صُوَر فوتوغرافية وأشرطة فيديو تُسجِّل وقائع يومية، يُتيح "فيسبوك" لها مساحة تواصل مع كثيرين. تسجيلات مُصوّرة لأناسٍ يرغبون في التعبير قولاً لا كتابة، فيعتمدون أبسط الوسائل والأشكال: تسجيل مُصوّر عبر هاتف ذكي، يُبثّ سريعاً على صفحة خاصة بمن يُسجِّل، للتعبير عن موقف أو حالة أو انفعال. تسجيلات مُصوّرة أخرى تستعيد مواقف وخطابات قديمة لمسؤولين وزعماء، تقول نقيض ما يفعله هؤلاء اليوم بعد استلامهم السلطات. بعض تلك التسجيلات يتناول مواضيع آنيّة، لن تبقى أسيرة تفشّي فيروس "كورونا"، وأساليب العيش المتّبعة يومياً بسببه، فقط، لانفلاشها على مسائل مختلفة.
أبرز تلك الأخيرة عودة لبنانيين إلى الشارع لمواجهة نظامٍ فاسدٍ وسارقٍ، يُمعن فتكاً بالبلد وناسه، قبل "كورونا" ومعه. تسجيلات كهذه غير مُحتاجة إلى إعمال تقنيات بصرية لتشذيبها وجعلها لائقة ببثّ يُشاهده كثيرون، فالحاجة إلى "نقاء" الحدث المأسوي (واقع الحدث وراهنه، بتجرّد من كلّ إضافة بصرية) أهمّ من لغة الفن وإبداع التقنيات. نقل وقائع ميدانية كما هي لحظة حصولها أهمّ من إعمال المخيّلة، فالواقع اللبناني، لشدّة بؤسه، يبدو كأنّه مُتخيّل. توثيق أفعالٍ يقوم بها لبنانيون يُطالبون بأبسط حقوق العيش بكرامة، وأفعال مضادة لهم يقوم بها جنودٌ وعناصر قوى أمنية لبنانية و"شبيحة" زعماء في مناطق مختلفة، أهمّ من إدخال المُصوَّر إلى خانة التوليف وتنقية الألوان، فاللحظة "الطازجة" تقول لكثيرين حقائق تحدث، وانفعالات تُعلَن، ومسالك تُمَارَس.
هذا يحدث في لبنان. منذ ما قبل "كورونا"، يبثّ ناشطون "فيسبوكيون" صُوراً وتسجيلات تُذكِّر بماضٍ يُفترض به ألا يُنسى، إنْ يكن ماضياً "جميلاً"، أو مجرّد تذكيرٍ بأقوال وأفعال سابقة، تتناقض مع أقوال وأفعالٍ راهنة للأشخاص أنفسهم.
لـ"الجميل"، أي لكلّ خارج على وباء "فيروس" ومآزق العيش اليومي، مكانه في "فيسبوك" أيضاً. صُوَر ولقطات وذكريات، تُنشر إلى جانب أقوال ومواقف وحكايات. لكنّ الشقاء اللبناني قاسٍ، إنْ يكن منبثقاً من تفشّي "كورونا"، أو متأتياً من سطوة مال وسياسة وطوائف على الناس وحقوقهم. شقاء يدفع أناساً إلى التغاضي عن إصابة محتملة بفيروس "كورونا"، فيختارون الشارع لمواجهة تنانين المال والأعمال، المتحكّمة ببلدٍ واجتماعٍ وعيشٍ، مطالبين بحقوقٍ طبيعية لهم تحرمهم منها تلك التنانين نفسها. هذا يحتاج إلى توثيق، لن تصنعه السينما الآن هنا، والتلفزيون يؤرشفه، لكن لوسائل الإعلام مصالح في السياسة والمصارف والطوائف، تجعل مصداقية توثيقها الراهن ناقصةً أو مُشوّهة.
توثيقٌ، يتحرّر من رقابة ومصالح، مطلوبٌ في لحظة انهيار بلد ومجتمع ومؤسّسات لمصلحة طاغوتٍ يتحكّم بكلّ شيء. توثيق يعثر في "فيسبوك" على متنفّسٍ، فيمنح للراهن مساحة قول وتعبير، ويُحصّن الراهنَ نفسه من نسيان أو تغييب أو تزوير، ريثما يتسنّى لسينما وثائقية وروائية أنْ تُنتج صُوَرها الخاصة عن هذا الراهن، كما عن غيره.
هذا يحدث في لبنان. منذ ما قبل "كورونا"، يبثّ ناشطون "فيسبوكيون" صُوراً وتسجيلات تُذكِّر بماضٍ يُفترض به ألا يُنسى، إنْ يكن ماضياً "جميلاً"، أو مجرّد تذكيرٍ بأقوال وأفعال سابقة، تتناقض مع أقوال وأفعالٍ راهنة للأشخاص أنفسهم.
لـ"الجميل"، أي لكلّ خارج على وباء "فيروس" ومآزق العيش اليومي، مكانه في "فيسبوك" أيضاً. صُوَر ولقطات وذكريات، تُنشر إلى جانب أقوال ومواقف وحكايات. لكنّ الشقاء اللبناني قاسٍ، إنْ يكن منبثقاً من تفشّي "كورونا"، أو متأتياً من سطوة مال وسياسة وطوائف على الناس وحقوقهم. شقاء يدفع أناساً إلى التغاضي عن إصابة محتملة بفيروس "كورونا"، فيختارون الشارع لمواجهة تنانين المال والأعمال، المتحكّمة ببلدٍ واجتماعٍ وعيشٍ، مطالبين بحقوقٍ طبيعية لهم تحرمهم منها تلك التنانين نفسها. هذا يحتاج إلى توثيق، لن تصنعه السينما الآن هنا، والتلفزيون يؤرشفه، لكن لوسائل الإعلام مصالح في السياسة والمصارف والطوائف، تجعل مصداقية توثيقها الراهن ناقصةً أو مُشوّهة.
توثيقٌ، يتحرّر من رقابة ومصالح، مطلوبٌ في لحظة انهيار بلد ومجتمع ومؤسّسات لمصلحة طاغوتٍ يتحكّم بكلّ شيء. توثيق يعثر في "فيسبوك" على متنفّسٍ، فيمنح للراهن مساحة قول وتعبير، ويُحصّن الراهنَ نفسه من نسيان أو تغييب أو تزوير، ريثما يتسنّى لسينما وثائقية وروائية أنْ تُنتج صُوَرها الخاصة عن هذا الراهن، كما عن غيره.