أثار قرار المحكمة الدستورية في قرغيزستان، منح الأطفال الحق في اختيار اسم الأم بدلاً من اسم الأب في السجلات الرسمية وبطاقات الهوية وجوازات السفر، بعد بلوغهم الـ18 عاماً، جدلاً واسعاً في المجتمع القرغيزي.
في يوم الاثنين الماضي، بتت المحكمة في قضية رفعتها سيدة قرغيزية في 2021 حول حقها في منح أولادها اسمها واسم عائلتها، بدلاً من طليقها الذي تركها وحيدة مع ابنها وابنتها. وفي قرار تاريخي وُصف بأنه "ثوري"، قضت المحكمة بأن الأطفال يمكنهم اختيار اسم الأم أو الأب بعد سن 18 عاماً.
ورغم أن القرار أكد على ما أوردته المحكمة بعدم قانونية تغيير الناشطة الحقوقية، ألتين كابالوفا، شطب اسم طليقها من شهادات ميلاد وسجلات طفليها، والاستعاضة عنه باسمها في خانة الأب والأم، فقد أكدت أنه "انتصار" لها وللنساء في بلادها، وتعهدت بعرض القضية أمام محاكم دولية لم تحددها.
وبدأ تحدي كابالوفا للتقاليد والأعراف المتبعة في مجتمع وصفته بأنه بطريركي ولا ينصف النساء في مطلع عام 2021، حين نشرت في صفحتها على فيسبوك أنها غيرت شهادتي ميلاد طفليها، وأدرجت اسمها فقط في خانة الأبوين بعد طلاقها من زوجها السابق. وعرضت صوراً للوثائق الجديدة، تضمنت اسمها واسم عائلتها في خانتي اسم الأبوين واسم العائلة.
وحينها، أثار إعلان كابالوفا جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض. وبعدها بأيام، رفعت دائرة السجلات الحكومية دعوى قضائية تطالب بتغيير اسم الأب للأطفال وإدراج اسم والدهم، مشيرة إلى أنه وفقاً للقانون، لا يتم إصدار مستندات للأطفال باسم الأم.
وأوضحت نائبة رئيس دائرة التسجيل الحكومية، غالينا أمانوفا، أن الدعوى القضائية انطلقت من أحكام قانون يمنع إصدار وثائق للأطفال باسم الأم، وأن نسبة الأطفال يجب أن تكون إلى الأب البيولوجي أو الأب بالتبني في خانة الاسم المتوسط (في روسيا وبلدان من آسيا يستخدم الاسم واسم الأب عادة في الوثائق الرسمية وفي الخطاب الرسمي والحديث مع أشخاص ليس للشخص علاقة صداقة بهم). وفيما يخص اسم العائلة، يمكن إدراج لقب عائلة الأم أو الأب.
وخلصت المسؤولة الحكومية إلى أن غياب الأب لا يمنح الأم الحق في إدراج اسمها بدلاً عنه، وطالبت المحكمة بإصدار حكم لإلغاء الوثائق التي حصلت عليها كابالوفا لأولادها، وحذف البيانات من السجل الإلكتروني، وشددت على أنه سيجري محاسبة الموظف الذي خالف القوانين.
وبعد شهور من المداولات، قررت محكمة في أغسطس/ آب 2021 في العاصمة بكشيك، إلغاء قرار تغيير الاسم المتوسط (إدراج اسم الأم بدلاً من الأب). واستأنفت كابالوفا القرار في المحكمة العليا للقضاء، والتي أكدت بعد شهور على الحكم السابق. وحينها، قدمت كابولوفا التماساً للمحكمة الدستورية، أشارت فيه إلى أن قواعد قانون الأحوال المدنية، التي انحازت على أساسها المحاكم إلى جانب دائرة السجلات الحكومية، تضع الأمهات في وضع غير متكافئ مع الآباء.
وبعد نحو ستة أشهر من المداولات، رفض قضاة المحكمة الدستورية طلب كابولوفا، وعزوا القرار إلى أنه في حال استخدام اسم الأم بدلا من اسم الاب في الخانة المتوسطة، يمكن أن يتعرض الأطفال للتنمر والمضايقات من محيطهم في مجتمع يهتم بالتقاليد (في اللغة الروسية يتم إضافة لازمة إيتش إلى اسم الأب للذكور، وأوفنا للإناث مثال فلاديمير فلاديميرفويتش، وفيرا فلاديميروفنا في الوثائق والخطاب الرسمي).
وفي المقابل، أقرت المحكمة أنه عند بلوغ سنّ 18 عاما، يجب أن يكون للمواطن الحق في الاختيار بين اسم العائلة وأسماء المطابقة. وشددت المحكمة في حيثيات القرار أن قرارها لا ينتهك بأي حال الأسس التقليدية والتاريخية لمجتمعنا المرتبطة بالتسمية.
على الرغم من عدم تلبية التماس ألتين كابالوفا كاملا، إلا أنها اعتبرت القرار انتصاراً و"خطوة كبيرة نحو العدالة والمساواة بين الجنسين". وما إن نشرت المحكمة قرارها، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ورافض للقرار، مختلفين على مدى توافقه مع التقاليد الوطنية.
وشكرت ألتين كابالوفا المحكمة الدستورية، وقالت عبر صفحتها على "فيسبوك": "أريد أن أشكر المحكمة الدستورية في جمهورية قرغيزستان على هذا القرار، وأبارك لابني كابالوفا دانير ألتينفوفيتش، ابن الستة عشر عاما، الذي سيحصل قريبا على هوية ويمكنه أن يختار اسمي كلقب له، وأفرحني كثيرا صياغة المحكمة الدستورية في القرار حول مراعاة مؤسسة الأمومة".
ودافعت عن إصرارها على المضي في المحاكمة وإيصال القضية إلى المحكمة الدستورية العليا، وأكدت أن "الانتصار" هو لكل النساء في بلادها.