"تشي كوفتة"... كبّة نيئة تركية وفيّة للأوروبيين والفقراء

إسطنبول
10 فبراير 2017
A8B8F719-05E4-4CEE-BA8B-5425A39BBF85
+ الخط -
لم يلحق الكبة النيئة التركية "تشي كوفتة" من غلاء الأسعار بتركيا، ما لحق غيرها من السلع والمنتجات أخيراً، بعد أن خسرت الليرة أكثر من 50% من قيمتها خلال عامين أمام العملات الرئيسية، وكأن الكبة والشركات الصانعة من ورائها، تحافظ على وفائها للفقراء، وجلّ الأتراك الذين يدمنونها كما الخبز اليومي.

تقول السيدة عائشة فيليز "الـ"تشي كوفتة " طبق رئيس للأتراك وليس للفقراء فقط، لكن الميسورين يضعون الكبة النيئة كمقبلات إلى جانب الكباب والطعام، في حين الفقراء يعتبرونها وجبة كاملة وفيها من المواد الغذائية ما يعطي الجسم احتياجاته، وخاصة من الطاقة بسبب احتوائها على البهارات والصلصة الحارة".

تشير السيدة التركية فيلييز إلى أن الكبة النيئة التي تصنع حتى الآن ببعض المنازل التركية، تحتوي على اللحمة، في حين التي تباع بالمحال خالية من اللحمة، منذ حظرت وزارة الصحة وضع اللحمة بـ"تشي كوفتة" لأنها تصدر للدول الأوروبية. كما أن لحم البقر غير المطهو، يمكن أن يسبب بأمراض وديدان بالمعدة.

وتوضح فيلييز التي تعمل بمحل بيع الكبة النيئة التركية بمنطقة أقسراي باسطنبول، أن الأسعار لم تتأثر بموجة الغلاء التي تشهدها الأسواق التركية أخيراً، بل حافظت الشطيرة على سعرها 3 ليرات تركية "أقل من دولار" والكيلو مع الخضار والليمون وصلصة الحر والرمان والخبز الخاص "ياواش" بسعر 30 ليرة تركية.

ويحكى أن أصل الكبة النيئة يعود إلى مدينة أورفا المشهورة بالكباب، وإلى زمن النبي إبراهيم الخليل وحكايته مع النمرود، فعندما جمع النمرود جميع الحطب والأخشاب في المنطقة لحرق الرسول إبراهيم، نفد حطب الطهو، فابتكرت إحدى النسوة هذه الكبة النية، بعد مزج اللحم بالبرغل والفلفل الحار، وهرسها بالحجارة.

ومع مرور الزمن استمر الأتراك بعجن اللحم مع البرغل والفلفل الأحمر الحار، وقبل العديد من السنوات اقتصر عمل الكفتة النية على البرغل، والبطاطس المسلوقة، والفلفل الأحمر، والأسود الحار، مع الاستغناء عن اللحم، سواء لدى الشركات المصنعة، أو حتى بعض المنازل، لما قد تسببه اللحوم غير المطهوة من أمراض.

وكشف بائع الـ"تشي كوفتة"، غونار يشيل بمنطقة الفاتح باسطنبول، أن سعر كيلو الكوفتة بنحو 7 ليرات تركية عبر الشركات التي توزعها على المحال التي تحمل علامتها التجارية، شارحاً أن ثمة شركات تتنافس على صناعة وتوزيع الكبة وتوصلها للمحال مبردة كل صباح، وتمنح العاملين قمصاناً تحمل العلامة التجارية كالتي رأيناها على صدره باسم" سيمسور" وهي من كبريات شركات صناعة الكفتة بتركيا.



وحول سبب رفع سعر الكيلو بالمحال لنحو 30 ليرة في حين توزعه الشركة بنحو 7 ليرات، أضاف يشيل: "لم نرفع الأسعار وهذا السعر قديم، رغم ارتفاع أسعار الليمون والبندورة والخضر التي نعطيها مجاناً مع الكبة، فضلاً عن المصاريف الأخرى من عمالة وطاقة وتغليف وخبز"، معتبراً أن الكبة النيئة مازالت من أرخص الأطعمة بتركيا، إذ تكفي الوجبة الواحدة بسعر 10 ليرات، ربما لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد.

