"أمور غريبة" للصغار والكبار

15 يوليو 2022
تنظيم المهمات وتوزيعها منحا السلسلة وقعاً درامياً متصاعداً (نتفليكس)
+ الخط -

قد لا تعتبر سلسلة "أمور غريبة" Stranger Things من الأعمال المفضلة لدى كثيرين من المتابعين. ومع ذلك، فقد حققت نجاحاً جماهيرياً واسعاً، داخل أميركا وخارجها. كسب العمل هذا النجاح منذ موسمه الأول الذي انطلق عام 2016، وصولاً إلى الحلقة الأخيرة من الموسم الرابع، قبل الأخير، الذي بثته منصة نتفليكس أخيراً.

عناصر عدة أسهمت في وضع السلسلة على رأس الأعمال الأكثر متابعة في الولايات المتحدة. بدايةً، ينتمي العمل إلى فئة الدراما والرعب والفانتازيا. وهو من تأليف الأخوين دافر وإخراج شون ليفي. يتناول المسلسل قصة مجموعة من الأشخاص الذين يعيشون في بلدة خيالية تُدعى هوكينز. يواجه سكان هذه البلدة مجموعة من المواقف والأحداث الغامضة والمرعبة التي تنطلق بعد اختفاء الطفل ويل بايرز في ظروف غامضة. لتبدأ بعدها عمليات البحث والتقصي، ضمن سلسلة من الأحداث المتعاقبة التي تتفرع من خلالها خيوط الحكاية وشخصياتها وأبطالها.

سيرتكز العمل على مبدأ البطولة الجماعية. وهذا الارتكاز منح السلسلة قدرة على تعميم قصصها على مختلف الفئات العمرية. وبدوره، تحققت معها عملية التوازن الوظيفي لدور جميع الشخصيات وصراعاتها وتطوراتها في بيئة درامية متماسكة. ويعد هذا العنصر من أهم أسباب نجاح العمل. فمنح تلك الشخصيات مساحاتها الخاصة دفع وتيرة العمل للتناغم والتماهي مع طباعهم وأفكارهم وسلوكياتهم. لذا، لم يكن عسيراً، في عملية البناء الدرامي، طرح دوافع الشخصيات بسلاسة، لا تسقط معها متانة الأداء والصراع والسرد. فالمراهقون لهم نمط حواراتهم وأفكارهم الخاصة التي تناسب أعمارهم، والبالغون كذلك الأمر. ومن هنا، كانت نتيجة ارتباط الشخصيات ببعضها، منذ الموسم الأول حتى الأخير، عاملاً أساسياً في إصرار السلسلة على المتابعة بنجاح حتى حين نهاية القصة.

سينما ودراما
التحديثات الحية

العنصر الثاني والهام في نجاح السلسلة هو العنصر الزمني الدرامي، إذ إن جميع أحداث الحكاية تدور خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين. منح هذا الأمر العمل -بطابعه الخيالي الفانتازي- بعداً جمالياً أضاف متعة بصرية جذابة. بهذا، ينخرط المتابع في جولة مستهدفة عبر تلك الحقبة، ليتعرف إلى أجوائها وموسيقاها وأفلامها، وطرق تصفيف الشعر واختيار الملابس والألوان، ضمن نظرة نوستالجية كان لا بد من أن تضيف شجوناً خاصة، تكيفت معها أحداث العمل بإيقاعه ومناظره وبيئته.

العنصر الثالث، يمكن تسميته "توزيع المهمات"، نظراً لطريقة العمل في تشريح الحكايات وتوزيعها ضمن محاور متعددة. في كل محور ستتناول مجموعة من الأبطال مهمةً مختلفة عن مهمة الفريق الآخر. فريق الأطفال وهم إليفن وويل وداستن ولوكاس ومايك، مهمتهم توسيع دائرة الحدث وتحليله ضمن وقفات كوميدية تخفف من وطأة الرعب والخوف في هيكلة المسلسل. فريق المراهقين، وهم ستيف ونانسي وجوناثن، مهمتهم مراقبة الأطفال ومساعدتهم والدفاع عنهم. وفريق البالغين، وهم جويس وجيم، سيتكفلان بالتعامل مع عناصر الشرطة والجيش وعلماء المختبر الذي منه ستظهر جميع الوحوش المرعبة.

هذا الأسلوب في تقسيم المهمات وتنظيم الحكايات المتفرقة، منح السلسلة وقعاً درامياً متصاعداً، من دون وقوع في شطط أو ملل. ورغم أنه أسلوب معتمد في جميع المواسم، إلا أنه سيحتفظ بوقعه الخاص حين يتماهى المشاهد مع مثل هذا الأسلوب الذي سيفضي في نهاية الحلقات الأخيرة إلى نقطة لقاء تبررها، من دون جهد مبتذل، وتيرة الصراعات وتفاقم أزماتها، قبل رفدها جميعها في مصب واحد، تحقيقاً للغاية الدرامية في الوصول إلى خاتمة واحدة، تتمثل بالقضاء على الوحوش.

المساهمون