"أفلام لا تغادر الذاكرة": أولوية الأرشفة في النقد

12 ابريل 2023
آل باتشينو في "الوجه ذو الندبة" (1983) لبراين دي بالما: ذاكرة حسن حداد (فيسبوك)
+ الخط -

 

في تقديمه "أفلام لا تغادر الذاكرة، رؤى نقدية لأفلامٍ أجنبية قديمة" (2023، نشر إلكتروني ضمن سلسلة كتاب "سينماتك") لحسن حداد، يكتب أمين صالح عمن يصفه بـ"العاشق السخيّ"، فحداد "عاشق حقيقي للسينما. مخلص ووفيّ"، منذ معرفته به صغيراً: "لا شروط لديه في حبّ السينما. من يحب لا يشترط، ولا ينتقي، ولا يفرز، ولا يُقارن، ولا يستبعد. قد يحدث هذا في مرحلة التقييم والتفضيل، أو عند التحليل والنقد، أو عند التحكيم. أي في مرحلة ما بعد المشاهدة". يُضيف أنّ حداد "مدمن على مشاهدة الأفلام، بكل أنواعها وجنسياتها، القديمة والجديدة، العظيمة والعادية. مغرم بها"، مشيراً إلى أنّه "ترجم ولعه بالأفلام إلى محاولة الكتابة عنها، في وقت مبكر"، ومؤكّداً أنّ "كلّ من يحبّ السينما، تستبدّ به فكرة الكتابة عنها، تماماً مثل العاشق الذي يهيم بفكرة الكتابة إلى وعن معشوقته".

يتوقّف صالح عند علاقة حداد بالأرشيف، الذي يقول إنّه "حفظ للماضي، وصون للذاكرة". يكتب صالح: "ولع حسن حداد بالأرشفة والحفظ، ومحاولته المستمرة لشحذ الذاكرة حتى لا يغلب النسيان شظيةً من هذه الذاكرة، جعلته يلجأ إلى حفظ الأفلام التي شاهدها، وأعجب بها، وتفاعل معها، في هيئة كتاب، أو بالأحرى كتاب في ثلاثة أجزاء، نظراً لضخامة عدد الأفلام التي تناولها بالتحليل والنقد، ووضع للكتاب عنواناً ذا مغزى يتصل بالحفظ والصون"، أي "أفلام لا تغادر الذاكرة".

 

 

يرى صالح أنّ العنوان دافعٌ إلى إدراك "رغبة المؤلّف في أنْ تبقى الأفلام، المُقدَّمة بين طيات الكتاب، ضمن تخوم الذاكرة والتذكّر والتداول، مثلما كان يرغب في حفظ المعلومات والمواد داخل حدود الأرشيف، لئلا ينال منها غبار النسيان والعدم". من هنا، "جاء تركيزي، في هذا التقديم، على الأرشيف، وعلى تغليب حسن حداد مظهر التذكّر على النسيان، الحفظ على التشتّت، ما هو ظاهر على ما هو كامن".

أما حداد، فيكتب في المقدمة أنّ "لمتعة المشاهدة طقوساً خاصة، التهاون بها كارثة. فهذه الصُور السحرية البلورية تعدّ بمثابة الحلم. تظهر وتختفي عن طريق تلك التلاشيات والمزج، حيث الزمان والمكان يُصبحان مرنين وقابلين للتكيف". يتابع أنّ السينما "تقتضي منا، فقط، ذاكرة تكفي لربط هذه الصور. ذاكرة تنسينا كلّ شيءٍ ما عدا تلك الصور البلورية. نغوص فيها. نعيش بها. لتُصبح تجربة مشاهدة أي فيلم في دار العرض لا يُضاهيها أي شيء".

المقدمة نفسها نصٌّ يمزج الشخصي/الذاتي بحالة ومراحل ومشاعر، راوياً فيه اختباراته المختلفة منذ ذهابه إلى صالة عرض، حتى خروجه منها: "محتوى هذا الكتاب جاء كنتيجة حتمية لأبرز مشاهداتي للكثير من الأفلام. كما أنني اخترت أنْ تكون أفلاماً أجنبية فقط، لأن الغالبية من الأصدقاء والمقرّبين يعتقدون بأنني أكتب عن الأفلام العربية والمصرية خاصة"، منهياً نصّه بالقول إنّه، بسبب العدد الهائل من الأفلام التي شاهدها في ثلاثة عقود، منذ بداية كتابته، "سيكون الكتاب في ثلاثة أجزاء، ستصدر تباعاً هذا العام".

المساهمون