أخبار العدوان الإسرائيلي على مواقع التواصل: استهلاك الوهم والتضليل

19 أكتوبر 2023
من مدرسة مقصوفة في غزة (أشرف عمرة / الأناضول)
+ الخط -

بدلاً من المواقع الإخبارية، لجأ الملايين إلى "تيك توك" و"إنستغرام" و"إكس"، من أجل متابعة وفهم العدوان الإسرائيلي على غزة وطوفان الأقصى، وهي منصات تعجّ ببائعي المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة وفناني الدعاية.
أحد مقاطع فيديو "تيك توك" الذي شوهد أكثر من 300 ألف مرة، ادعى أن وسائل الإعلام دبّرت الهجمات، وآخر شوهد أكثر من 100 ألف مرة، يدعي أنه من حرب إسرائيل، بينما هو ليس سوى للعبة فيديو Arma 3. 
وعلى "إنستغرام"، أظهر فيديو مظليين على أنهم عناصر المقاومة، بينما هم مظليون في مصر ولا علاقة لهم بالأحداث الجارية. وواجهت "إكس" انتقادات بسبب مقاطع فيديو لا علاقة لها بالحرب، جرى تقديمها على أنها لقطات من الأرض، وبسبب منشور من مالك المنصة، إيلون ماسك، وجّه المستخدمين نحو متابعة حسابات شاركت معلومات مضللة، قبل أن يحذفه.

تلويث البيئة المعلوماتية

وقال المسؤول في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي في المجلس الأطلسي، غراهام بروكي، لـ"سي أن أن"، إن الكثير من المحتوى الأكثر تطرفاً يجري تداوله على "تيليغرام"، وهو تطبيق مشفّر لا يخضع لقواعد صارمة على المحتوى. وتسهّل قواعد "تيليغرام" التوزيع السريع والفعّال للمواد الدعائية أو القاسية على جمهور كبير ومستهدَف بعينه.
وقال مدير مركز مكافحة الكراهية الرقمية، عمران أحمد، لشبكة سي أن أن، إن مجموعته لاحظت ارتفاعاً كبيراً في الجهود المبذولة لتلويث البيئة المعلوماتية المحيطة بالعدوان الإسرائيلي وطوفان الأقصى. 
وأضاف أن ذوي النيات السيئة "يستغلون الحرب في وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية خاصة بهم". وأكد أحمد أنه "من المرجح أن يؤدي الحصول على معلومات من وسائل التواصل الاجتماعي إلى تضليلك بشدة".
يقول المؤسِّس المشارك لمنصة الثقة والسلامة، "سايندر"، بريان فيشمان، في منشور له عبر "ثريدز"، إن هذه المنصات لم تتعرّض للاختبار بهذه الطريقة من قبل. 
ويشير فيشمان إلى أن "المنصات التي أبقت الفِرَق القوية في مكانها ستُدفَع إلى أقصى الحدود، والتي لم تفعل ذلك ستُدفع إلى ما هو أبعد".
ويعرض "يوتيوب" الآن مقاطع فيديو من المؤسسات الإخبارية الرئيسية في نتائج عمليات البحث المتعلقة بالطوفان والعدوان. وقالت إدارة الموقع إن فِرَقها أزالت آلاف المقاطع، وتراقب انتشار خطاب الكراهية والتطرف والمشاهد القاسية والمحتويات الأخرى التي تنتهك سياساتها.
وأعلنت "ميتا" أنها أنشأت مركز عمليات خاصة يضم خبراء بينهم متحدثون بالعبرية والعربية بطلاقة، ويعمل على مدار الساعة، بالرغم من اتهام الشركة بتعمّد التضييق على المحتوى الفلسطيني.

المنصات ليست صحافة

وأخبرت "سناب شات" شبكة "سي أن أن" أن فريق المعلومات المضللة التابعة له، يراقب عن كثب المحتوى الصادر من المنطقة، ويتأكد من أنه يحترم إرشاداته التي تحظر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والإرهاب والعنف التصويري والتطرف.
وأرسل مسؤولو الاتحاد الأوروبي تحذيرات إلى "تيك توك" و"فيسبوك" و"ميتا" و"يوتيوب" و"إكس"، بسبب المحتوى المضلل حول العدوان والطوفان، مذكرين بأنها قد تواجه غرامات بمليارات الدولارات بسبب ذلك.
وفتحت المفوضية الأوروبية رسمياً تحقيقاً ضد "إكس"، المنصة التي ركّزت على محاربة محتوى المقاومة، واتُّهمت بأنها احتضنت التضليل حول العدوان أكثر من أي وقت مضى.  
كما دعا المشرعون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة المنصات إلى التأكد من أنها تطبق قواعدها ضد المحتوى غير القانوني.

عكس الصحافة الرصينة، بُنيت مواقع التواصل بطريقة تسهّل انتشار الأكاذيب. يقول أحمد إن خوارزميات المنصات التي تروّج للمحتوى الذي قد يحظى بتفاعل كبير يمكن أن تساعد المسيئين الذين يصممون المحتوى للاستفادة من طريقة العمل هذه. 
والمشاكل الأخرى مثل منح "إكس" علامة "التحقق" الزرقاء من دون استحقاق مقابل اشتراك شهري، وإزالته للعناوين الرئيسية من روابط المقالات الإخبارية، يمكن أن تزيد من التلاعب في كيفية إدراك المستخدمين لحدث إخباري.
ودعا أحمد المنصات إلى إيقاف الخوارزميات القائمة على التفاعل، مؤكداً أن "مصانع المعلومات المضللة ستتسبب في عدم الاستقرار الجيوسياسي، وتعرّض اليهود والمسلمين للأذى في الأسابيع المقبلة".
تفتقر اللقطات القتالية المنشورة في وسائل التواصل إلى الزاوية والسياق الأوسع، وهذا عمل الصحافة إلى جانب المنظمات البحثية. ويقول بروكي: "من رأيي أنه يمكن للمستخدمين التفاعل مع العالم كما هو، وفهم أحدث المعلومات وأكثرها دقة من أي حدث معين، من دون الاضطرار إلى الخوض بشكل فردي في أسوأ محتوى ممكن حول هذا الحدث".
ويحذّر أحمد من أن "هناك أشخاصا يحاولون إجباركم على مشاركة الهراء والأكاذيب المصممة لغرس الكراهية فيكم أو تضليلكم". ويضيف أن "مشاركة الأشياء التي لستم متأكدين منها لا تساعد الناس، بل تضرهم حقاً وتساهم في خلق شعور عام بأنه لا يمكن لأحد أن يثق في ما يراه".

المساهمون