مصر والأوسكار... الخلافات والمحسوبيات وغياب المعايير تمنع الوصول للجائزة

25 سبتمبر 2017
من فيم الشيخ جاكسون (يوتيوب)
+ الخط -
للمرة الثالثة في غضون أربع سنوات، تحدث أزمة في عملية اختيار الفيلم المصري الذي يتم إرساله إلى أكاديمية العلوم والفنون الأميركية، والمنظمة لحفل توزيع جوائز الأوسكار، ليدخل الترشيحات الأولية. وعلى الرغم من أنه لم يسبق لفيلم مصري أن وصل إلى الترشيحات الخمسة النهائية على الجائزة طوال تاريخها. إلا أن السينمائيين المصريين حولوا عملية إرسال الفيلم نفسه إلى معركة كل عام، في غياب المعايير الواضحة ووجود الخلافات المستمرة. 

مجدي أحمد علي يعترض
هذا العام، أتت المشكلة بعد اختيار فيلم "الشيخ جاكسون" للمخرج عمرو سلامة، ومن بطولة أحمد الفيشاوي، ليمثل مصر في الأوسكار ضمن الترشيحات المبدئية، والتي تضم قرابة المائة فيلم من كل دول العالم، ويتم تصفيتها على مرحلتين وصولاً للحفل الذي يقام في أواخر فبراير/ شباط. وبعد الإعلان عن اختيار "الشيخ جاكسون"، أصدر المخرج مجدي أحمد علي، والذي كان ينافسه بفيلم "مولانا" من بطولة عمرو سعد، بياناً رسمياً يعترض فيه على الخطوات الإجرائية للاختيار، حيث من المفترض ضمن شروط اختيار الفيلم الذي يمثل الدولة، هو أن يكون قد عرض تجارياً قبل 30 سبتمبر/ أيلول، وهو الأمر الذي لم يحدث مع فيلم سلامة الذي لم يعرض تجارياً بعد.

التفاف على الشروط
وأعلنت اللجنة أن اختياره تم بعد مشاهدته في عرض خاص، وتعهّد منتجه بعرضه سينمائياً يوم 23 سبتمبر/ أيلول لمدة أسبوع كي يستوفي الشروط المطلوبة. واعتبر علي أن هذا المبرر يعد التفافاً حول الشروط، والتي تنص على أن يكون الفيلم قد "عرض تجارياً" وليس "سيعرض تجارياً"، مشيراً في هذا السياق إلى مشكلة عقد الاجتماع يوم 11 سبتمبر/ أيلول، وقبل انتهاء المدة المفترضة من الأكاديمية في أواخر الشهر، متسائلاً عن حال فيلم "صيف تجريبي" للمخرج محمود لطفي، والذي مثل مصر ضمن قسم "المنتدى الواسع" في مهرجان برلين السينمائي، والذي سيعرض تجارياً يوم 27 سبتمبر، ولم يشاهده أعضاء اللجنة، فهل سيعيدون التصويت؟ ولا تعد تلك هي الأزمة الأولى من نوعها، ففي عام 2015، قامت اللجنة بإرسال الفيلم المصري المُختار "بتوقيت القاهرة" بعد انتهاء الموعد الذي وضعته الأكاديمية. وفي العام الأسبق 2014، جرت أزمة شبيهة بأزمة العام الحالي، بعد اختيار فيلم "فتاة المصنع" للمخرج الكبير محمد خان، بينما لم تكن ورقة التصويت تتضمن كل الأفلام التي عرضت خلال العام. وتم تجاوز فيلمي "فيلا 69" للمخرجة آيتن أمين، و"فرش وغطا" للمخرج أحمد عبد الله، وأثار الأخير وقتها جدلاً حول أهمية إعطاء السينمائيين فرصاً متساوية، حتى لو كان الأمر في النهاية رمزياً.



تكريم فنانين كبار
في الصورة الأوسع من كل أزمة على حِدة، هناك أكثر من مشكلة في عملية الاختيار: أولاً، يتم التعامل أحياناً مع اختيار الفيلم الممثل لمصر في حد ذاته كتكريم لبعض الفنانين الكبار ذوي التاريخ (كما حدث في اختيار فيلم خان أو في فيلم "بتوقيت القاهرة" كتكريم لنور الشريف بعد وفاته بأسابيع قليلة) دون أي طموح جدي لوصول فيلم مصري بالفعل إلى حفل الأوسكار ضمن 5 أفلام مرشحة للجائزة، كما حدث مع أفلام عربية مثل فيلم "ذيب" الأردني في 2015 أو "عمر" و"الجنة الآن" الفلسطينيين عامي 2004 و2013، أو مع أفلام أفريقية مثل "تيمبوكتو" الموريتاني في 2014، أو حتى حصول فيلمين إيرانيين على الجائزة في السنوات السبع الأخيرة رغم أنّها من الشرق، ومن صناعة سينما مشابهة للوضع في مصر، وربما في ظروف أسوأ. وبالتالي فمن الواجب، التعامل بجدية مع احتمالية ترشح فيلم مصري وتجاوز المسألة التكريمية.

علاقات شخصيَّة
ثانياً، أن الأمر يدخل فيه بعض العلاقات والمحسوبية والدعائية الإعلامية، بعيداً عن الاستحقاق والمستوى الفني المرتفع. وفي الوقت الذي نالت فيه أفلام مثل "الخروج للنهار" لهالة لطفي في 2012 و"فرش وغطا" لأحمد عبد الله في 2014، استقبالاً رائعاً في مهرجانات دولية، ونال "آخر أيام المدينة" لتامر السعيد جوائز عديدة من بينها جائزة في مهرجان برلين 2016، فإن أيا منها لن يكون "مرشح مصر الرسمي في الأوسكار"، لأنها أفلام "مستقلة" ولا تنتمي للمنظومة التجارية الحاكمة.

غياب القواعد الجديّة للاختبار
وأخيراً، ونتيجة لعدم الجدية، ولأخذ التمثيل في ذاته كهدف، فإن المنتجين وصناع الأفلام لا يعملون على تقوية شبكة التوزيع الخارجية، وداخل أميركا تحديداً، لإتاحة فرصة أكبر لمشاهدة أفلامهم، ومن ثم منحها احتمالية أكبر للترشح النهائي. وفي حال استمرت تلك الدائرة فإن فيلماً مصرياً لن يصل إلى الحفل النهائي أبداً. ولهذا فإن أزمة "الشيخ جاكسون" وغياب القواعد الحاكمة لشرعية الاختيار، ستتكرر كل عام طالما ظلت المنظومة ذاتها تدار بتلك العشوائية. وربما، إذا نفذ فعلاً المخرج، مجدي أحمد علي، تهديده في إرسال شكوى لأكاديمية العلوم والفنون حول صحة إجراءات اختيار الفيلم الممثل للأوسكار، فمن المحتمل أن يُسحب من مصر حق الترشح من الأصل.



المساهمون