"أخونة" وزير الإعلام المصري بعد كشف ملمح من واقع الصحافة

18 أكتوبر 2020
وزير الدولة للإعلام المصري أسامة هيكل (فيسبوك)
+ الخط -

في غضون أربع وعشرين ساعة، كانت حملة انتقادات وهجوم لاذع تطاول وزير الدولة للإعلام المصري أسامة هيكل، بعد تصريحات مقتضبة له، قال فيها إن شباب الصحافيين دون الخامسة والثلاثين لا يقرؤون الصحف ولا يطالعون البرامج الإخبارية.

كانت تلك الكلمات وغيرها كافية لحملة هجوم شرس تعرض لها الوزير من قبل كتّاب وصحافيين ورؤساء تحرير صحف موالين للنظام المصري الحالي، بل إن التلفزيون المصري انتقد تصريحات الوزير، ووصل البعض إلى زعم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، أو ما يعرف بـ"الأخونة".

البداية كانت مع تصريح منشور عبر الحساب الرسمي لوزارة الدولة للإعلام المصرية، عبْر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، جاء فيه: "أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام: الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلون حوالي 60 أو 65 في المئة من المجتمع، لا يقرؤون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات".

وكان هذا التصريح المقتضب هو نافذة الهجوم على شخص الوزير، الذي اتهمته صحيفة "صوت الأمة" بـ"العمل لصالح إعلام الإخوان"، في عدة أخبار متتالية.

ثم نشرت الصحيفة مقالاً بعنوان "الإخوان يشكرون أسامة هيكل بعد طعنه في الإعلام المصري"، جاء فيه "ماذا ترك هيكل لمافيا إعلام التنظيم الدولي والجزيرة القطرية للهجوم على إعلام مصر والتقليل من مهنيته ورسالته، ومن أين أتى هيكل بإحصائيته المزعومة بعزوف المصريين عن متابعة إعلامهم".

القنوات الفضائية المصرية أيضاً سارت على نهج الهجوم، وأذاعت قناة "إكسترا نيوز" تقريراً ادّعت فيه أن "العاملين بالتلفزيون المصري يستغيثون بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد تصريحات أسامة هيكل".

كما دعت نقابة الإعلاميين المصريين إلى اجتماع عاجل للرد على تصريحات هيكل "ضد الإعلام المصري".

وقال نقيب الإعلاميين إن هيكل "ينشر أخباراً وإحصاءات غير صحيحة وغير دقيقة عن الإعلام المصري، وذلك عندما يقول إن الأعمار أقل من 35 سنة لا يشاهدون التليفزيون المصري وهم من يمثلون من 60 إلى 65 في المئة من الشعب المصري، من دون الاستناد على مصدر رسمي لهذه الإحصاءات".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

لكن المعركة الكبرى كانت مع رئيس تحرير صحيفة "اليوم السابع" خالد صلاح، الموالي للنظام المصري الحالي، والذي نشر سلسلة تغريدات هاجم فيها هيكل واتهمه بـ"الأخونة" والبحث عن فرصة عمل في قنوات جماعة الإخوان المسلمين.

وكتب صلاح تغريدة جاء فيها: "كنت أظن أن أسامة هيكل تعلّم بعض السياسة عبر هذه السنوات الطويلة بالبرلمان، لكنه أخفق حتى في إدارة اختلاف مهني و(شرشح بالبلدي) مردداً نفس كلام كل أعداء مصر، يعني لا اتعلمت سياسة ولا إعلام.. هل تبحث عن فرصة عمل أخرى في واحدة من القنوات المعادية لمصر مثلاً".

وأضاف "سيادتك عاوز تشتغل منظّراتي على خلق الله وسايبنا في معركة وطنية كبيرة دفاعاً عن وعي مصر والمصريين وقاعد ترمي الناس بالطوب. اختشي وشمّر وادخل المعركة معانا عشان مصر مش عشان نفسك ومكتبك ونفوذك اللي ما عملتش بيهم حاجة قبل كده. ولا عارف تساعدنا حتى عيب".

ليرد هيكل على تلك التغريدات عبر الصفحة الرسمية لوزارة الدولة للإعلام على موقع "فيسبوك"، بنشر صور تلك التغريدات مصحوبة بتعليق "مرة أخرى لن أرد على هؤلاء جميعاً... ولكن أنتم الممنوعون من الكتابة عن وزارة الدولة للإعلام إلا نقداً".

