أنا استويت وانتهيت... جغرافياً

يجب أن أعرف حدودي الجغرافية والتاريخية، حتّى لا أتجاوز أحداً، دولةً أو شعباً. في أيّ كتاب جغرافي نقرأ لننجح في الامتحانات المحلية والاقليمية والعالمية؟

أيّ منهاج أراجع جغرافيا بلادي وسط عشرات المراجع الجغرافية المتناقضة مع بعضها بعضاً والمنافية والنافية، حيث لكلّ حزب أو تيار أو تنظيم على هذا التراب رؤيته الطوبوغرافية الخاصة به لحدود بلاده.

العروبيون لا يعترفون بالحدود بين هذا القطر وذاك. كلّ هذه التقسيمات من صنع الاستعمار، لذلك لا ضرورة لترسيم أي زيح بين بلد "وبلدن"... وليسقط الزيح العميل، والموت لكل مسّاح أراض، يحاول التحديد بين حدّ وحدّ.

أتباع جماعة الهلال الخصيب، لا ينظرون إلى جغرافيا هذا الكيان المدعو "لبنان" سوى على أنّه مؤقّت، وأنّ الحدود الأصلية، هي حدود بلاد الشام من اسكندرون حتّى جارتنا جزيرة قبرص.

أنصار فينيقيا العظمى لا يعترفون سوى بحدود الجدود، ومستعمراتهم القديمة المترامية من صور حتّى أوغاريت وصولاً إلى قرطاج، وجبال الألب حيث وصل "جدّو" هنيبعل و"تاتا" أليسار ملكة قرطاج.

أما المؤمنون بالأمّة الاسلامية، فلا حدود في تفكيرهم بين جمهورية أو مملكة أو بين سلطنة أو إمارة.. لذلك لا ضرورة لهذه الحدود المصطنعة وكلها الى زوال.

الشيوعيون بأطيافهم كافّة يعتبرون أنّ مساحة الكرة الارضية كلّها مشاعٌ لهم، لذلك لا داعي لسياج بين هنا وبين هناك..

في أي كتاب جغرافي أقرأ؟

إذا كنّا حتّى الآن لم نقرّر إلى أيّ مقرّر أو مصدر أو مرجع نرجع لنعرف حدودنا.. فأين نقع؟

أين موقعنا؟

أين أنا جغرافياً؟ على أيّ خط استواء نستوي..

أنا استويت وانتهيت... جغرافياً.

أنا من بلاد بلا حدود ولا جدود ولم يعد لي سوى هذه الورقة لتكون حدودي... وهذه الحروف هي شعبي.. ولا حدود لي سوى خطوط شفتيك على شفتيّ.. ولنقفل الحدود.