تكريم ملحم بركات... على طريقة نظام الأسد

04 فبراير 2017
تكريم "عسكري" لملحم بركات (LBCI)
+ الخط -
منذ ما يقارب العشرين يوماً، بدأ العد التنازلي على شاشة قناة "سما" الفضائية، التابعة للنظام السوري، من دون أن تشير إدارة القناة إلى ماهية الحدث الكبير المرتقب. وبعد أن وصلنا إلى التاريخ المنتظر وهو الأول من شهر شباط/فبراير 2017، فوجىء الجمهور بأن القناة لم تعلن عن وصول النظام السوري إلى اتفاق مع المعارضة بعد مباحثات أستانة، كما أن الرئيس السوري بشار الأسد، لم يظهر بالصورة، ولم يلقِ كلمة مؤثرة يحاول بها "حقن دماء السوريين" كما يدعي دائماً، أو يعلن فيها عن قانون جديد يخفف من معاناة الشعب السوري، بل إن الحدث برمته لم يكن سياسياً، كما أنه لم يكن حدثاً ثقافياً أو اقتصادياً، فلم تنشأ صروح جديدة ولم تطلق سورية أقماراً صناعية، فالحدث الذي ارتقبه الجمهور لأيام طويلة، لم يكن سوى نقل مباشر لحفلة تكريم الفنان اللبناني الراحل، ملحم بركات، على قناة سما الفضائية. الحفلة التي أقيمت في دار "الأسد" للثقافة والفنون، وحملت عنوان "وفاءً لأيقونة الوفاء".
فبعد أن أعلن عدد من الفنانين الكبار في سورية معارضتهم للنظام، أمثال: أصالة نصري وجمال سليمان، أصبح الإعلام التابع للنظام، يحاول أن يتمسك بأي فنان عربي كان على وفاق مع النظام السوري، ولم تكن حملة تكريم الراحل ملحم بركات، خارجة عن هذا السياق؛ فالحملة بعنوانها وبمجرياتها تعبر عن فكر الإعلام السوري بامتياز.
بعد أن جالت مراسلة قناة "سما" في دار "الأسد"، وسألت الفنانين الحاضرين عن رأيهم بالفنان الراحل ملحم بركات، وعن رأيهم بمواقفه السياسية الداعمة للنظام، وبعد أن نالت تلك الأسئلة نصيباً من السخرية من بعض الحاضرين، مثل زهير عبد الكريم؛ انطلق الحفل بكلمة للممثل السوري عارف الطويل، حيث قال: "يسعدنا اليوم أن نكرم الرمز، ملحم بركات، في هذا المكان الرمز، الذي بناه الرمز، حافظ الأسد"، وتلا هذه العبارات "الوطنية"، فيديو قصير، اقتطعت فيه بعض الكلمات، التي عبر من خلالها الراحل ملحم بركات، عن حبه لسورية، ورافقت الفيديو موسيقى سورية وطنية، ليتحول حفل التكريم في تلك اللحظة إلى ما يسمى عرساً وطنياً.
وحاولت مقدمة الحفل، شكران مرتجى، أن تلقي بعض النكات لتسعف الموقف دون جدوى، ليصل الحفل إلى لحظة التكريم بمراسم وشعارات عسكرية، وقبل أن يستدعي عارف الطويل، عائلة ملحم بركات لمنصة التكريم، استدعى كلاً من وزير الثقافة، وزير السياحة، وزير الإعلام، وزير الداخلية ووزير الدفاع، ليشاركوا جميعهم بتكريم عائلة الفقيد. وجدير بالذكر أنه لم تعطَ مساحة لأيٍ من أفراد عائلة بركات لإلقاء أي كلمة في الحفل.
وبعد هذه المراسم، بدأت الحفلة الموسيقية، وتضمنت سبع أغاني، قام بأدائها أربعة مغنين، أشهرهم معين شريف، وافتتحت الوصلة الموسيقية بأغنية "من بعدك لمين"، واختتمت بأغنية "تعى ننسى"، وتخللتها ثلاثة أغان وطنية لملحم بركات، يكاد جمهوره لا يعرفها، إضافةً لأغنية "اعتزلت الغرام" التي لحنها بركات للمغنية البنانية ماجدة الرومي، ومقطع من أغنية المصالحة، لوديع الصافي، نصري شمس الدين وفيروز.
وبعد أن أنهى معين شريف وصلته الغنائية، التي لم تخلُ من انتقاداته لإدارة الحفل، انتفض الجمهور ليغادر المكان، وحاولت شكران مرتجى أن تمنعهم دون جدوى، لينقطع البث المباشر بعدها قرابة 30 ثانية، ويعود بعدها والصالة ممتلئة. لينتهي الحفل بعدها بكلمات الشاعر نزار فرنسيس، وأغنية غناها ملحم بركات لسورية، لم يذعها في حياته.
وبعيداً عن الميول والانتماءات السياسية، فإن تقديم ملحم بركات كأيقونة فنية تمثل الوفاء للنظام السوري، فيه الكثير من الظلم والإجحاف بحق الموسيقار ومسيرته الفنية الكبيرة.


المساهمون