لم تتغيّر أمورٌ كثيرة، اعتمدها مهرجان "كانّ" السينمائي في افتتاح دورات سنوية كثيرة سابقة له. فرغم إلغاء الـ"سيلفي" على "السجادة الحمراء" مثلاً، التي تستقبل ضيوفًا يأتون إلى "قصر المهرجانات" من أنحاء العالم، ليُشاركوا في حفلة الافتتاح في "أوديتوريوم لوي لوميير"، أكبر صالات القصر (2309 مقاعد)، الذي سيشهد حفلات يومية طوال فترة الدورة الجديدة لإطلاق العرض الدولي الأول للأفلام الـ21 المُشاركة في المسابقة الرسمية؛ إلاّ أن "التزام" القاعدة هذا ساهم في تسريع عملية الدخول إلى الصالة، وبدء الاحتفال في الوقت المحدّد (7.30 مساء 8 مايو/أيار 2018، بالتوقيت الفرنسي).
أما التبديل الحاصل في الدورة الـ71، فبدأ تنفيذه في حفلة الافتتاح: الفيلم المختار لإطلاق 12 يومًا من المُشاهدات المختلفة، وهو بعنوان "الجميع يعلمون" ـ أول إنتاج إسباني للإيراني أصغر فرهادي ـ لم يُعرض للنقّاد والصحافيين السينمائيين (يُقدَّر عددهم هذا العام بحوالي 4200) صباح اليوم نفسه لحفلة الافتتاح، كما في الدورات السابقة، فتساوى الجميع في المشاهدة الأولى: ممثلو الفيلم (بينيلوبي كروز وخافيير بارديم وريكاردو دارن وغيرهم، إلى جانب فرهادي)، رئيس المهرجان بيار لاسكور ومندوبه العام تيري فريمو اللذان استقبلا المدعوين أمام مدخل "قصر المهرجانات"، سينمائيون ونجوم وأهل مهنة، بينما خُصِّصت صالة "كلود دوبوسّي" (1968 مقعدًا) للنقّاد والصحافيين السينمائيين، الذين تابعوا وقائع الحفلة مباشرة عبر الشاشة الكبيرة.
الممثل الفرنسي إدوار بايير، مُقدِّم الحفلة ـ المتضمّنة عرضًا لمقتطفات قليلة من "بيارو المجنون" (1965) لجان ـ لوك غودار (الذي استوحت فلور ماكان منه ملصق الدورة الجديدة) ـ تميّز بحرفية إلقاء وجمالية نبرة وحسّ فُكاهة صائبة، حوّلت المناخ إلى مزيج من تكريم السينما والعاملين فيها، والضحك لحسٍّ كهذا.
اقــرأ أيضاً
فريمو نفسه اعتلى خشبة المسرح لتقديم أعضاء لجنة التحكيم، مُتحدِّثًا عن بعض أبرز سمات كل واحد منهم في التمثيل والإخراج والموسيقى، أو عن بعض الشخصي في علاقات صداقة قائمة بينه وبين بضعهم (الممثل التايواني تشانغ تشن، والمخرجة الأميركية أفا دوفرناي، والسينمائي الفرنسي روبير غيدغيان، والمغنية خادْجَا نين من بوروندي، والممثلة الفرنسية ليا سيدو، والممثلة والمخرجة الأميركية كريستن ستيوارت، والمخرج الكندي دوني فيلنوف، والمخرج الروسي أندره زفياغينتسيف)، قبل أن يختم مع كايت بلانشيت، رئيسة اللجنة، التي تحدّثت بالفرنسية والإنكليزية للتعبير عن امتنانها وسعادتها بمنصبها هذا، بعد شريط اختار صانعوه لقطات من أفلام عديدة لها، بينها "الطيّار" (2005) لمارتن سكورسيزي، الذي وقف أمام الجميع محيِّيًا المهرجان وناسه والسينما، هو المدعو للاحتفال بالذكرى الـ50 لتأسيس "جمعية المخرجين السينمائيين" (فرنسا)، التي يعود الفضل إليها في إنشاء "نصف شهر المخرجين"، أحد أبرز النشاطات المُرافقة للمسابقة الرسمية.
كلامٌ قليلٌ ردَّده هؤلاء، لأن للوقت ثمنًا، وللسينما حضورًا أقوى، وللافتتاح طابعًا ترفيهيًا ينتهي، عادة، بعرض فيلمٍ غير مُشارك في المسابقة الرسمية، باستثناء جديد أصغر فرهادي، الذي يتنافس داخل المسابقة على "السعفة الذهبية". حتى أنّ "مارتي" (سكورسيزي) اكتفى بكلمات قليلة، داعيًا بلانشيت إلى الوقوف إلى جانبه (ما أثار بعض الضحك في صالة النقّاد والصحافيين، بسبب الفرق في الطول بينهما)، للإعلان الرسمي معًا عن بدء الدورة. فمخرج "الإيرلندي" (إنتاج "نتفليكس"، المنصّة الأميركية المُغيَّبة كلّيًا عن "كانّ" الـ71) سيلتقي عددًا محدودًا من المهتمّين بالفن السابع وبسينماه وبأفكاره وجماليات صُوره، في الأيام القليلة المقبلة، لحديثٍ يتناول أحوال المهنة ومساراتها، من خلال اشتغالاته.
