حمزة نُمرة: أسير عكس التيار

08 فبراير 2017
"أكره أن يفرض أحدهم رأيه علي، وأحب التجربة" (فيسبوك)
+ الخط -
تزداد المنافسة في عالم الفن اليوم، وقد تأتي بأشكال مختلفة، لا ترتكز على الصوت الجميل أحياناً، بل على الاختيارات الصائبة وانتهاز الفرص المناسبة. وحمزة نمرة، الفنّان المصري الشاب، ليس صاحب حنجرة ذهبية فقط، بل أداء يتميّز بإحساس عميق ينبع من الأعماق، لا يكترث بكمّ الأغاني التي ينتجها، ولا يقدّم فنّاً عشوائياً. تحمل كلمات أغاني نمرة، معاني كثيرة، تعبّر عنه، وعن حالات يعيشها كثيرون. وربما يكمن نجاحه في قدرته على ملامسة وتحريك مشاعر الجمهور، بأدائه الصّادق المؤمن بكل كلمة ينطق بها.

 يلاقي برنامج "ريميكس" الذي تقدّمه على التلفزيون "العربي" نجاحاً كبيراً. هل تخطّط لمشاريع أخرى خلال هذه الفترة؟

بالتأكيد، لأنّنا نرتّب للموسم الثاني للبرنامج، ومن الطبيعي أن يأخذ وقتاً في التحضيرات وترتيب اختيارات الأغاني، وكيفية توزيعها واللون الموسيقي الذي نريد دمجها به. أتوقّع أن نبدأ في وقت قريب بتقديمه.

 ما هي الدول التي زرتها في الفترة الأولى من البرنامج؟ وهل يعتمد الموسم الثاني على الفكرة ذاتها؟

المغرب والجزائر وتونس، لكن هناك بعض البلاد التي لم أزرها فعلياً، لصعوبة الأوضاع فيها، وأحياناً لضيق الوقت، لذلك أخذت منها الأغنية وتواصلت مع شخصية معينة من أهل البلد. بخصوص العراق مثلاً، تقابلت مع إحسان الإمام، وهو فنّان عراقي موجود في لندن. وفي الواقع، أنا مغرم بالتراث العراقي منذ زمن، وكنت أستمع خاصّة لأعمال عمر اليوسف، منها أغنية "شلشل عليّ"، ولدي مخزون من أعمال الفنّ العراقي. وبالنسبة لفكرة البرنامج، قد يكون هناك نوعٌ من التطوير أو الاختلاف. لن ألتزم بالاعتماد على أغنية من كل بلد أو أغاني الفولكلور القديمة، بل من الممكن أن أتناول أغنية ظهرت في فيلمٍ من الخمسينيات، مثلاً، كأغاني المساجين على مستوى العالم العربي كلّه. قمت بعمل من هذا النوع، في الموسم الأوّل، لمحمد الباجي، الفنّان الجزائري الذي يُعتبَر مناضلاً، وكاتب كلمات أغنية "بحر الطوفان"، حين كان سجيناً على ما أعتقد. لكني لم أركّز آنذاك على فكرة أنّ العمل هو نتاج أشخاص فقدوا حريتهم. وهناك أعمال مشابهة لكثيرين، منهم فنّانة قديمة جداً اسمها، خربوشة، من المغرب، وهي مناضلة كبيرة وأغانيها ملهمة. أي أنّني سأركّز على الفكرة في الموسم الثاني وليس على البلد، وممكن أن تشمل حلقة واحدة بلداناً عدّة لأوضاع يعيشها المواطن العربي. ولا نزال في أولى جلسات العمل، ونحتاج إلى مناقشة الفكرة بشكل لوجستي.





 يبدو اهتمامك باختيار نوع الأغاني أكبر من سعيك وراء المزيد من الإنتاج. ما هي أحب الأغاني إليك؟ ولماذا؟

كل عمل قمت به، أركّز على إنتاج إحساس معيّن أسعى لإيصاله إلى الجمهور، وكل أغنية لها ذكريات عشت فيها حالة معيّنة. ومن الصعب اختيار واحدة. لكن، من الممكن القول، إنّ هناك بعض الأغاني القريبة منّي أكثر من غيرها ربّما لأنّها تحمل ذكريات أكبر معي، مثلاً، أغنية "اسمعني" هي من الأغاني التي أحب تأديتها، وتعبّر عني بشكل كبير، وأغنية "مع السلامة" و"تذكرتي" من ألبوم "إنسان"، و"اسمحيلي". ومن برنامج "ريميكس"، أحببت أغنية "شلشل عليّ" و"بحر الطوفان"، و"إناس إناس". كل عمل يحمل لمسات أو جوانب من شخصيتي.




أغانيك تحمل معاني إنسانية وثورية. أغنية "اسمعني"، مثلاً، فيها نوع من التمرّد. ما هي الأمور التي ترفض فرضها عليك حتى من أقرب الناس إليك؟ وما الذي تحب أن تغيّره في عالم الفن؟
حين يكون لدي رؤية حياتية موسيقية أو اجتماعية، لا أحب أن يتدخّل أحد، لأنّ هذا أسلوبي في التفكير، حتى لو كنتَ ترى أنّني مخطئ. وطالما احترم والدي هذا الأمر في شخصيتي، فهو لم يفرض عليّ دخول كليّة ما، بل ترك لنا حريّة الاختيار وتحمّل مسؤولية نجاحاته وإخفاقاته. ومن منطلق هذه النشأة، لا أحب أن يفرض عليّ أحد رأيه، لأنّه يعتقد أنّه يفهم أكثر أو يعرف مصلحتي أكثر مني. بل أفضّل أن أجرّب وأخوض التجرية وأقيّم ما قمت به. لكني أتقبّل النصيحة، شرط ألا أغصب على القيام بأمر ما. مثلاً، أنا من أشد معارضي فكرة تقييد الفن، كأن يكون هناك مُصنَّفات للأعمال الفنية، واختبارات للصوت لدخول الإذاعة. أنا أعارض كلّ هذا بقوة، لأنني أرى أنّه من حق أي إنسان في العالم أن يقدّم عمله الفني، وفي النهاية، الجمهور هو الذي يقيّم هذا العمل. أمّا الضوابط التي أحترمها هي تلك التي تفرض ألاً يتجاوز العمل الفني، أو ينتهك القانون، أي عمل يؤذي فئة من الناس، مثل أن يحمل فكرة عنصرية.

أحاوِلُ أن أقدّم خطّاً بديلاً للفن السائد، والذي يتناول غالباً الموضوع ذاته. ففي الوطن العربي، نادراً ما نجد فنّاً يضفي معنى أو قيمة معينة لمشاعر الإنسان. أمنيتي أن يصبح هذا النوع رائجاً كبقية الأنواع التي لا أعارضها، لأننا نحتاج أحياناً للاستماع إليها، ولكن، لكل فن وقته. أعتقد بأنّني أسير عكس التيار، لذلك أواجه صعوبات أكبر.

متى صدر آخر ألبوم لك؟

صدر آخر ألبوم لي في أواخر 2014، في ديسمبر/ كانون الأوّل، وكان بعنوان "اسمعني". لدي حفلات قريبة، في 11 فبراير في لندن، برعاية تلفزيون "العربي" و"مرسم"، وأرجو أن تكون حفلة مميّزة. وأيضاً في 17 فبراير، حفلة في ساقية الصاوي في الزمالك.


المساهمون