الشاشة اللبنانية...صراع على المشاهد يصل إلى حد الابتذال

30 يناير 2017
برنامج "لهون وبس" لهشام حداد (فيسبوك)
+ الخط -

هل تأثَّر التلفزيون باتساع وانتشار المواقع الإلكترونية؟ سؤالٌ يُطرَح اليوم، بعدما أعلنت المحطات اللبنانيّة، وعدد من المحطات العربيّة، خوض معركة الـ "رايتنغ"، وبعبارة أخرى، معركة "التفوق" في كسب مزيد من المشاهدين. معركة أضحَت غير مهتمّة بواقع البرامج المعروضة، ولا حتّى بنوعيتها.

اليوم، وبعد بلوغ الربيع العربي عامه السادس، ثمَّة أسئلةٌ مطروحَةٌ، عن دور الإعلام، وحرية هذا الإعلام على الخارطة العربية. وكيف تمّ الدمج بين المواقف الإلكترونية المنتشرة على المواقع البديلة، وبين البرامج التلفزيونية التي أصبحت تستسهلُّ في إعدادها، لا بل تعتمد بالدرجة الأولى على هذه المواقع.

وهي، أي البرامج، صارت تحاول من جديد، الصعود على هذه المواقع وإعلان تفوقها، عبر الترويج، ونشر ما يُسمى "هاشتاغ" وتبني انتصارٍ آخر، ليصبح الإعلام هنا، سلاحاً ذا حدّين ما بين الميديا التقليدية، والميديا البديلة.


يواجه بعض الإعلام المرئي، اليوم، أزماته الماليَّة اليوم بأقلّ تكلفةٍ ممكنة، من خلال الاستسهال في هذا النوع من البرامج التي يُرى فيها بأنّها ترفيهية، فيستغلّ بعض الطامحين إلى إعداد وتقديم برنامج خاص، وبكلفةٍ لا تصل إلى حدود البرامج الكبيرة ذات الميزانية العالية والمفتوحة، الخاصة بالفئات الأولى من المخرجين والمعديّن وحتى الفنانين.

صورة أصبحت نمطية في السنوات الأخيرة، دفعت الشاشات إلى تبني مجموعة من الشباب الذين اختاروا التلفزيون من أجل كسب شهرة سريعة، عبر مجموعة من الأفكار، والتي تحمل الجمهور على متابعة المحطة.


بين الجنس والدين والإرهاب، عبّد الإعلامي اللبناني، طوني خليفة، الطريق أمام مجموعة من الإعلاميين للاتجاه نفسه بين القاهرة وبيروت، ولو باختلاف الرؤية. وخلال سنوات، كان خليفة واحداً من أكثر المقدّمين الذين حققت برامجهم حضوراً كبيراً (رايتنغ)، فكان طبيعياً أن يستنسخه آخرون، في برامج لا تحمل بالضرورة الطابع الاجتماعي أو المعيشي، بل أداروا البوصلة نفسها إلى الفنّ والنقد التلفزيوني.

وقبل أربع سنوات، انتشرت ظاهرة البرامج التي تعتمد على النقد والسخرية. وقد يكون الإعلامي المصري، باسم يوسف، أول من فتح الباب على البرامج النقدية بعد قدومه من عالم الطب إلى التلفزيون، في برنامج "البرنامج" الذي مهد لحركة برامج مقلدة، بعضها يتمتّع بمحتوى جيد، والبعض الآخر يفتقر إلى الدقة والثقافة في الطرح.



الأزمة في لبنان
من المُرجَّح أن بعض الأقنية اللبنانية لم تلتزم بدفتر الشروط، ولا بنود القانون التي أقرَّها مجلس الوزراء اللبناني سنة 1996 وتقضي بالالتزام بما يلي: تعهّد من المؤسّسة الإعلامية بالتقيّد بأحكام القوانين والأنظمة النافذة، وبشروط التأجير والتعهد بعدم بث الأخبار السياسية والبرامج السياسية المباشرة وغير المباشرة ما لم يرخص لها بذلك، بقرار يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الإعلام.

وعدم بث برامج من شأنها الإخلال بالنظام العام أو الإضرار بسلامة الدولة أو بحسن علاقاتها مع البلدان العربية أو الأجنبية الصديقة أو البرامج التي تؤثر على سلامة أمن تلك البلدان. وعدم بث أيضاً برامج إباحية مُضرة بالآداب والأخلاق العامة، وبرامج تثير النعرات الطائفية أو تتناول بالنقد والتجريح المعتقدات الدينية لمناطق الاستقبال. هكذا، ينص قانون المحطات اللبنانية، في الوقت الذي يغيب فيه التزام بعض المحطات ببعض بنود هذا القانون، فيما يأتي دفاع بعض المحطات عن نفسها، بأن ذلك يناقض دور الحرية، الواجب أن يرعاه القانون أيضاً.


هذه النقطة، بين الحريَّة في الرأي، وتقديم نوعيّة من البرامج التي تعتمد على مجموعة من "التابوهات" تفتقر في المقابل إلى الهدف الذي من شأنه إفادة المتلقّي ولو بنسبة ضئيلةٍ، هي أساس الخلاف اليوم بين المسؤولين عن المحطات وبين السلطة السياسية والمشاهد، والتي دخلت على الخط قبل أسبوع، ظنًا منها أنها تستطيع أن تكون إلى جانب المنتقدين، ومواجهة بعض البرامج التي برأي كثيرين، تخدش الحياء والأخلاق.

بعد عدة شهور من مواجهة برنامج "نقشت" الانتقادات، والذي يعرض على شاشة LBCI اللبنانية، تدخلت قبل يومين السلطة السياسية، فأصبح البرنامج على طاولة جلسة مجلس الوزراء. بعض الوزراء طالبوا بالتدخل لوقف البرنامج، وسط حالة شكلت انقساماً، بين مؤيد ومعارض، فيما صرّح مدير عام LBCI، الشيخ بيار الضاهر، أنّ "كل البرامج تتعرض للنقد وهذا الأمر بديهي"، وأضاف: "كلما زاد نجاح البرنامج، زاد النقد حوله". وقال إنّ المحطة التي يديرها "لا تلزم الناس بضرورة متابعتها". وقال إنه يرفض الإعلام الموجه.

لكن حديث بيار الضاهر يأتي رداً على برنامج يرى فيه بعض المتابعين أو المشاهدين أنه يخدش الحياء، ويصور الفتاة اللبنانية أنها سُلعة على الهواء، كما بعض المواقف التي ظهرت من قبل المشاركات في برنامج "نقشت" تنم عن قلة ثقافة، وهؤلاء يطمعون في مراقبة المادة أو المحتوى للبرنامج بعيداً عن الدخول في صراع مع سياسة القمع والحرية.


على أية حال، بدت المواقف التي دخلت فيها الدولة لعبة "الشرطي" متناقضة في طريقة التعاطي، بعيداً عن تحمّل كافة المقدمين على الشاشات اللبنانية مسؤولية المواضيع والطروحات التي تقدّم على الهواء، وأحياناً، دون تحذير من القصد وراء ذلك، وهل هو ترفيه بالمعنى المتعارف عليه للكلمة؟ أم مجرد إثارة لإشعال الأرقام التي يقال إنها تحطم باقي البرامج.

دلالات
المساهمون