تتداعى أبرز ادعاءات الاحتلال وأكاذيبه المؤسِّسة للعدوان على غزة، الواحد تلو الآخر، خصوصاً تلك التي تركّز على شيطنة المقاومة الفلسطينية، وتلفيق الاتهامات لها كمبرّر للقتل والتهجير والتجويع والتنكيل في القطاع. في ما يلي، أبرز ادعاءات الاحتلال حول حماس التي انكشف زيفها:
جمهور الحفل
منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى، سيطرت على الإعلام العالمي شبه حقيقة بأن مسلحي المقاومة أطلقوا النار على مهرجان إسرائيلي، وهي القصة التي دفع بها الاحتلال وانتشرت على نطاق واسع جداً. لكن تقريراً لصحيفة "هآرتس"، كشف أن مروحية عسكرية إسرائيلية هي من أطلق النار على إسرائيليين من المشاركين في الحفل. وذكرت "هآرتس" أن تقييمات المؤسسة الأمنية، أظهرت أن "مروحية قتالية تابعة للجيش الإسرائيلي، وصلت إلى مكان الحفل وأطلقت النار على منفذي هجمات هناك، وكما يبدو أصابت أيضاً بعض المشاركين في المهرجان (في إشارة إلى الإسرائيليين)". وأشارت إلى أن مقاتلي حماس "لم يكن لديهم معرفة مسبقة بمهرجان نوفا الموسيقي، الذي أقيم بجوار كيبوتس رعيم، في 7 أكتوبر".
وبعد انكشاف الحقيقة، قالت "حماس" إن إثبات وسائل إعلام عبرية إقدام مروحية حربية إسرائيلية على قصف المحتفلين بغلاف غزة "يؤكد أن إسرائيل اختلقت الأكاذيب لتبرير الإبادة والتهجير من غزة". وفي بيانها، قالت الحركة إن "ما نشرته وسائل الإعلام العبرية، يؤكّد أن طائرة (مروحية) حربية صهيونية قصفت مُحتفلين بغلاف غزة، في السابع من أكتوبر، ويثبت بما لا يدَع مجالا للشك، أن حكومة الاحتلال، عمدت إلى اختلاق الأكاذيب والروايات الزائفة، حول أحداث ذلك اليوم".
وأضافت أن ذلك جرى "لتبرير عمليات القتل والإبادة الجماعية، التي ترتكبها قوات الاحتلال اليوم، بهدف تهجير الفلسطينيين عن أرضهم وديارهم".
الممرضة المزيفة
انتشر فيديو لفتاة ترتدي لباس التمريض، وتدعي أنها تعمل بمستشفى الشفاء بقطاع غزة، وزعمت باللغة الإنكليزية وهي "تبكي وخائفة"، أن "حماس سرقت الوقود ومواد مثل المورفين من المستشفى". وشوهد الفيديو من حساب باسم Open Source Intel أكثر من 13 مليون مرة قبل أن يُحذف. وفي الفترة التي تم فيها تداول الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر الحساب قربه من الجيش الإسرائيلي، وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني حذف الحساب الفيديو. لكن، في منشور لاحق، ذكر حساب Open Source Intel أن الفيديو لا يمكن التأكد من صحة مصدره. وأكد خبير الإعلام الرقمي والتضليل الإعلامي، مارك أوين جونز، زيف الفيديو، مشيراً في حديث لوكالة الأناضول للأنباء، إلى أنّ الأصوات في الفيديو، تم التأكد من أنها تأثيرات صوتية مركبة على الفيديو. وأكد جونز أنّ الفيديو مزيف بشكل واضح، ويبرز ذلك في اللكنة والإنارة بالغرفة رغم ادعاء الفتاة بأن عناصر حماس "سرقوا كل الوقود من المستشفى"، وأصوات الانفجارات المركبة على الفيديو. وذكر جونز أنّه "إذا كانت تخاف من حماس وتهمس بذلك، لماذا تكشف أثناء التصوير عن وجهها الذي سيراه العالم بأسره وقبل ذلك ستراه حماس". ويشير موقع التحقق من صحة الأخبار، "مسبار"، إلى أن تحليل صوت الممرضة، يكشف وجود قنوات صوتية عدة داخل الفيديو، ويُظهر أن هناك لحظات من الصمت الكامل، وهو أمر غير متوقع في مستشفى مزدحم مثل مستشفى الشفاء. علاوة على ذلك، يتضح من التحليل وجود تكرار في أصوات القصف بترددات صوتية متشابهة للغاية، ما يشير إلى أن الفيديو قد جرى تعديله، وأن أصوات القصف أُضيفت إليه كتأثيرات صوتية.
40 طفلاً
ادعت مراسلة محطة "آي 24" الإسرائيلية، خلال تغطية مباشرة، بأن جنوداً إسرائيليين أخبروها بأنهم عثروا على جثث 40 طفلاً برؤوس مقطوعة، وهو الادعاء الذي انتشرت على نطاق واسع جداً، وذُكر في وسائل إعلام، وعلى لسان سياسيين، من دون تقديم أدلة. لكن محرّر الشؤون الدولية في "سكاي نيوز"، دومينيك واغهورن، نشر على "إكس" أن "قصة الأطفال بالرؤوس المقطوعة في كفر عزة اعتمدت على تقرير مراسلة إسرائيلية واحدة، ولم تتأكد صحتها من قبل أي جهة رسمية".
وتواصلت وكالة الأناضول مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي قال إنه "لا يملك أية معلومات تؤكد الادعاءات بأن حماس قطعت رؤوس أي أطفال".
مستشفى الشفاء
قبل أن يقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، بذل الإسرائيليون جهوداً كبيرة لتصوير المجمع كمقر لقيادة لحركة حماس. ومع ذلك، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية، الأدلة المقدمة حتى الآن لا تصل إلى حدّ إثبات تلك المزاعم. وتشير الصحيفة إلى أن مقاطع الفيديو التي نشرها الجيش الإسرائيلي، تُظهر مجموعات متواضعة فقط من الأسلحة الصغيرة، وفي الغالب هي من بنادق الاقتحام. وأشارت الصحيفة إلى تحليل نشرته "بي بي سي"، أظهر أن لقطات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وهو يظهر اكتشافاً ظاهرياً لحقيبة تحتوي على سلاح خلف جهاز الرنين المغناطيسي، قد سُجّلت قبل ساعات من وصول الصحافيين الذين كان من المفترض أن يعرضها لهم، وأنه في مقطع فيديو آخر عُرض لاحقاً، زاد عدد الأسلحة في الحقيبة بشكل مضاعف. وادّعت القوات الإسرائيلية أن المشاهد التي نشرتها تُظهر ما عثرت عليه في المستشفى، وأن تلك المقاطع لم تخضع للمونتاج، وأنها صُوّرت في تسجيل واحد. ولكن تحليل "بي بي سي" وجد عكس ذلك، وأنّ تلك المشاهد قد خضعت للمونتاج.