خمس سنوات كاملة مهدت لبلوغ الممثل السوري تيم حسن سلم النجاح من دون منافس. خمس سنوات أحدثت انقلابًا في عالم الدراما العربية المشتركة، واللجوء إلى الممثل "البطل الذي لا يقهر" فازداد عدد الأدوار التي استُنسخت لتكريس هذا المفهوم، على الرغم من صبغته التجارية.
دون شك، يعتبر مسلسل "الهيبة" تحولاً واضحًا في عالم الدراما العربية في السنوات الأخيرة، إذ نقل مشاهد وأحداثا واقعية بصورة ملتبسة. ولا تريد شركة الإنتاج (الصبّاح) الدخول في متاهات لبنانية، ستحمل في خلفياتها تقاطعات سياسيَّة، كما هو الحال على الحدود بين لبنان وسورية. ولو أن المناسبة اليوم ترخي بظلها على اللبنانيين ومعاناتهم من "التهريب" للمحروقات وسلع تجارية أخرى إلى الداخل السوري. و"الهيبة" من الجزء الأول بُني على طرح أساسي قائم على حرب تهريب السلاح والممنوعات بين لبنان وسورية.
قبل أيام، نشر الممثل السوري تيم حسن (جبل شيخ الجبل) صورة له وهو يرتدي كمامة سوداء ممهورة بوسم "الهيبة"، واللافت أن فريق الإنتاج تنبّه للواقع الذي يعيشه العالم ودخل في مبارزة درامية هي الأولى عربيًا من خلال "الكمامة" وما تحمله من دلالات للحماية من فيروس "كورونا". وتبني "الكمامة" أو وضعها ضمن السياق سيفتح الباب أم وقائع حسية لا بل واقعية تحاصر الناس بين البلدين، لكن دون التطرق إلى السياسة، وذلك عن طريق إقرار قانوني في شارة المسلسل يؤكد أن أحداث "الهيبة" لا تمت للواقع بصلة، وكل ما يعرض من أحداث تأتي في سياق درامي وربطها بالواقع مجرد صدفة.
تخلع شركة "الصبّاح" للإنتاج ثوب المسؤولية المعلق، ولا تريد الانجرار إلى المستنقع السياسي أو الأمني، وتنبهت إلى ذلك في الجزء الثالث من "الهيبة"، عندما طالب محامون لبنانيون بإيقاف عرض المسلسل، على اعتباره أنه مسيء لمدينة بعلبك التاريخية في لبنان ويصورها على أنها مرتع للعصابات والممنوعات وحتى الدعارة، وردت يومها الشركة ببيان بأن كل ذلك ينضوي تحت قاعدة توارد الأفكار أو المصادفة.
يدخل الممثل عبد المنعم عمايري الجزء الخامس من الهيبة، متسلحًا بشهرته ودقة أدائه لمواجهة مواطنه تيم حسن، لكن الصورة بين البطلين ستحمل بعداً اجتماعيًا بداية يفضي نهاية إلى المعركة الأخيرة في انتصار أو تراجع عائلة "شيخ الجبل" وهذا يضعنا أمام نهاية مفتوحة أمام المشاهد، الأمر الذي لا تحبذه شركات الإنتاج اليوم، وتسعى إلى دائمًا إلى النهايات السعيدة. لكن في المقابل تركز التفاصيل على أن "النهاية المفتوحة" ستمكّن المسلسل من اجتياز مرحلة الأجزاء الجديدة، وترك الجواب وفق رؤية المشاهد ومفهومه لأحداث المسلسل عمومًا.
لا خسارات في الأجزاء الخمسة من "الهيبة" ولا أرباح تؤسس لنوع آخر وجديد من الدراما العربية التي تعتمد على الأحداث والتشويق من منظور شركة "الصبّاح" ومراعاة تفاصيل القصة، وأدوار الممثلين بطريقة سيمر عليها الزمن قريباً، وتصبح مع الوقت مجرد ذكرى عادية، لطرح درامي كان بإمكانه أن يقدّم بطريقة أفضل، لكن "المحسوبيات" والجرعات المحدودة من الخيارات التي تقصدتها الشركة، خصوصا مع الكتّاب والمخرجين جعلت السيرة عالقة ولم تحولها لرمز فني ثابت.