أوسكار العرب

22 ابريل 2021
فيلمان عربيان في القائمة القصيرة لجوائز أوسكار (Getty)
+ الخط -

يدي على قلبي بينما أنتظر ليلة الأحد 25 إبريل/ نيسان لحضور حفل توزيع جوائز أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (أوسكار). 

لن أكون قلقاً تجاه 22 أوسكاراً من أصل 24 جائزة، توزّع في تلك الليلة، أو ذلك الفجر بالنسبة إلى توقيت الدوحة. قلقي وانتظاري سيكون محصوراً في جائزة أفضل فيلم بلغة اجنبية، وفي جائزة أفضل فيلم قصير. 

السبب، ببساطة، أنّ فيلمين عربيين وصلا إلى الترشيحات النهائية في هاتين الفئتين، وليَ صلة ما بكلا الفيلمين! 

خمسة أفلام تتنافس في فئة الأفلام باللغة الأجنبية، ومنها فيلم "الرجل الذي باع ظهره" الذي أنتجته شركة "ميتافورا" بالشراكة مع "تينيت فيلم"، ويحكي قصة شاب سوري، سام (قام بالدور يحيى مهايني)، باع ظهره لفنان (قام بالدور ديا ليان)، ليرسم عليه فيزا شنغن، وتحول، بعقد معه ترعاه وكيلة أعمال الفنان (قامت بدورها مونيكا بلوتيشي)، إلى لوحة تعرض في متاحف وصالات العرض في العالم. 

حاز الفيلم الذي أخرجته التونسية المبدعة كوثر بن هنية، عشرات الجوائز. والأمل في أن يُتوّج بأول أوسكار لفيلم عربي روائي.  

ربما اعترض بعضهم على قولي "أول أوسكار عربي"، بالقول إنّ الفيلم الجزائري "Z" قد نال الأوسكار عام 1970. ولكن من شاهد الفيلم يعرف أنه ناطق بالفرنسية، وأنه لمخرج يوناني فرنسي (كوستا غافراس) ويحكي عن اغتيال سياسي ديمقراطي يوناني، وأنّ معظم ممثليه وفنييه ليسوا جزائريين، لكنّه جزائري بتمويله وبمكان تصويره فقط. 

لفيلم "الرجل الذي باع ظهره" حظوظ بالحصول على الأوسكار. إلا أنّ فوزه ليس سهلاً، في مقابل أربعة أفلام هي "جولة أخرى" من الدنمارك، المرشح أيضاً لأفضل إخراج ويتحدث عن إدمان الكحول وتأثيره في حياة مجموعة مدرسين أصدقاء، و"أيام أفضل" من هونغ كونغ، الذي يدور حول التنمر في المدارس، و"عمل جماعي" من رومانيا، وهو وثائقي يرصد الفساد بالخدمات الصحية في مشافي رومانيا، و"إلى أين تذهبين يا عايدة؟" من البوسنة والهرسك الذي يرصد مأساة مترجمة بوسنية لدى الأمم المتحدة خلال مذبحة سربرنيتشا عام 1995. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

لا تنبع لهفتي على الأوسكار فقط من كونه (الرجل الذي باع ظهره) فيلماً عربياً ينافس أربعة أفلام مهمة، وليس من إسهامي الصغير فيه، بل أيضاً من كونه انتصاراً لمأساة وطني، سورية. فقد ترشّحت، وبفخر، عدة أفلام سورية للأوسكار، لكّنها كانت وثائقية، وفاز منها فقط فيلم "الخوذ البيضاء" عام 2017، وهو من إخراج البريطاني أورلاندو فون أينشيديل. 

ثمة من يجادل أنّ هذه الأفلام ليست سوريّة بمعنى الصناعة، وهذا صحيح إلى حدّ ما. ولكنها أفلام تروي مأساتنا. وستظل المأساة السورية، كحال الأحداث التراجيدية الكبرى في التاريخ، منبعاً لروايات ومسرحيات ومسلسلات ورسم تشكيلي وموسيقى وغناء وأفلام، منها ما سيُنسى، ومنها ما سيبقى خالداً. 

أما الفيلم العربي الآخر، "الهدية" المرشح لجائزة الأفلام القصيرة، فهو من إخراج الفلسطينية فرح النابلسي وإنتاج الصديق أسامة بواردي الذي تشاركنا معه بإنتاج فيلم "واجب" للمبدعة آنا ماري جاسر. 

الفيلم القصير يحكي قصة أب فلسطيني، يوسف (قام بالدور صالح بكري)، وابنته ياسمين (لعبته بإبداع الطفلة مريم كنج)، يريدان مفاجأة الأم نور (أدت الدور مريم كامل)، بهديّة، هي عبارة عن ثلاجة (برّاد) يشتريانها من إسرائيل، لكن لا تسمح حواجز الجيش الإسرائيلي المحتلّ بالسماح لفرحتهم بأن تكتمل. بالمناسبة، يمكن مشاهدة الفيلم على "نتفليكس". 

المشاركة العربية في جوائز الأوسكار ضعيفة، والملاحظ أيضاً قلّة عدد الأفلام العربية التي تصل إلى القوائم النهائية، رغم إقبال بعض الدول العربية، أخيراً، على ترشيح أفلامها للجائزة. 

أكثر البلدان العربية التي رشحت أفلاماً للمسابقة هي مصر، بدأتها عام 1958 بفيلم "باب الحديد" ليوسف شاهين. ومن ثم الجزائر، الأكثر وصولاً إلى القوائم الأخيرة، فلبنان وبعدها المغرب وفلسطين. في حين أنّ دولاً عربية أخرى لم تفعل ذلك حتى الآن، ومنها سورية التي رُشّحت أفلاماً منها، ولكن بشكل مستقل، بعد الثورة السورية عام 2011. 

ننتظر الأوسكار، رغم إدراكنا أنّ صناعة السينما في عالمنا العربي ضعيفة، وأنّ هذه الصناعة لا تزدهر إلا بأجواء الحرية، الضيّقة، بل تكادُ تكون معدومةً في بلداننا.

المساهمون