لكن "المشهد الخارجي"، إنْ صحّ التعبير، بدا أهدأ من دورة العام الماضي. ذلك أن محيط "قصر المهرجانات" حافظ على حيويته المعتادة قبل أيام قليلة على افتتاح الدورة الجديدة، في حين أن الضرورات الأمنية العادية أقفلت بعض الطرقات لإتاحة المجال أمام "نجوم" العالم لبلوغ "السجادة الحمراء" بهدوء تستلزمه مناسبة الافتتاح، الذي يُغطّيه مُصوّرون صحافيون وتلفزيونيون عديدون، من دون أن يُتاح لهم إطلاقًا إجراء أي حديث مهني مع أي ضيف.
اقــرأ أيضاً
التغييرات التي طاولت العروض الصحافية مثلاً (لن يُعرض أي فيلم للنقاد والصحافيين السينمائيين قبل عرضه الدولي الرسمي الأول) بدت، رغم إثارتها بلبلة خفيفة عشية بدء الدورة الـ71، عادية للغاية، إذْ سيتمكّن الجميع من مشاهدة الأفلام كلّها، في وقتٍ يُتيح للمهتمّين منهم حضور المؤتمرات الصحافية الخاصّة بها، أو لقاء عاملين فيها.
إذًا، بهدوء وروية، بدأت الدورة الـ71 لمهرجان "كانّ"، في احتفالٍ يطغى عليه عرض الأزياء والمجوهرات الخاصّة بمدعوات تتألّقن على "السجادة الحمراء"، كما تحت أضواء "صالة لوميير"، بينما يبقى المدعوون أقلّ جذبًا لكاميرات المُصوّرين منهنّ، رغم الحضور الطاغي لكثيرين منهم في المشهد السينمائي.
بدا ممثلو "الجميع يعلمون"، خصوصًا بينيلوب كروز وخافيير بارديم، عاديين للغاية. بل إن شيئًا من التصنّع حاصلٌ في لقطات عديدة، ما أطاح بجماليات أداءات قديمة لهما في أفلام متنوّعة. فقصّة الحبّ القديم بينهما مفضوحة في بلدة صغيرة، ومفضوحة أيضًا على شاشة سينمائية غير متمكّنة من إثارة رغبة في معرفة تفاصيلها ومساراتها، لبساطتها وعاديتها وروتينيتها.
أما التبديل الحاصل في الدورة الـ71، فبدأ تنفيذه في حفلة الافتتاح: الفيلم المختار لإطلاق 12 يومًا من المُشاهدات المختلفة، وهو بعنوان "الجميع يعلمون" ـ أول إنتاج إسباني للإيراني أصغر فرهادي ـ لم يُعرض للنقّاد والصحافيين السينمائيين (يُقدَّر عددهم هذا العام بحوالي 4200) صباح اليوم نفسه لحفلة الافتتاح، كما في الدورات السابقة، فتساوى الجميع في المشاهدة الأولى: ممثلو الفيلم (بينيلوبي كروز وخافيير بارديم وريكاردو دارن وغيرهم، إلى جانب فرهادي)، رئيس المهرجان بيار لاسكور ومندوبه العام تيري فريمو اللذان استقبلا المدعوين أمام مدخل "قصر المهرجانات"، سينمائيون ونجوم وأهل مهنة، بينما خُصِّصت صالة "كلود دوبوسّي" (1968 مقعدًا) للنقّاد والصحافيين السينمائيين، الذين تابعوا وقائع الحفلة مباشرة عبر الشاشة الكبيرة.
الممثل الفرنسي إدوار بايير، مُقدِّم الحفلة ـ المتضمّنة عرضًا لمقتطفات قليلة من "بيارو المجنون" (1965) لجان ـ لوك غودار (الذي استوحت فلور ماكان منه ملصق الدورة الجديدة) ـ تميّز بحرفية إلقاء وجمالية نبرة وحسّ فُكاهة صائبة، حوّلت المناخ إلى مزيج من تكريم السينما والعاملين فيها، والضحك لحسٍّ كهذا.
