تجني تركيا هذا الموسم ثمار الحرب الروسية على أوكرانيا، بعد تدفق الروس إلى الولاية الأقرب إلى طبيعتهم، بحسب المتخصص في الشأن السياحي فهري آيت، بل ويمتلكون فنادق ومنازل ومنشآت للحدّ الذي قرّب طبيعة أنطاليا من روسيا. ويرى آيت أن أنطاليا، الموصوفة بعاصمة السياحة في بلاده، تمرّدت حتى على عامي كورونا، ولم يتوقف تدفق السياح إليها، لتستقطب العام الفائت أكثر ممن جذبتهم الولايات التركية المطلة على البحر المتوسط مجتمعة، مضيفاً في حديث إلى "العربي الجديد"، أن طبيعة أنطاليا والانفتاح الذي تعيشه، جعلاها قبلة للسياح، وفي مقدمتهم الروس.
ازداد عدد السياح الذين زاروا الولاية، بحسب آخر بيانات مديرية الثقافة والسياحة في المدينة، من مطلع يناير/كانون الثاني حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، عن 11.270 مليون سائح، لتزيد نسبة السياح بنحو 57% عن العام الماضي. وتصل نسبة عائدات السياحة في أنطاليا، بحسب تصريح الوالي أرسين يازجي قبل أيام، إلى ثلث عائدات السياحة في تركيا، بعدما جذبت هذا العام أكثر من 11 مليون سائح، بمعدل 1.732 مليون خلال سبتمبر الماضي، ومتوسط يومي يصل إلى 19 ألف سائح.
كان الروس في المقدمة، بحسب الوالي يازجي، تلاهم الأوكرانيون والكازاخستانيون، ثم الإيرانيون. وساهم إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عبر الكرملين، التعبئة الجزئية لعسكريي الاحتياط، في زيادة تدفق الروس إلى تركيا، على اعتبارها من البلدان القليلة التي لا تزال تستقبل رحلات جوية مباشرة من روسيا، ما أوصل شركات الطيران، نهاية سبتمبر الماضي، لبيع تذاكر جميع الرحلات من موسكو إلى أنطاليا وإسطنبول، بعد مضاعفة السعر من 22 ألف روبل إلى 70 ألفاً.
وقال رئيس جمعية مشغلي الفنادق السياحية في منتجع آلانيا التابع لولاية أنطاليا، برهان شيلي، إن الإشغال في رحلات الطيران إلى المدينة، الذي كان يصل إلى ما بين 80% و90%، وصل إلى 100%، مشيراً إلى أن الروس يفضلون محيط أنطاليا.
وقدرت المختصة في الشأن السياحي، بوكيت أوزجان، عدد الروس الذين زاروا بلادها هذا العام، بنحو أربعة ملايين سائح، كانت حصة أنطاليا نحو 2.3 مليون منهم، لافتة لـ "العربي الجديد"، إلى أن حصة أنطاليا من السياح الأوروبيين كبيرة، فقد وصل عدد الألمان حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام إلى 2.195 مليون، وعدد البريطانيين إلى نحو 925 ألف سائح، فضلاً عن أعداد كبيرة من بولندا وهولندا ورومانيا، معتبرة أن أنطاليا بما فيها من شواطئ وطبيعة، تمثل ملتقى لسياح العالم. ولكنها أشارت إلى أن عدد السياح في أنطاليا لم يقترب، رغم الإقبال هذا العام، من عدد سياح عام 2019؛ إذ شهدت الولاية حينها زيارة نحو 16 مليون سائح، كان منهم نحو 5.5 ملايين روسي، مرجحة ارتفاع عدد السياح خلال الربع الرابع، ليصلوا إلى نحو 13 مليون سائح.
ولم يبتعد التركي، أوغوز جيلان، برأيه حول أهمية أنطاليا، التي يراها كلمة السر بالسياحة التركية، بل ومؤشر الإقبال السنوي. قال: "إن كانت سياحة أنطاليا بخير فتركيا وسياحتها بخير"، لأن الولاية قريبة من النمطين الروسي والأوروبي، ما يحقق عوامل الجذب لتلك الشرائح، معتبراً أن لشواطئ العلامة الزرقاء والسياحة الصناعية، مثل أكواريوم أنطاليا وشلال دوان وموقع التزلج كوبرولو، عوامل إضافية للجذب، مشيراً لـ"العربي الجديد، إلى أن السياح العرب يذهبون إلى إسطنبول وبورصة ومدن البحر الأسود، ولا يعتبرون من رواد أنطاليا.
وحول أهم مناطق الجذب في ولاية أنطاليا المطلة على البحر المتوسط، أشار جيلان إلى أن الآمال بجذب أكثر من 50 مليون سائح العالم المقبل، خلال عام الاحتفال بمئوية تأسيس الجمهورية، يقع جلها على أنطاليا وإسطنبول. فأنطاليا لا تتوقف شتاء عن الجذب، ففيها مركز ساكلي كينت للتزلج على سفوح جبال طوروس وأكواريوم أنطاليا والألعاب الشتوية، كما المدينة الأثرية بالولاية كالة إتشي التي تعود لعصر الإمبراطورية الرومانية؛ عامل آخر لجذب السياح شتاء، لذا الأرقام التي أعلنتها وزارة الثقافة والسياحة ليست نهائية حول عدد السياح. كما أن الشواطئ، وخاصة كونيالتي ولارا وليمبوس قرب المناطق التاريخية، لا يتوقف تدفق السياح إليها شتاء؛ إذ تشهد الولاية 300 يوم مشمس سنوياً، فشاطئ داملاتاش، مثلاً، يمثل وجهة مهمة للسياح عند وصولهم، لما يتميز به من نقاء يصل لرؤية الأسماك والمخلوقات البحرية بالعين المجردة للناظر.