"بلاتينيوم إند"... 999 يوماً لاختيار الإله

02 ابريل 2022
احتفظ المسلسل بخاتمة مدهشة وغير متوقعة (IMDb)
+ الخط -

حصل مسلسل "بلاتينيوم إند" Platinum End على توقعات عالية من جمهور الأنمي، كونه من تأليف تسوغومي أوبا Tsugumi Ohba الذي قدم مانغا "ديث نوت" Death Note، المُقتبسة من المانغا الشهير الذي يحمل الاسم نفسه.

وفي حلقاته الأولى، يعطي "بلاتينيوم إند" بداية مثيرة لمن ينتظرون عملاً مشابهاً لـ"ديث نوت"؛ فنرى شاباً يائساً، يُدعى ميراي، يقرر الانتحار، حتى تنقذه ملاك، وتقدم له فرصة جديدة لحياة أكثر سعادة، بمساعدة قوى مميزة تمنحها له، بما فيها سهم غير مرئي قادر على قتل أي شخص من دون أي خطأ. وتدخل الملائكة مع إعطاء قوى قاتلة. وهذا ما حدث مع لايت، بطل "ديث نوت"، مع اختلاف السياق.

الموت وتغيير العالم

ميراي البطل ليس الشخص الوحيد الذي حصل على هذه القوة، فقد حازها في الوقت نفسه 12 شخصاً آخرين، بشكل متفاوت، حسب قوة الملاك الذي أنقذ كلاً منهم. القوى هي سهم أحمر، يجعل ضحيته متيمة به، لدرجة أنه يستطيع أن يأمره بالانتحار، وسهم أبيض للقتل الفوري، وأجنحة للطيران. فقط الملاك من المرتبة الخاصة يستطيع منح الثلاثة. يختار كل ملاك البشري الذي ينقذه من الانتحار أو من الموت بمرض، ليصبح مرشحاً ليكون الإله الجديد، على أن يتم اختيار الإله خلال مدة أقصاها 999 يوماً. واختيار المنتحرين يعود إلى نظرية مفادها أن من يرغب بالموت، يريد تغيير العالم.

بعدد شخصيات كبير كهذا، لم يكن البطل ميراي هو المحرك الرئيسي للأحداث. فمع افتقاده للحوافز الكافية، ورغبته بسعادة طبيعية فقط، لم يرغب في أن يكون إلهاً. وبهذا، كان يجب دخول شخصية أخرى قادرة على تحريك الأحداث. ومن تكون سوى شخصية دموية في حالة كهذه؟ يظهر، بشكل مفاجئ، شخص متنكر بشخصية أنمي مقنعة، ليؤدي أعمالاً بطولية أمام الإعلام، ويعلن أنه يبحث عن مرشحي الإله لقتلهم جميعاً، للوصول إلى منصب الإله. في المقابل، تظهر شخصية أخرى لرجل يريد إيقافه، لأنه لا يريد عالماً يكون إلهه فيه شخصاً قاتلاً. فيجند معه البطل وشخصية أخرى. واستعداداً للمعارك، يرتدي الجميع أزياء تنكرية، ومضادة للرصاص، وتبدو كأزياء أبطال خارقين؛ الأمر الذي يعطي العمل مستوى آخر من اللاواقعية، ليصبح أقرب إلى أعمال الأبطال الخارقين الموجهة للأطفال، من خلال شكل الأزياء والأسماء المستعارة الحماسية.

في الوقت نفسه، يترافق ذلك مع مشاهد جنسية عنيفة، ومشاهد دموية وشخصيات مهووسة. وعادةً ما تكون هذه المشاهد طريقة رخيصة ومكررة لجذب مشاهدين من فئة عمرية كبيرة، إن لم تكن مبررة كما يجب. لم يوفق العمل بإضافة كل هذا الأكشن، إنما بدت وكأنها إطالة وإضافات بلا داعٍ، خصوصاً أن نصف العمل مر من دون أن نتعرف إلى كل المرشحين، وكان يمكن اختصار ذلك بكل سهولة.