فريمو نفسه اعتلى خشبة المسرح لتقديم أعضاء لجنة التحكيم، مُتحدِّثًا عن بعض أبرز سمات كل واحد منهم في التمثيل والإخراج والموسيقى، أو عن بعض الشخصي في علاقات صداقة قائمة بينه وبين بضعهم (الممثل التايواني تشانغ تشن، والمخرجة الأميركية أفا دوفرناي، والسينمائي الفرنسي روبير غيدغيان، والمغنية خادْجَا نين من بوروندي، والممثلة الفرنسية ليا سيدو، والممثلة والمخرجة الأميركية كريستن ستيوارت، والمخرج الكندي دوني فيلنوف، والمخرج الروسي أندره زفياغينتسيف)، قبل أن يختم مع كايت بلانشيت، رئيسة اللجنة، التي تحدّثت بالفرنسية والإنكليزية للتعبير عن امتنانها وسعادتها بمنصبها هذا، بعد شريط اختار صانعوه لقطات من أفلام عديدة لها، بينها "الطيّار" (2005) لمارتن سكورسيزي، الذي وقف أمام الجميع محيِّيًا المهرجان وناسه والسينما، هو المدعو للاحتفال بالذكرى الـ50 لتأسيس "جمعية المخرجين السينمائيين" (فرنسا)، التي يعود الفضل إليها في إنشاء "نصف شهر المخرجين"، أحد أبرز النشاطات المُرافقة للمسابقة الرسمية.
كلامٌ قليلٌ ردَّده هؤلاء، لأن للوقت ثمنًا، وللسينما حضورًا أقوى، وللافتتاح طابعًا ترفيهيًا ينتهي، عادة، بعرض فيلمٍ غير مُشارك في المسابقة الرسمية، باستثناء جديد أصغر فرهادي، الذي يتنافس داخل المسابقة على "السعفة الذهبية". حتى أنّ "مارتي" (سكورسيزي) اكتفى بكلمات قليلة، داعيًا بلانشيت إلى الوقوف إلى جانبه (ما أثار بعض الضحك في صالة النقّاد والصحافيين، بسبب الفرق في الطول بينهما)، للإعلان الرسمي معًا عن بدء الدورة. فمخرج "الإيرلندي" (إنتاج "نتفليكس"، المنصّة الأميركية المُغيَّبة كلّيًا عن "كانّ" الـ71) سيلتقي عددًا محدودًا من المهتمّين بالفن السابع وبسينماه وبأفكاره وجماليات صُوره، في الأيام القليلة المقبلة، لحديثٍ يتناول أحوال المهنة ومساراتها، من خلال اشتغالاته.
لكن "المشهد الخارجي"، إنْ صحّ التعبير، بدا أهدأ من دورة العام الماضي. ذلك أن محيط "قصر المهرجانات" حافظ على حيويته المعتادة قبل أيام قليلة على افتتاح الدورة الجديدة، في حين أن الضرورات الأمنية العادية أقفلت بعض الطرقات لإتاحة المجال أمام "نجوم" العالم لبلوغ "السجادة الحمراء" بهدوء تستلزمه مناسبة الافتتاح، الذي يُغطّيه مُصوّرون صحافيون وتلفزيونيون عديدون، من دون أن يُتاح لهم إطلاقًا إجراء أي حديث مهني مع أي ضيف.
التغييرات التي طاولت العروض الصحافية مثلاً (لن يُعرض أي فيلم للنقاد والصحافيين السينمائيين قبل عرضه الدولي الرسمي الأول) بدت، رغم إثارتها بلبلة خفيفة عشية بدء الدورة الـ71، عادية للغاية، إذْ سيتمكّن الجميع من مشاهدة الأفلام كلّها، في وقتٍ يُتيح للمهتمّين منهم حضور المؤتمرات الصحافية الخاصّة بها، أو لقاء عاملين فيها.
إذًا، بهدوء وروية، بدأت الدورة الـ71 لمهرجان "كانّ"، في احتفالٍ يطغى عليه عرض الأزياء والمجوهرات الخاصّة بمدعوات تتألّقن على "السجادة الحمراء"، كما تحت أضواء "صالة لوميير"، بينما يبقى المدعوون أقلّ جذبًا لكاميرات المُصوّرين منهنّ، رغم الحضور الطاغي لكثيرين منهم في المشهد السينمائي.
بدا ممثلو "الجميع يعلمون"، خصوصًا بينيلوب كروز وخافيير بارديم، عاديين للغاية. بل إن شيئًا من التصنّع حاصلٌ في لقطات عديدة، ما أطاح بجماليات أداءات قديمة لهما في أفلام متنوّعة. فقصّة الحبّ القديم بينهما مفضوحة في بلدة صغيرة، ومفضوحة أيضًا على شاشة سينمائية غير متمكّنة من إثارة رغبة في معرفة تفاصيلها ومساراتها، لبساطتها وعاديتها وروتينيتها.