عايدة صبرا لـ"العربي الجديد": يجب احترام عقول الناس

02 سبتمبر 2016
عايدة صبرا (العربي الجديد)
+ الخط -
أطلقت الممثلة اللبنانية القديرة وأستاذة المسرح، عايدة صبرا، مُؤخّراً، مسلسلاً على موقع فيسبوك، بعنوان "مغامرات الست نجاح"، وهو عبارة عن حلقات قصيرة جداً، تعرض مواقف طريفة، مستمدة من المفارقة بين الحياة في لبنان وكندا التي تتجول فيها شخصية الست نجاح، وتقول ما يخطر ببالها بعفوية. واستطاع المسلسل في فترة وجيزة أن يخترق مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يتحوّل لظاهرة. وتمكنت صبرا بأقل من شهر أن تحصد 42 ألف متابع على فيسبوك حتى الآن.
وفي لقاء خاص لـ"العربي الجديد" مع صبرا، أخبرتنا عن تجربتها الجديدة، وعن كيفية تحولها من التدريب المسرحي إلى العمل في الإعلام البديل. وقالت: "أنا لست بعيدة عن شاشة التلفزيون والسينما. وقدمت سابقاً عدداً من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، ولطالما أردت الوصول إلى الجمهور. واخترت وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم هذا العمل، لأن وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت خبزنا اليومي. فاليوم، لا يوجد شخص لا يملك حساباً على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، من فيسبوك أو تويتر أو الانستغرام وغيرها. وأنا شخصياً، أقوم بالتواصل مع جمهوري عبرها. إذ أقوم من وقت لآخر بنشر بعض آرائي، وأستطيع من خلالها معرفة ما يفكر به الجمهور، وأستوحي منهم الأفكار لأعمالي المسرحية".
وعن عملها "الست نجاح"، تضيف صبرا: "لقد قدمت هذه الشخصية لأول مرة سنة 1995 على شاشة تلفزيون "المستقبل" في برنامج "ست كوم" بعنوان "اسماعيل الحلونجي" للفنان أحمد قعبور. لاقى العمل حينها ضجة كبيرة، واشتهرت شخصية الست نجاح منذ ذلك الوقت. ورغم مرور فترة زمنية كبيرة، إلا أن الشخصية ماتزال حاضرة في أذهان الجماهير. حتى الآن، جيراني بالحي يلقبوني بالست نجاح، فأنا اشتهرت بهذه الشخصية أكثر من أي شخصية أخرى قمت بأدائها. ربما يعود سبب حب الجمهور لشخصية الست نجاح، هو التشابه الذي يوجد بينهم وبينها، فهي تحاكي معاناتهم وأحلامهم وطموحاتهم، لذلك استطاعت أن تظل عالقة في أذهانهم. وفي الشتاء الماضي، عملتُ على كتابة مسرحية بعنوان "الست نجاح والمفتاح"، وقمت بأدائها وعرضها، وكانت تحمل رسائل عن هموم الناس، وتسلط الضوء على علاقتهم بالبلد".
وحول شخصيّة الست نجاح إذا ما كانت مستوحاة من الواقع الحقيقي، تضيف صبرا: "بل هي مستوحاة من عدة شخصيات حقيقية. جمعت تفاصيل أشخاص التقيت بهم وراقبتهم، وركّبتُ هذه الشخصية، فنتجتْ الست نجاح التي ترتدي "البانطو" كل الوقت. ولاقت هذه الشخصية تعليقات استحسان، ربما لأنها معجونة بطيبة الناس، وتشبههم إلى حد بعيد، فهي ليست مصنوعة من "البوتوكس"، ولا تلبس ثياباً مبالغة، وهي قادمة من حي شعبي، ومن طبقة فقيرة الحال".
أما عن الظروف والدوافع التي أدّت إلى برنامج "الست نجاح" الجديد، تشير صبرا إلى أنه "خلال تواجدي بكندا، قررت أن أخوض تجربة جديدة، وأن أقدم عملاً يقوم على المقارنة بين كندا وبلدنا وحياتنا وما وصلنا إليه. الوضع في بلدنا مخجل، بينما تجد في كندا الحد الأدنى من الحياة، فالدولة تقوم بتوفير كل شيء للمواطن، وتستخدم الضرائب لحماية حقوق الإنسان. ونحن الآن في بيروت، وفي مناطق أخرى، بلا ماء أو كهرباء. المياه هنا مالحة، ويتوجب علينا شراء المياه الحلوة، ونحن بلد المياه. ولا توجد استراتيجيات لحفظ المياه أو الكهرباء، ولدينا العديد من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى. لذلك قررت أن أمدح البلد الجميل كندا، من خلال انتقاده، وبالتالي أصل لنقد واقعنا بشكل غير مباشر. واستغللت أيضاً زيارتي لأميركا، وسجلت فقرات مباشرة بعد تسجيل سبع حلقات عن كندا، وسأكمل المشروع في لبنان. صرت أشعر بمسؤولية اتجاه هذا المشروع، وأتمنى أن يقدرني الله على إكماله قدر المستطاع".
وعن خصوصية هذه التجربة، وتميزها عن غيرها، تكمل صبرا: "نجحت التجربة بشكل كبير، وأكدت لي، بأن ما يقدم الآن من برامج كوميدية على الشاشات، كالبرامج التي تعتمد على النكتة البذيئة هي ليست حقيقية، ولا تلامس الجمهور. ويتوجب علينا من الآن وصاعداً، أن نكون جديين وأن نحترم الناس وتفكيرهم. أستطيع أن أتكلم عن نجاح التجربة من خلال تفاعل الناس مع الفيديوهات، وما أتاني من تعليقات، فهذا التفاعل يعنيني، وأستطيع من خلاله معرفة إن كنت قد أصبت بطرح الفكرة أم لا. فالكثير من المغتربين قد علقوا بعبارات مثل: "ضويتيلنا على الجرح"، وهذا يظهر كم أن المغترب يعيش وحدة، ويحتاج للصدق بعض الشيء. وبالمقابل، فقد اعتبر لبنانيون مقيمون في لبنان، بأن الفيديوهات تنتقد واقعهم، لذلك أفتخر بالمشروع، لأنه استطاع أن يلامس المغتربين واللبنانين، فكان البرنامج موجعاً ومسلياً بنفس الوقت، وأنا سعيدة جداً لأن الفكرة أثارت هذا الجدل".
وأخيراً، تختتم صبرا عن العلاقة بين الفن والإعلام البديل، قائلة: "لا أظن أن أثر الإعلام البديل بات واضحاً على الفن. ولكنني متأكدة بأن الأيام القادمة ستظهر أثره على حياتنا ككل. ولكن قد تكون أهم إضافاته حالياً، بأنه أتاح للجمهور في كل مكان في العالم إمكانية المتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر بكثير من التلفزيون، فهو أسرع، ويمكّن المتلقي من التعليق على ما يراه، وهذا مهم للغاية. وفنياً، أظنه حدد سماتاً جديدة للفن. وتنشر وسائل التواصل الاجتماعي بصورة أكبر ما هو مكثف وقصير وسريع، لأنه سريع، ويهتم بالمضمون القوي، وهذا الشيء يجعل من الأعمال التي تعتمد على سرعة البديهة وتكثيف اللحظة، تنتشر بشكل أفضل".


دلالات
المساهمون