وتابع: "عندما يتم السماح لكم بالتواصل مع وزارة الدولة للإعلام ووزيرها ربما تعرفون ماذا فعلت الوزارة خلال تسعة أشهر مضت حينما يسمح لكم، أهلاً وسهلاً ومكتبي مفتوح للكافة. وحتى لو أردتم عدم النشر… أما إذا اخترتم الاستمرار على نفس النهج، فمن حقي الرد وإيضاح الصورة، فلست مضطراً لتحمل أخطاء إعلامية يرتكبها آخرون".

الإعلامي الموالي للنظام محمد الباز أكمل ما بدأه صباح السبت خالد صلاح في برنامجه المذاع مساءً، وقال "ليه خالد كتب هذا الكلام؟ لأننا نحن أمام وزير إعلام بالفعل لا يواكب التطور الذي حدث في الإعلام المصري، وكنت كتبت في وقت سابق عن وزير الإعلام وعن صمته ولماذا لا يلتزم، كما أنه لا يكفّ عن بث روح الإحباط في نفوس الصحافيين، وهذا يؤثر على دور الإعلام كثيراً. لكن الوزير خرج علينا بما يمكن اعتباره جريمة كاملة ليس في حق الوزارة، ولكن في حق الدولة بأكملها، وما كتبه أسامة هيكل لا يمكن أن يبقيه ساعة واحدة في منصبه".

ليرد الوزير مجدداً عبر "فيسبوك" بكتابة منشور، جاء فيه "صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي... بعد حملة سابقة منذ شهرين. ففي توقيت واحد، وبنفس الكلمات، شنت أقلام معروف للكافة من يحركها بالتساؤلات نفسها حول ماذا فعلت منذ توليت المسؤولية؟ ولماذا لا أصمت؟ ولماذا لا أبحث عن وظيفة أخرى؟ وأحدهم يتهمني بأني بتصريحاتي سأتسبب في عدم إقبال المعلنين على الإعلان في الصحف. لا إبداع على الإطلاق... نفس الكلمات ونفس الأسماء، بل ونفس التوقيت".

وأضاف "أقول لهؤلاء إن أخطر أنواع الفساد هو أن يترك الكاتب قلمه لغيره، ويكتفي هو بالتوقيع، والحقيقة: إنني لا أريد أن أرد على هؤلاء لأنهم مجرد أدوات.. ولكنني سأرد على مَن أعطى لهم الأمر بالكتابة فلم يترددوا للحظة واحدة، طمعاً في الرضا والعفو والسماح. فإنهم إن لم يمتثلوا سيطاح بهم. وأرد مبدئياً على من أعطى الأمر... بأنني لن أصمت فأنا أقول الحقيقة، والحقيقة ستظهر إن عاجلاً أو آجلاً، فقد أهدرتم الكثير والكثير بلا خبرة وبلا هدف واضح، ولم يعد أحد لا يعرف".

واختتم منشوره بـ"أما الادعاء بأن تصريحاتي ستؤثر سلباً على إعلانات الصحف، فأقول لكم إن أرقام التوزيع الحقيقية الرسمية موجودة، وصحفكم خالية من الإعلانات منذ أشهر طويلة حتى قبل أن أتولى منصبي، فإن أعلنتها لوجبت محاسبة كل من شارك في هذه الجرائم. وأقول لمن يريدني أن أبحث عن وظيفة تناسب قدراتي، فتاريخ كل منّا يحدد قدرات كل منا، كفاكم عبثاً وسذاجة، واتركوا غيركم يعمل لعله يصلح ما فشلتم فيه".

وتولى أسامة هيكل منصب وزير الإعلام في الفترة من 24 يوليو/تموز عام 2011 حتى 6 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام، إبان حكم المجلس العسكري عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

ثم ألغيت وزارة الإعلام المصرية عام 2014 وكانت آخر وزيرة لها درية شرف الدين، وتولت المنصب في الفترة منذ 16 يوليو/تموز 2013 عقب الانقلاب العسكري حتى 17 يونيو/حزيران 2014، حيث استبدل الدستور المصري لعام 2014 وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للصحافة واتحاد الإذاعة والتلفزيون بالمجلس الأعلى للإعلام والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، وحدد مهامها في تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية، وأوكل لها مسؤولية ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، وتنفيذاً للإلزام الدستوري.

لكن في التعديل الوزاري الأخير في مصر أواخر عام 2019، تمت استعادة وزارة الإعلام مجدداً، بعد سنوات من إلغائها، لكنها عادت "وزارة الدولة للإعلام" لا وزارة الإعلام، وهو فارق جوهري كبير، إذ إن وزير الدولة بلا صلاحيات واختصاصات وأشبه بموظف تابع لمجلس الوزراء.

المساهمون