سينما ودراما
التحديثات الحية

وبالفعل، بعد عدة حلقات، بدأت شعبية الأنمي بالتراجع. يتمحور هذا القسم من السلسلة بأكمله حول الصراع بين مجموعة من المرشحين ضد ميتروبوليمان، المرشح الذي ينوي قتل الجميع. ومع ضعف مشاهد القتال، يمكننا أن نقول إنه ليس عملاً يهتم بمشاهد كهذه من الأساس، إنما بالأفكار والمناقشات. لكن حتى هذا كان ضعيفاً جداً. ففي القتال النهائي بين ميراي وميتروبوليمان، يضيع الكثير من الوقت على نقاشات بين نقيضين. النقاشات نفسها كانت سطحية، وبدت كمناظرة بين مراهقين. ورغم أنهما فعلاً كذلك، فإنّ فرضيات الأنمي عادةً تعطي خطاباً لا يتناسب مع سن الشخصية، فلم يكن من الممكن الحكم بسهولة: هل هذا نقاش ضعيف لأنه على لسان طلاب ثانوية؟ أم أنه ضعف من النص؟

حتى منتصف العمل، بدا وكأنّ كلّ الأوراق احترقت. ولإكمال السلسلة، لا يوجد سوى الفضول لمعرفة بقية المرشحين. حتى هذا الفضول لم يُبنَ بشكل يجعل المُشاهد يراهن عليه، فالشخصيات التي ظهرت في القسم الأول لا تعطي انطباعاً بوجود شخصيات أخرى قد تكون مثيرة للاهتمام لبساطتها الشديدة.

المفاجآت في القسم الثاني

مع التراجع الذي شهده القسم الأول من العمل حتى الحلقة السادسة عشرة تقريباً، لم يكن من المتوقع أن يعود العمل في القسم الثاني ليقدم مستوى مختلفاً تماماً على كافة الأصعدة. والمشاهد الذي منح العمل فرصة ثانية، لم يندم حتماً. كشف العمل أوراقه الرابحة بعد ظهور بقية المرشحين. ومن هنا تبدأ الأفكار الثقيلة التي كان يتوقعها المشاهد. الشخصيات الجديدة الانتحارية، والشخصيات التي تناقش وجود الإله، رغم رؤيتها للملائكة، أظهرت فكرة العمل أخيراً بعد الإحماء الطويل الممل الذي خيّم على أجواء العمل في قسمه الأول.

يتغير العمل بشكل كبير في القسم الثاني، فلا مشاهد دموية، ولا شخصيات مجنونة سطحية. كما نرى كيف يتفاعل العالم مع عملية اختيار الإله هذه. ويُطرح سؤال كبير: ماذا لو مات جميع المرشحين في لحظة واحدة؟ هل سيموت الإله؟ هل العالم الحديث بحاجة إلى إله؟ هل تعمد الإله خلق هذه الفوضى ليعيد إيمان الإنسان المعاصر فيه؟ يتحول النقاش إلى فكرة الحاجة إلى الإله.

وبينما يحدث هذا أمام الشاشات، تضعف وتزداد قوة الإله بحسب الحجج المطروحة من المرشحين، الذين لا يريد أي منهم الحصول على المنصب. ويتحول الصراع إلى سؤال مفاده: هل تحتاج البشرية إلى إله أم يجب التخلص منه؟ والسؤال الأهم الذي سيبقى عالقاً إلى النهاية: هل خلق الإله البشر أم البشر هم الذين خلقوا الإله؟ حتى الحلقة الأخيرة، يكشف العمل بطاقاته الرابحة تباعاً، لتكون الخاتمة مدهشة بدورها وغير متوقعة، ولن يعلم المشاهد ما إذا كانت ستكون نهاية مفتوحة، كأي عمل مشابه لا يمكنه تقديم إجابات عن أسئلة كهذه، أم أن الوعي البشري سيقدم نهاية تختم الأحداث بشكل حاسم؟ 

التصاعد الذي حققه العمل في القسم الثاني لم يكن متوقعاً، ولا يمكن فهم كيف سقطت نقاط الضعف التي كانت في البداية بشكل مفاجئ هكذا، ولو كانت الأحداث في البداية ضرورية للوصول إلى هذه المرحلة، لكنها كانت أطول من اللازم، فبدلاً من تحضير المشاهد لنهاية قوية، فقد العمل كثيراً من المتابعين الذين توقعوا مستوى معيناً لم يجدوه، ومن الصعب توقع أنه سيظهر بشكل مفاجئ بعد مضي أكثر من نصف الحلقات. لهذه الأسباب، سيكون الحل الوحيد لإنقاذ عمل مثل هذا يستحق المشاهدة بإعادة إنتاجه بنسخة جديدة ومختصرة أكثر، تتجنب نقاط الضعف الكبيرة التي ظهرت في قسمه الأكبر.

دلالات
المساهمون