"نتفليكس": هل تنجح استراتيجيات المنصة؟

10 يوليو 2022
سرحت مئات الموظفين، لكنها أبدت تفاؤلاً بما يحمله المستقبل (Getty)
+ الخط -

لا تزال منصة نتفليكس في مسارها الصحيح، رغم التحديات الجدية التي تواجهها وتهدّد أرباحها والتساؤلات الكثيرة عن المحتوى الذي تقدّمه. تطرح توجهات الشركة علامات استفهام بعدما شهدت تراجعاً في عدد مشتركيها، للمرة الأولى في تاريخها، وسرّحت 300 من موظفيها. لكن الرئيس التنفيذي المشارك في الشركة، ريد هاستينغز، طمأن باقي الموظفين إلى أن المستقبل سيكون مشرقاً، وأكد أنه في خلال 18 شهراً ستوظف "نتفليكس" 1500 شخص، وذلك في يناير/كانون الثاني الماضي.

لسنوات، تسلمت "نتفليكس" دفة الريادة والابتكار في هوليوود، وأطلقت ثورة في الكيفية التي تُشاهد بها الأعمال التلفزيونية والسينمائية. لكنها الآن، وفي مواجهة الخسارة الكبيرة في أعداد المشتركين، وتوقعها خسارة المزيد هذا العام، تحاول تعديل استراتيجيتها، لكن من دون فرض تغييرات جذرية.

في حديث لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية أخيراً، قال المحلل الإعلامي ريتشارد غرينفيلد: "أعتقد أن الإعلانات والحدّ من مشاركة كلمات المرور تمثلان فرصتين رائعتين لزيادة الأرباح التي يفترض أن تؤدي إلى المزيد من الاشتراكات أو المزيد من الإيرادات. لا شك في ذلك". لكن هاتين الخطوتين قد لا تكفيان لإنقاذ "نتفليكس"، إذ رأى غرينفيلد أن على المنصة تخصيص المزيد من ميزانية المحتوى، وقيمتها 17 مليار دولار أميركي، على الأعمال الناجحة مثل "سترينجر ثينغز" Stranger Things.

من جهتها، أعلنت "نتفليكس" أنها لن تقدم على تغييرات ضخمة في الوقت الحالي. إذ ستواصل إطلاق عروضها دفعة واحدة، مع بعض الاستثناءات، إذ طرحت الحلقات الأخيرة من مسلسلي "أوزارك" Ozark و"سترينجر ثينغز" على دفعتين هذا الشهر، يفصل بينهما أكثر من شهر.

وعلى الرغم من تسريح "نتفليكس" نحو 450 موظفاً بدوام كامل خلال الأسابيع الستة الماضية، فإن أياً منهم لم يكن من كبار المسؤولين التنفيذيين في البرمجة، وهو دليل آخر على أن الشركة لا تزال ملتزمة خطتها التقليدية.

ووصلت "نتفليكس" إلى أكثر من 221 مليون مشترك في أنحاء العالم كافة، عبر استعدادها للإقدام على المخاطرات، إذ تعطي الضوء الأخضر للمحتوى الطموح، وتدفع مقابل المسلسلات، سواء أتضمنت أسماءً كبيرة أم لا. لكن إصرارها على التزام مسارها الحالي أثار قلقاً لدى المتابعين الذين يرون أن "نتفليكس" ريادية في قطاع المسلسلات والأفلام التي تطرح بتقنية البث التدفقية.

ويمكن ملاحظة ذلك، على سبيل المثال، في ميزانيات التسويق للشركة. عام 2019، عندما كانت "ديزني بلس" و"آبل تي في بلس" في بدايتها، ولم تكن "إتش بي أو ماكس" قد أطلقت، أنفقت "نتفليكس" 2.6 مليار دولار على التسويق. عام 2021، عندما زادت المنافسة بشكل كبير، أنفقت "نتفليكس" 2.5 مليار دولار فقط. ولا تزال معظم المسلسلات على "نتفليكس تحظى بالقليل من الترويج الخارجي نسبياً. ولا تزال أفلام البث تتلقى إصدارات رمزية فقط في صالات السينما.

سينما ودراما
التحديثات الحية

لكن المديرين التنفيذيين في الشركة أصبحوا أكثر حساسية تجاه المراجعات السيئة التي تصاعدت وتيرتها أخيراً، بينما تكافح "نتفليكس" من أجل تحقيق نجاح جديد يشبه ذلك الذي وفرته لها أعمال مثل "ذا كراون" The Crown و"سترينجر ثينغز". فبعض الأعمال التي طرحتها أخيراً، وبينها فيلم "سبايدرهِد" Spiderhead ومسلسل "غادز فيفوريت إيديوت" God's Favorite Idiot قوبلت بالاستهزاء الشديد.

وقال منتج يعمل مع "نتفليكس"، لـ"نيويورك تايمز"، إن كلمة "جودة" يجري تداولها كثيراً في اجتماعات التطوير. واعترضت المتحدثة باسم "نتفليكس"، إميلي فينغولد، على فكرة أن التركيز على الجودة شيء جديد، مشيرةً إلى محتوى متباين في المنصة مثل "سكويد غيم" Squid Game و"توو هوت تو هاندل" Too Hot to Handle و"رِد نوتس" Red Notice و"ذي آدم بروجكت" The Adam Project. وقالت فينغولد: "للمستهلكين أذواق مختلفة للغاية ومتنوعة. لهذا السبب نستثمر في مثل هذه المجموعة الواسعة من القصص، ونطمح دائماً إلى صنع أفضل نسخة من هذا العنوان بغضّ النظر عن النوع. التنوع والجودة مفتاح نجاحنا المستمر".

وقال المنتج تود بلاك إن عملية إدخال مشروع إلى التطوير في "نتفليكس" قد تباطأت، ولكن بخلاف ذلك، فإن العمل يجري كالمعتاد. ولا تزال الشركة تنوي إنفاق نحو 17 مليار دولار على المحتوى هذا العام، وقد دفعت 50 مليون دولار الشهر الماضي لـ "بين هاسلرز" Pain Hustlers، وهو فيلم إثارة من بطولة إميلي بلانت وإخراج ديفيد ياتس، وتخطط لإنتاج "ذي إلكتريك ستيت" The Electric State، وهو فيلم قيمته 200 مليون دولار من إخراج الأخوين جو وأنتوني روسو وبطولة ميلي بوبي براون وكريس برات، بعد أن رفضت "يونيفرسال" السعر، كذلك أعلنت الشركة للتو صفقة تطوير لتصوير فيلم تلفزيوني مقتبس من فيلم "إيست أوف إيدن" East of Eden من بطولة فلورنس بوغ.

فاجأت "نتفليكس" العالم، في إبريل/نيسان الماضي، عندما أعلنت أنها ستبدأ بعرض الإعلانات على المنصة، محطمةً المبدأ المقدس بعدم إضافة الإعلانات. لكن قد يستغرق الأمر ثلاث أو أربع سنوات حتى تصبح ضمن أفضل 10 شركات من حيث إعلانات الفيديو. وحذّر المحللون من أن نموذج الإعلان سيوفر مكاسب مالية "متواضعة" في العامين المقبلين بسبب الابتعاد الطبيعي عن قاعدة المشتركين ذوي الأجور المرتفعة. وتوقع المحللون أنه بحلول نهاية عام 2025، سيتجه ما يقرب من ثلث قاعدة المشتركين نحو النموذج الأرخص المدعوم بالإعلانات، أي نحو 100 مليون مستخدم.

المساهمون