على الرغم من الانتقادات اللاذعة التي طاولت المسلسل اللبناني "ثورة الفلاحين"، والآراء المتفاوتة حول نجاحه، إلا أنّه يحقّق نسبة مشاهدة عالية في لبنان، خصوصاً أثناء أوقات العرض. تحفل مواقع وصفحات المشاهدين اللبنانيين بالتعليقات الداعمة والمؤيدة لبعض الأحداث التي يعرضها المسلسل الذي كتبته كلوديا مرشليان، وأخرجه فيليب أسمر. في المقابل، ولو وضعنا جانبًا القصة المبتورة التي اختارت منها كلوديا مرشليان جدلية "الثورة"، واستنجادها بالحقبة التاريخية الحقيقية لأحداث 1860، وما نتج عنها من صحوة الفلاحين الكادحين في جبل لبنان، في مواجهة الإقطاع. نجد أن شركة الإنتاج "إيغل فيلم" جندت طاقات كبيرة لهذا العمل الذي استمر تصويره مدة عامين. ولم تبخل على الطاقم بتأمين كافة المستلزمات الخاصة بالطرح، التي طلبها المخرج وفريق العمل الذي أشرف على التفاصيل الدقيقة المطلوبة منه. اختيار القصور والملابس الفخمة كان واضحًا. ثمَّة رؤية جديدة فتحت الباب أمام المخرج، فيليب أسمر، كي يتجه إلى التصوير بتقنيات عالمية. يلاحظ التأثر الواضح بأجواء الدراما التركية التي غزت السوق العربي منذ أكثر من عقد، واستطاعت أن تحرز تقدمًا واضحًا الأمر الذي شكّل حافزًا لدى بعض المخرجين والكتّاب للتحول لما هو تاريخي، خصوصاً بعد نجاح مسلسل "حريم السلطان". هناك إسقاط، لعله مقصود، في نقل صورة الخير والشر ضمن أحداث "ثورة الفلاحين" واللعب على وتر الطبقية المتعارف عليه في البنية الدرامية العربية تحديداً. وكذلك إقحام قصص الحب بين الفلاحين وأبناء الطبقة الحاكمة. لا جديد في النمطية المعتادة بمثل هذه الحالات، لطالما شاهدنا جزءًا منها في المسلسلات المصرية "الصعيدية"، ولو أن الحوار والسيناريو في "ثورة الفلاحين" كان بحاجة إلى تماسك أكثر لنقل روح تلك الحقبة، ربطًا بأهميتها التاريخية ومسار التحولات التي شهدتها ثورة الفلاحين في مواجهة الظلم والاستعباد.
اقــرأ أيضاً
ويبدو أن المنتج اللبناني، جمال سنّان، وجد ضالته هذه المرة. سنّان يعتبر الرجل الصعب اليوم في معادلة الإنتاج العربي. معظم المسلسلات التي يُشارك بها، تضمن مساحة جيدة في التسويق والعرض والفرادة في الإنتاج كـ "غراند أوتيل" و"طريقي" و"الكابوس" وغيرها. وهذا بالطبع سيحمل "ثورة الفلاحين" إلى مكاسب جديدة. يعرض المسلسل قريبًا على شاشة OSN الفضائية وتلفزيون الكويت. خطوة تحمل الدراما اللبنانية نحو فضاء آخر رغم الانتقادات.