الفيلم الفرنسي الجزائري "زِد" (1969)، تحفة سينمائية تتناول الانقلاب العسكري في اليونان، وتسلط الضوء على حكم الجنرالات المستبد وعلى تضييق الحريات والقمع والاغتيالات السياسية.
وعلى الرغم من أهمية فيلم "زِد" السياسية، إلا أن قوته تكمن أيضاٌ في تفاصيله الفنية، سواء في جمله الموسيقية اللافتة أو المونتاج الديناميكي الذي خلق إيقاعاً خاصاً. والفيلم أيضاً مُحرض على الثورة ورفض كل أنواع القمع والتسلط والاستبداد والعنف الدموي.
تدور أحداث الفيلم في اليونان، وهو يتناول قصة حقيقية عن معارض يساري يعقد ندوة كبيرة يجمع فيها أنصاره، ليشجب ويعارض حكومة الجنرالات التي حكمت البلاد بالحديد والنار، إلا أن تلك الحكومة تُدبر مؤامرة ضده، وينتهي الفيلم باستعادة الجنرالات مقاليد السلطة.
نجح الجنرالات في "زِد" في التخلص من كل الأطراف المعارضة بطرق عدة بدت كأنها حوادث أو انتحار. وكافأت السلطة كل من كان في معسكرها ونفذ تعليماتها بدقة، أي البلطجية واللصوص والدهماء. المكافآت كانت بتدبير مشاريع لهم وإعطائهم مقابلاً مادياً مجزياً.
لم يكن صنع فيلم مثل "زِد" بالعملية السهلة. المخرج الجزائري الذي أشرف على الإنتاج، قال إن الفيلم لم يكن للفرنسي ــ اليوناني كوستا غافراس، أي أن الجزائر رشحته لتولي الإخراج. وهذا الترشيح كان شجاعة من القيادة السياسية حين كان يتولى رئاسة الحكومة هواري بومدين (1932 ــ 1978).
وذكر أحمد راشدي المعاناة في توزيع الفيلم، كما ذكر أن الممثل إيف مونتان، الذي شارك في الفيلم، لم يبخل بأي مساعدات لضمان نجاح العمل.
وتوج الفيلم من لجنة التحكيم الخاصة في "مهرجان كانّ السينمائي الدولي" بجائزة أحسن ممثل لجان لوي ترينتينيان، وحصد جائزة "أوسكار" عن فئة أفضل فيلم أجنبي.
ولا يسعني هنا إلا أن أستعرض نهاية الفيلم: بعد انقلاب الجنرالات على رغبة الشعب، حُرمت الموضة والأزياء والتنانير القصيرة، ومنعت كتب الفلسفة وكتب سيغموند فرويد، وحظرت الموسيقى الغربية بكل أنواعها. وفي النهاية ألغوا حرف "زِد" Z من الحروف اليونانية. ومعنى هذه النهاية لا يزال حياً.