"عالحد"... تشويق بلا روح

16 يناير 2022
تلعب سلافة معمار دور "ليلى" في المسلسل (سيدرز آرت برودكشن)
+ الخط -

يتناول مسلسل "عالحد" قصّة "ليلى" (سلافة معمار) التي تصل إلى بيروت طفلةً بعدما توفّيت أسرتها في دمشق، وتعيش في بيروت عند خالتها (صباح الجزائري). تدرس "ليلى" في كلية الصيدلة، وتتزوّج من "طارق". ولكن بسبب الظروف الراهنة التي يمرّ بها لبنان، يقرر "طارق" السفر والهجرة عبر البحر إلى أوروبا. يختفي "طارق" لمدّة ثماني سنوات، لتعيش "ليلى" وابنتها "تالة" حالة من الاستقلال الكامل في كنف الخالة التي تحيطهما بالحب والرعاية.

يطرح "عالحد" قضايا اجتماعية هامة، منها مثلاً التحرش الجنسي، وتعاطي المخدرات، ولكن من منظور ضيق جدًا. فحالة من الالتباس تخيم على الشخصيّة الرئيسية المتهمة بالتحرُّش. "مروان" شاب يعيش في حيّ فقير، مقنع الوجه ويرتدي قفازات، ويلاحق النساء في الشوارع ليلاً، حتّى يُطعَن بسكين في خاصرته ويلقى حتفه. وتبدأ التحريات لمعرفة قاتل "مروان"، خصوصًا وأنّ السيرة الذاتية للقتيل "لا تشوبها شائبة"، كما يقول سكان الحي وجيران الضحيَّة.

جريمة القتل تأخذ المسلسل إلى عالم من الغموض، ولكنّه غموض مصطنع وبارد ويزيد من حجم الضعف الذي يعانيه العمل. العمل من إخراج اللبنانية ليال راجحة، وبتكليف من شركة "سيدرز آرت برودكشن" (صبّاح إخوان) للإنتاج. لم يسبق لراجحة أن قامت بإخراج مسلسل من قبل، وكان من الأجدى بها دراسة تفاصيل دقيقة والعمل عليها، خصوصًا حركات الممثلين وطريقة التصوير.

وعلى الرغم من الوقت الطويل الذي استغرقه تصوير "عالحدّ" (12 حلقة)، إلا أن النتيجة مخيبة. لم تنقذ الممثلة السورية سلافة معمار العمل، في تجربة كان يعول عليها ضمن الدراما المشتركة، وهذا ما ظهر جلياً من ردود فعل المتابعين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي. لا تركز المخرجة ليال راجحة على الناحية التقنية، بل تتمركز على مواقع تصوير ومسافات مغلقة وباهتة جداً من حيث الشكل، سواء في المنازل أو حتى في المشاهد الخارجية التي تظهر زاوية واحدة فقط. وكأن الكاميرات مثبتة، ولا تحسب راجحة حسابًا للتنويع، أو تقديم الرواية مصورة بتفاصيلها العامة، وتغيير نبض الأداء.

يخيل للمشاهد أن راجحة، تحاول الانتهاء بسرعة من العمل لتقع في تنميط أغرق بدوره مجموعة من الممثلين في فخ الحفظ و"التسميع" لسيناريو يحتاج هو الآخر للشدّ، ويفتقد لعناصر التشويق التي من المفترض أن تظهر بعد الحلقة الثانية أو الثالثة عند اكتشاف جريمة قتل الشاب المُتحرش التي تقوم بها "ليلى" المُدمنة على المهدئات.

تدخل "ليلى" رحلة الانفصام والغموض التي ربما تعود إلى لحظة اختفاء زوجها وتداعيات الانتظار لثماني سنوات، أو لقصة حصلت معها وهي طفلة وتحولت إلى ما يلامس العقدة النفسية، أمام تحديات المجتمع ويوميات امرأة عاملة تحاول تحييد ابنتها الوحيدة عن الواقع وإمدادها بالعاطفة والثقة والثقافة.

سينما ودراما
التحديثات الحية

تغيب الانفعالات عند الممثل رودريغ سليمان الذي يقوم بدور "وليد" صديق "ليلى". أداء سليمان كان من المفترض أن يزيد من قدرة هذا الممثل المعروف بحرفيّته العالية، لكنه يظهر هنا من دون لون في ردّات الفعل الخاصة لإقناعنا بدور زوج خائن اختار "ليلى"، صديقة زوجته، من أجل الهروب إلى حياة الحب والعشق والنزوة المؤقتة، من دون أي مبرر.

هذا العمل هو الخطوة الأولى "فعليًا" للممثلة السورية سلافة معمار ضمن "موضة" المسلسلات القصيرة الأقرب إلى التجارية، والتي دأبت على إنتاجها وتصديرها منصة "شاهد" السعودية منذ سنتين، وتطرح قضية أو التحقيق في جريمة قتل وفق خيوط أصبحت مستهلكة جداً في العالم العربي، إذْ تنقل عالم "المافيات" الغامض وفقأ لأهواء الكاتب والمخرج، لكن كل من منظاره الشخصي وليس خدمة للقصة.

المساهمون