"السّامري"... سيلفستر ستالون في مدينة على وشك الانفجار

03 سبتمبر 2022
مدينة عرفت السلام زمن السامري ثم فقدته بعد اختفائه (أمازون)
+ الخط -

 

لا نعلم بدقة كيف نُعرِّف عن الممثل سيلفستر ستالون (1946). نعم هو روكي بالبوا، والقاضي دريد، ورامبو. لكن شهرة ستالون لم تعد كما كانت عليه، فمحاولة إعادة إطلاق سلسلة روكي تحت اسم Creed، بالتعاون مع الممثل مايكل بي. جوردان، لم تنل الشعبية المتوقعة منها. ذات الأمر مع سلسلة أفلام الأكشن المحشوة بالتستوستيرون The Expendables. 

يبدو أن ستالون يحاول هذا العام إعادة النظر في مسيرته المهنية، خصوصاً مع طغيان أفلام ومسلسلات الأبطال الخارقين. إذ بثت شبكة أمازون برايم أخيراً فيلم "السامري" (Samaritan)، من بطولة ستالون، وإخراج الأسترالي جوليوس أفيري. هذا ثالث فيلم يخرجه الأخير، ويلعب فيه ستالون دور السامري، الأخ التوأم لنيمسيس، اللذان بعد وفاة أهلهما في حريق، يدخلان في صراع لا ينتهي، كونهما بطلين خارقين. ينتهي هذا الصراع بموت كل من السامري ونيمسيس، الحقيقة التي نكتشف لاحقاً أنها مزيفة. يتابع السامري، بعد أن زور موته، حياته متخفياً، تحت اسم جون سميث. عامل قمامة بسيط. يتعرف أثناء عودته إلى المنزل في أحد الأيام على طفل يؤمن بنظريات المؤامرة، ومهووس بفرضية مفادها أن السامري لم يمت، بل ما زال حياً لكنه قرر التوقف عن القتال بعد قتله أخيه.

لن نخوض في أحداث الفيلم كي لا نكشف تفاصيله، لكن لا بد أن نشير إلى أن الفيلم يحاكي أجواء فيلم Unbreakable. رائعة المخرج إم. نايت شايمالان. يتحدث Unbreakable أيضاً عن بطل خارق لا يجيد استخدام قواه، يؤدي دوره بروس ويليس. لكن الاختلاف بين الفيلمين أن ستالون قرر بنفسه التوقف عن كونه بطلاً خارقاً. يحاكي الفيلم العنف الذي نراه في مسلسل The Boys، لكن من دون الدموية المفرطة.

وعوضاً عن شركة تدير الأبطال الخارقين، اللافت في "السامري" هو تبني مفاهيم نظرية المؤامرة كأسلوب لكشف الحقيقة، عبر الاستعانة بشخصية كاتب مغمور يحاول نفي حقيقة موت السامري. هذا الكاتب يؤدي دوره الممثل مارتن ستار الذي اشتهر بدور غيلفويلد في مسلسل Silicon Valley الذي بثته شبكة إتش بي أو. نذكر هذا الشأن كون الدورين شديدي التشابه، بل إن ستار يستخدم نظارة مشابهة لتلك التي كان يستخدمها في المسلسل، ويوظف أسلوب الكلام الهادئ والساخر في الوقت نفسه.

سينما ودراما
التحديثات الحية

اللافت أن الفيلم غير مقتبس من القصص المصورة، بل من تأليف براغي إف. شوت، صاحب المسيرة الفنية المتواضعة. نشير إلى الكتابة لأننا لأول مرة منذ سنوات نشاهد فيلماً لا ينتمي إلى عوالم مارفل أو دي سي، أي لا يمكن لنا انتظار شخصيات نعرفها، أو ندخل في حماسة محاولة اكتشاف أي بطل خارق سنراه في الجزء الثاني، هذا إن كان هناك جزء ثان من "السامري".

ما نحاول قوله إننا أمام فيلم تقليدي: الخير ضد الشر، مع بعض التحولات في الشخصيات التي تنتهي بانتصار الخير، من دون أي تعقيدات. ما يثير الاهتمام، أيضاً، أن أحداث الفيلم تدور في مدينة فقيرة (Granite City). مدينة مليئة بالعصابات، وعلى وشك الانفجار بسبب سوء المعيشة وانعدام الأمن. مدينة عرفت السلام زمن السامري ثم فقدته بعد اختفائه. أشبه بمكان لا يمكن له أن يستمر من دون وجود بطل خارق. ليس كمدينة غوثام التي يعتبر الشر من أصلها وباتمان واحداً من مجانينها، بل مدينة فقدت أبطالها فبدأت بالانهيار.

ربما نحن هنا أمام علامة تشير إلى تحول في النوع السينمائي الخاص بالأفلام الرجال الخارقين؛ إذ يبدو أن المدن لا بد لها من أبطال، ومن دونهم ليست هناك حياة عادية، بل ولا يمكن للنظام السياسي أن يستمر. فأهل المدينة التي يسكنها السامري يشعلون ثورة، ويقررون نهب كل شيء. ما من نظام قادر على ضبطهم، سوى شخص استثنائي، من خارج النظام، ذاك الذي أثبت فشله بشرطته، وقانونه والأهم، رأسماليته.

دلالات
المساهمون