"مورتال كومبات"... مقاتلون يلعبون الرياضة

19 مايو 2021
تبدو الأزياء كأنّها جزء من الشخصيات وليست لأغراض تنكريّة (Imdb)
+ الخط -

تعد Mortal combat واحدة من ألعاب الفيديو القليلة التي انتقلت إلى شاشات السينما، كحالة Tomb raider وresident evil. لكن، لسوء الحظ، في كُل مرة يُنتج فيلم مستوحى من هذه اللعبة، تكون النتيجة مخزيّة، بل ومسيئة للعبة الأصلية التي يبلغ عمرها قرابة الثلاثين عاماً.

هذا العام نحن أمام فيلم جديد، من إنتاج وإخراج الأسترالي سيمون ماكويد، الذي حاول في باكورة أعماله هذه تفادي الفشل الذي شهده الفيلم الأخير الذي أنتج عام 1997. لكن، يبدو أن هناك لعنة تلاحق كل من يحاول العمل على فيلم مقتبس من اللعبة، إذ يبدأ الفيلم بالحكاية التقليديّة: مقاتل ضائع يكتشف تاريخه الشخصي والسحري، ويجد نفسه مضطراً إلى المشاركة في دورة قتال سريّة، ليمنع تداخل عالمنا هذا مع العوالم الموازية المليئة بـ"الأشرار". وأثناء رحلته والمعارك المتعددة التي يخوضها، نكتشف شخصياتنا المفضلة، سواء تلك الساخرة كـ جاكس وكانو، أو تلك المخيفة، كـ سابزيرو وسكوربيون.

لكن، للأسف لا نشاهد كل ما نحب، فبالرغم من أن أغلب الممثلين مقاتلون محترفون، إلا أن اللقطات السريعة لمشاهد القتال تجعلها تبدو أشبه بالتمرينات لا القتال الحقيقي. الأهم، لا نشاهد المعركة الحاسمة، وكأن الفيلم تمهيد لفيلم سيأتي لاحقاً، سنشاهد فيه المعركة الكبرى التي سيتحدد إثرها مصير الأرض. وفي هذا مخالفة للوعود التي انتظرناها من الفيديو الترويجي، فالاشتباك بين سكوربيون وسابزيرو الذي روج له لا يتجاوز بضع دقائق، ولم يكن بالأسلوب المتوقع.

لكن لا يمكن إنكار أن الفيلم استعاد كل الحركات والعبارات والكلمات المفضلة لدينا من اللعبة، إلى جانب المحافظة على مستوى العنف العالي الذي اعتدناه أثناء اللعب. لا يعتبر الفيلم رائعة قتاليّة، إذ ما زالت السذاجة في التعامل مع المادة الأصل (اللعبة) قائمة، وكأن هناك عجزاً عن التقاط روح اللعبة، ربما السبب هو الرغبة باستضافة كل الشخصيات بسرعة، والتركيز على المفهوم عوضاً عن تطوير كل شخصية بصورة منفصلة، والتعمق في فهم مهاراتها، وهذا ما نرى ملامح منه؛ فأجاكس فقد يديه ونال عوضاً عنهما اثنتين حديديتين، ويمضي معظم الفيلم في محاولة إجادة استخدامهما. لكن المؤثرات الخاصة المستخدمة تبدو أحياناً ساذجة وتعلق تصديقنا لما نراه.

تتفاوت الانتقادات الموجهة للفيلم، خصوصاً في ما يتعلق بالقتال؛ فعدم الاستفادة الكليّة من مهارات المقاتلين، والتركيز على اللقطات السريعة، أصبح مللاً بسبب تكراره في أغلب أفلام القتال، خصوصاً الأفلام التي تحوي مقاتلين محترفين كأفلام جاكي شان وبروس لي، وتراهن على المهارة واللقطات التي نشاهد فيها الحركات القتالية بأكملها، ما يعني أن المتعة في الأداء لا في الحكاية التقليديّة، وهذا ما لا يظهر في هذا الفيلم، فالتسليم بسطوة الحكاية المتكررة، والمتخيلات التي نمتلكها عن اللعبة، على حساب متعة مشاهدة أشخاص حقيقيين يؤدون ما لا نستطيع القيام به من حركات ومهارات، يهدد فعل المشاهدة نفسه؛ أي ببساطة لا يثير الحماس كوننا نشاهد بالأساس شكلاً من أشكال الرياضة.

هذه المفارقة نراها في شخصية سابزيرو فبالرغم من أسلوبه المذهل في القتال يبدو أحياناً بسبب المؤثرات غير المتقنة كأنه لا يصدق ما يستطيع القيام به، ويكتشف قدراته في كل مرة يستخدمها، ما يتركنا محتارين أمامه: هل ما يحدث هو محض مصادفة؟ أم أنه يتقن بشدة استخدام ما يمتلكه من قوة؟ ما هو إيجابي في الفيلم، يتمثل بمشاهد القتل العنيف أو إنهاء الحياة، تلك التي تستدعي ما هو موجود في اللعبة، وتكسبه نفحة واقعيةّ. هناك أيضاً الأزياء وتفاصيلها المشغولة بدقة، وكأنها فعلاً جزء من الشخصيات، لا مجرد أزياء تنكريّة. ونهاية، هناك كانو، الشخصية الساخرة التي لا تتوانى عن فعل الحماقات واستخدام قواها فقط لإثبات وجهة نظرها، أو استعراض مهارتها. 

هو أيضاً نذلٌ من نوع ما، لا يهمه سوى مصالحه وانتصاره، وهذا ما لا يبدو منطقياً، بل ساخراً في بعض الأحيان، كوننا نتوقع معركة دموية لن تخاض ضد البشر، بل ضد كائنات لا تنتمي لعالمنا هذا، سحرة ووحوش بأربع أيد لا تكفي حذاقة اللسان لمواجهتهم، ما يتركنا نشكك بدورة القتال هذه وجدوى الالتزام بقواعدها.

المساهمون