استمع إلى الملخص
- **الخطاب السياسي الأميركي والفلسطينيون**: حاول بعض السياسيين الأميركيين أنسنة الفلسطينيين، لكن الديمقراطيين واجهوا انتقادات لدعمهم بايدن، الذي يُعتبر بطيئاً في تنفيذ الإبادة مقارنة بترامب.
- **العنصرية ضد الفلسطينيين في الولايات المتحدة**: استخدام كلمة "فلسطيني" كشتيمة يعكس العنصرية المتزايدة وارتفاع جرائم الكراهية، مما يهدف إلى نزع الإنسانية عن الفلسطينيين.
تعلقت أنظار العالم بالمناظرة الرئاسية الأولى بين الرئيس الحالي للولايات المتحدة، الديمقراطي جو بايدن، والمرشح الجمهوري والمدان بأكثر من 30 جريمة والرئيس السابق، دونالد ترامب. مناظرة كشفت ضرورة استبدال بايدن بمرشح آخر بسبب تقدمه بالعمر. حضر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في المناظرة، ليس بوصفه محط نزاع، بل محط تباهٍ: من يدعم إسرائيل أكثر؟ ووصل الأمر بدونالد ترامب إلى نعته بايدن بـ"الفلسطيني"، بل وحتى "الفلسطيني الضعيف"، لأنه "لا يسمح لإسرائلي بإتمام المهمّة".
تظهر مفردة فلسطيني هنا كلمة تعييرية، أقرب إلى شتيمة أو صفة انتقاص. لماذا؟ لأن الفلسطيني يقاوم، أو على الأقل يدافع عن نفسه ضد ماكينة القتل الإسرائيليّة.
حاول الخطاب السياسي الأميركي، خصوصاً الديمقراطي، أنسنة الفلسطينيين، بل وصف المرشح للكونغرس، جمال بومان، ما يقوم به الاحتلال بـ"الإبادة الجماعيّة"، لكنه خسر أمام لوبي أيباك وملايينه. في ذات الوقت، وجّهت الجالية الفلسطينية انتقادات للديمقراطيين كونهم داعمين لبايدن، ومن حزبه. في هذا السياق، يظهر الفلسطيني كنموذج للـ"آخر" الذي يثير الضجيج، والأهم يتسبب بعرقلة الجهود الأميركيّة للإبادة، فإن كان بايدن يريدها "أبطأ"، ترامب يريدها بسرعة، هي "عمل" ولا بد من إنجازه.
استخدام الفلسطيني كـ"شتيمة" أو "آخر" أقل إنسانيّة، يتضح مع ارتفاع نسبة جرائم الكراهية في الولايات المتحدة التي راح ضحيتها فلسطينيون، قتل بعضهم أو تعرضوا للعنف والتمييز كونهم فلسطينيين فقط. ونذكر هنا الكلمات التي رددتها أميركية من تكساس حاولت إغراق طفل فلسطيني في المسبح، إذ صرخت وهي تدفعه تحت الماء بأنهم "ليسوا أميركيين".
المثالان السابقان يكشفان أن العالم مقسّم إلى اثنين في ظل صعود ترامب: أميركي مستعد لــ"قتل" الآخر، وفلسطيني يستحق القتل، لتضاف كلمة فلسطينية هنا ربما إلى القاموس العنصري الذي يشتمل على عربي وأسود ومهاجر وهندي أميركي، وغيرها من ألفاظ التحقير التي تخفي وراءها عبودية وإبادة جماعية ما زالت آثارها ممتدة إلى الآن.
هناك عنصرية لا يمكن إخفاؤها في استخدام لفظ فلسطيني، ليس بسبب توظيفه كشتيمة أو ككلمة للتحقير، بل كونه غامضاً. من هو الفلسطيني بدقة الذي يتحدث عنه ترامب؟ ذلك الذي يُقتل في غزة، أم مَن يُعتقل في حرم الجامعات الأميركية؟ مَن هم في الضفة الغربيّة، أم المنتشرون في مخيمات الشرق الأوسط؟ غياب الإجابة عن هذا السؤال مقصود، لنزع الإنسانية عن الفلسطيني، بوصفه أينما كان يعيق الإبادة، سواء كان يُقتل أو يُقاوم أو يحتج غاضباً.
لكن ماذا يعني أن تكون فلسطينياً؟ هذا السؤال، على سذاجته، يبدو أن كثيرين في الولايات المتحدة غير قادرين على استيعابه، وهذا ما دفع بعض الساخرين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى المشاركة في الاحتجاجات الطلابية في الجامعات، وطرح أسئلة على المحتجين لكشف جهلهم بالقضية الفلسطينيّة، أو بعض تفاصيل العدوان على قطاع غزة. لكن هنا، في هذه اللحظة، المفترض أن كل من يحوي في داخله إنسانية وبوصلة أخلاقية هو فلسطيني، كونه يقف ضد الإبادة ويشير بالبنان إلى المسؤولين عنها.
ضمن المنطق السابق، كلمة فلسطيني تعني النضال لأجل الحياة بمعناها الصرف، حياة المدنيين الذين يقتلون يومياً في قطاع غزة. وأن تكون فلسطينياً يعني أن تقف في وجه الإبادة. وهذ المرعب في استخدام الكلمة كشتيمة في المناظرة. استخدمت لوصف من لا يقبل الإبادة بسرعة، ونقصد بايدن. استخدمها من يريد أن يموت الفلسطينيون أسرع؛ أي ترامب.