وشرح بائع الكبة المعاناة التي لاقتها شركات صناعة الـ"تشي كوفتة" وقت فرضت الحكومة التركية منذ عشرة أعوام، منع وضع اللحم فيها، فالتفوا على الأمر بداية بوضع مرق اللحم للحفاظ على الطعم، لكن وزارة الصحة التركية فرضت قيوداً وغرامات مالية كبيرة على من يضع اللحم أو مرقه أو حتى مكثفات بطعم اللحم، مشيراً إلى أن إقبال الأتراك لم يتغير بعد إبعاد اللحم، بل استساغوا الطعم وأقنعتهم حملات الترويج وقتذاك بمخاطر أكل اللحم النيئ أو تخزين الكبة إن كانت تحوي على بروتين حيواني.

وتعرف الكبة النيئة، ببعض الولايات التركية على الأقل، مثل شانلي أورفا، كطبق رئيس وتصنع مع اختلاف طفيف في الطعم والشكل، في الولايات الأخرى مثل غازي عنتاب، وأديامان، وهاطاي، وماردين، وإلازغ.

إذ مازالت بعض المدن تصنع حتى اليوم، من اللحم المفروم النيئ الخالي من الدهون، والبرغل الناعم والبصل والثوم والفلفل الحار والطماطم ومعجون الفلفل والبقدونس، وتعجن معاً لفترة طويلة، ولكن ضمن المنازل وللاستهلاك الأسري وليس للبيع.

ومنذ عام 2008 وقرارات منع إدخال اللحم النيئ على الكبة، انتشر بتركيا ما يعرف بـ"كبة أديامان" التي وجدت مكاناً بارزاً في قوائم الطعام دون استخدام اللحم المفروم النيئ.

ووجدت المطاعم أن صناعة الكبة بدون اللحم أسهل في الإنتاج والحفظ، كما دخل مشاهير أتراك باب استثمار وتصنيع وتوزيع الكبة النيئة "تشي كوفتة".

واستثمر المغني التركي الشهير، إبراهيم تاتليسيس، بعد محاولة اغتياله وابتعاده عن الغناء، معظم أمواله في سلسلة مطاعم الكبة، وأسس بعض أباطرة المال بتركيا سلسلة مطاعم وشركات  للكبة، سموها باسم امبراطورية "كوماجين" الأثرية.

إلا أن مدرس الرياضيات الشهير بتركيا، جيتين تاكديمير، كان ربما أبرز من دخل في استثمار الكبة وصناعتها، وكشف خلال مؤتمر صحافي في مايو/أيار عام 2015، أن في تركيا نحو 10.000 موقع تقريباً لبيع الكبة، توظف حوالي 80 ألف عامل، وتبلغ أرباحها 400 مليون دولار.

وأضاف أستاذ الرياضيات السابق وأحد أهم صنّاع الكبة بتركيا اليوم، أنه يصنع الكبة في مصانع في إسطنبول وفي مدينة كولونيا الألمانية، ويحتفظ بالمنتجات في مخازن باردة في ثمانية مواقع قبل تسويقها للمستهلكين الأتراك والأوروبيين.

ومنذ عام 2016 الماضي، بات لديه 35 فرعاً في 10 دول أوروبية، بينما ستصل منافذ البيع التي يمتلكها في تركيا إلى 1050 منفذاً، وقال إنه يخطط لامتلاك 200 موقع في الخارج بحلول عام 2020.

 



ذات صلة

الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
الصورة
سوق في مدينة غزة المدمرة، 20 يونيو 2024 (محمود عيسى/ الأناضول)

اقتصاد

تشهد الأسواق في قطاع غزة ارتفاعاً متواصلاً في أسعار السلع الشحيحة أصلاً، ما دفع العديد من المواطنين إلى إطلاق حملة مقاطعة لكبح جشع التجار
الصورة

سياسة

أثار اعتقال اللاعب الإسرئيلي ساغيف يحزقيل في تركيا أمس، ردود فعل غاضبة في إسرائيل، دفعت وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت لاتهام تركيا بأنها ذراع لحركة حماس.
المساهمون