أول فائز ****** بجائزة نوبل

19 اغسطس 2021
محمد عبد السلام أول مسلم يفوز بجائزة نوبل في مجال العلوم (Getty)
+ الخط -

حين شرح العالم الباكستاني الراحل محمد عبد السلام نظريته التي حصل بموجبها على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979، استعان بالآية القرآنية "وجعلنا من الماء كل شيء حي". وأضاف: "هناك آيات في القرآن تبين كيف أن السماء والأرض كانتا متحدتين وفصلتا. أنا لا أؤمن بالانفجار العظيم".

أعلن محمد عبد السلام، من دون لبس، أنه أول مسلم يفوز بجائزة نوبل في مجال العلوم، "وهذا يكسر الحاجز، ويزيل الشعور بالنقص الذي استولى على شباب المسلمين عبر القرون"، مضيفاً أنه "لا يشعر بوجود تضارب بين دينه وثقافته من جهة، وبين العلم من جهة أخرى".

يطمس الفيلم الوثائقي "سلام - أول فائز****** بجائزة نوبل" (2018) صفة المسلم عن العالم الباكستاني في عنوانه، ليغوص عميقاً في مأساة الرجل العبقري، وأبعاد علاقته بوطنه وهويته الدينية والثقافية. كان عالمنا بعمر الثالثة والخمسين حين فاز بجائزة نوبل مع ستيفن واينبرغ وشيلدون غلاشو، وكلاهما كانا في الـ 46 من العمر. وقد فاز الثلاثة معاً عن نظريتهم المسماة "بوزون هينغز"، وهو الجسيم الأول المسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها، ويفسر القوى التي تربط المادة ببعضها البعض، والتي قد تؤدي إلى تفسير نشأة الكون.

أوضح عبد السلام وقتها "نحن علماء الفيزياء مشغولون بفهم التعقيد الكامل للمادة الجامدة بأقل قدر ممكن من المفاهيم الأساسية؛ لو كنت عالم فيزياء في الجسيمات فستريد أن يكون لديك قوة أساسية واحدة فقط وليس أربعاً... تلك الوحدة الحقيقية بين القوى". وخلص إلى النتيجة التالية: "إن كنت عالم جسيمات مسلماً، فستؤمن بهذا بشدة، لأن الوحدة فكرة جذابة لك ثقافياً. ما كنت لأبدأ العمل على هذا الموضوع لو لم أكن مسلماً".

في الفيلم الوثائقي المذكور، يجادل المفكر البريطاني الباكستاني الأصل طارق علي أطروحة مواطنه، طارحاً السؤال التالي: ماذا لو لم تكن مسلماً؟ ماذا لو كنت مسيحياً أو غير ذلك؟ هل كان سيغير ذلك اكتشافك العبقري؟

لكن مأساة سلام، كما يُعرف في باكستان، أعمق من هذا، فقد أزيل اسمه من كتب المناهج المدرسية في باكستان، ولم تدعم الحكومة الباكستانية ترشيحه لمنصب الأمين العام لمنظمة "يونسكو"، لأنه كان ينتمي للطائفة الأحمدية القاديانية التي اعتبرت خارجة عن الإسلام، وقد أصدر البرلمان الباكستاني، منذ عام 1974، تشريعاً باعتبار أتباعها غير مسلمين ما داموا لا يؤمنون بأن النبوة قد ختمت عند الرسول محمد، وما داموا يعتبرون مؤسس طائفتهم ميرزا غلام أحمد هو المهدي المنتظر والمسيح الموعود.

ساعد عبد السلام بلاده على تأسيس مفاعلها النووي في عهد رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو، والذي أدى في نهاية المطاف لإطلاق أول قنبلة نووية مسلمة، وفق ما يصف البعض. كان ذو الفقار بوتو، الذي أطيح بانقلاب عسكري وأعدم لاحقاً، سبب استقالة سلام من الجامعة ومغادرة البلاد نهائياً عام 1974، عندما أُعلن أن الأحمدية طائفة خارجة عن الإسلام وبدأت أعمال عنف ضد أتباعها.

وقال عبد السلام لاحقاً "كنت أمام خيارين: إما أن أترك بلدي، أو أن أترك الفيزياء، واخترت بأسى أن أغادر موطني. لا أقبل أن أكون مواطناً من الدرجة الثانية".

في سيرته أيضاً يظهر تعرفه على المدير العلمي لمشروع مانهاتن للسلاح النووي والمشهور بوالد القنبلة النووية، روبرت أوبنهايمر. كذلك يحضر اعتراف الكثير من العلماء بأنه كان يستحق الجائزة قبل حصوله عليها، على إنجاز لم يفهمه المشرف عليه وطلب منه عدم نشره. كما هناك تبرعه بثلث قيمة جائزته المادية لصالح التعليم.

كافح عبد السلام لتأسيس معهد للفيزياء في مدينة تريستا الإيطالية، لتدريب الكوادرالشابة من البلدان النائية، ليصبح ممكناً أن يبقى العلماء الشباب في بلادهم مع إمكانية وصولهم إلى أحدث الأفكار. ورغم منح الجنرال ضياء الحق لعبد السلام أعلى وسام مدني في باكستان، ولكنه تجنب العودة إلى البلاد. وقد عرضت عليه الجنسية البريطانية والإيطالية، لكنه رفضهما، وطلب أن يدفن في مسقط رأسه، وهذا ما حصل، ولكن شطبت كلمة مسلم من شاهدة قبره.

المساهمون