ذا غارديان في أكتوبر/تشرين الأول و"نيويورك تايمز" في مارس/آذار و"فرانس برس" في أغسطس/آب.
وتعمل "أونست ريبورتينغ" على تصوير التظاهرات المتضامنة مع الفلسطينيين حول العالم أنها تحركات عنيفة تتخللها شعارات تمجد الإرهاب وتعادي السامية. في أكتوبر/تشرين الأول الحالي، طلبت المنظمة من صحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية تعديل خبر نشرته وصفت فيه التظاهرات بأنها سلمية، بالرغم من أن هذه هي الحقيقة، مدعيةً أن شعار "عاشت الانتفاضة" هو شعار لـ"قتل الإسرائيليين"، في غياب تفسير عقلاني واضح لهذه الحجة. كما ركزت على تعزيز صورة الضحية التي تحاول إسرائيل تسويقها مبرّراً لجرائمها. فطلبت من الإعلام تصوير هجمات إيران أنها "اعتداء" و"إرهاب"، وطلبت من شبكة بلومبيرغ مثلاً عدم الإشارة إلى الضربات الإيرانية بأنها رد على التصعيد الإسرائيلي، كما رصد موقع مسبار.
وفي هذا السياق، أشارت دراسة أجرتها مؤسسة ستادي هول إلى أن "أونست ريبورتينغ" تعرّض حياة الصحافيين للخطر وتهددهم بفصلهم من أماكن عملهم بسبب رأيهم السياسي وانتقادهم إسرائيل. كما أوضحت الدراسة أن المنظمة متهمة بشكل واضح بممارسة ازدواجية المعايير والتركيز على رصد تصريحات وعمل الصحافيين الفلسطينيين، في مقابل غض النظر عن الصحافيين الإسرائيليين. وإذا ما تجرّأ صحافي على اتهامها بالتضليل، فلن يسلم من بطشها. على سبيل المثال، نشرت المنظمة تقارير عدة حول الكاتب روبرت فيسك من صحيفة ذي إندبندنت البريطانية، لأنه نشر مقالات انتقدت المنظمة. وقد تسبّب تقارير المنظمة في حملة كراهية واسعة ضد فيسك.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اتهم مدير المنظمة جيل هوفمان الصحافيين الفلسطينيين الذين وثّقوا اللحظات الأولى لـ"طوفان الأقصى" بأنهم كانوا على علم مسبق بالعملية التي نفذها مقاومو "القسّام"، الجناح العسكري لحركة حماس، مبرّراً ذلك بقدرة الصحافيين على إرسال صور السابع من أكتوبر لوسائل الإعلام الكبرى مثل "نيويورك تايمز" و"أسوشييتد برس"، بل وحاول الادعاء أن هذه المؤسسات الإعلامية أيضاً قد تكون على علم مسبق بما حدث. ردّت وسائل الإعلام الكبرى نافيةً نفياً قاطعاً هذه المزاعم، فما كان من المنظمة إلا الإعراب عن "ارتياحها" لنفي وسائل الإعلام وقبولها له، في محاولة للهروب نحو الأمام بدلاً من الاعتذار على نشر اتهامات بلا أدلة.
وسبق أن نشرت المنظمة الصهيونية تقريراً يتهم الصحافي الفلسطيني عبد القادر صباح بـ"الإشادة بالإرهاب"، من خلال النبش في منشوراته القديمة، وربطها بحركة حماس، والتشكيك في مواده التي نشرتها "سي أن أن" التي كان يتعاون معها، بالرغم من أن الشبكة تفرض على صحافييها إرسال تقاريرهم المتعلقة بالقضية الفلسطينية إلى مكتبها في القدس، حيث يكون أسهل الخضوع لمقص الرقابة العسكرية.
تأثير "أونست ريبورتينغ" واضح في العمل اليومي لوسائل الإعلام العالمية. تعدّل المؤسسات الإعلامية فعلاً تقاريرها رضوخاً لطلبات المنظمة الصهيونية، وتحتفل المنظمة عبر منصاتها بهذه التعديلات، من خلال تقارير "شكر" على هذه التصحيحات. وكذلك، تحتفل بطرد صحافي أو الإجراءات العقابية التي تمارس ضد من يخالف هواها والدعاية الإسرائيلية. وشكرت المنظمة صحيفتي "ذا تليغراف" و"ذي إندبندنت" على التوقف عن الإشارة إلى تل أبيب عاصمةً لإسرائيل، تجهيزاً لاستخدام القدس بديلاً. وكذلك احتفلت بطرد عبد القادر صباح من "سي أن أن" رضوخاً لضغوطها.