مليارا دولار عجز القطاعات الحكومية في تونس

30 نوفمبر 2014
رهانات اقتصادية صعبة تنتظر الحكومة التونسية المقبلة (أرشيف/Getty)
+ الخط -
مسّ العجز المالي كل القطاعات الحكومية في تونس تقريبا، من ذلك أن قيمة عجز المؤسسات الحكومية التي تعمل في مجال النقل تجاوز 1.4 مليار دينار، حسب ما أعلنه وزير النقل، شهاب بن أحمد في آخر تصريحاته الصحافية. 
هذا إلى جانب عجز المؤسسات الحكومية الاقتصادية الكبرى، على غرار شركة "فوسفات قفصة" التي تعاني عجزا بأكثر من 15 مليون دينار، والمجمع الكيميائي الذي سجل عجزا يصل إلى 150 مليون دينار، فيما تسجل شركة اتصالات تونس خسائر بنحو 100 مليون دينار سنويا.
كما تسجل الشركة التونسية للكهرباء والغاز خسائر تقدر بـ 530 مليون دينار، أما خسائر شركة الخطوط الجوية التونسية فهي فاقت الـ 400 مليون دينار.
وقد أجمع العديد من الخبراء على أن هذه الأرقام قابلة للارتفاع في الأيام القادمة، لانعدام مصادر لتمويل عملية إعادة هيكلة هذه المؤسسات بعد استحالة تدخل الدولة في الوقت الراهن، وهو ما سيعمق أزمة الاقتصاد الوطني أكثر.
وهذه الوضعية من شأنها أن تطرح أكثر من نقطة استفهام حول مصير هذه المؤسسات الوطنية، ولا سيما بعد تواتر الأنباء حول إمكانيات الدمج والتخصيص، وحتى غلق بعضها كحلول سريعة لتغطية العجز الذي أصبح يبعث على الكثير من المخاوف ويهدد المنظومة الاقتصادية الوطنية.
لم تفصح الحكومة التونسية رسميا عن عدد المؤسسات التي تواجه مشاكل اقتصادية، غير أن خبراء اقتصاديين أكدوا أن أكثر من 25 مؤسسة عمومية، تعاني اليوم من الإفلاس التام بالمعنى القانوني للكلمة خاصة تلك المؤسسات العاملة في مجال الخدمات.

وقد اعتبر الخبراء أنه من غير المعقول أن تتجاوز خسائر المؤسسات العمومية المقدرة بـ 3.8 مليارات دينار خسائر الدولة التي تقدر بـ 2.5 مليار دينار، وهو ما يدعو إلى ضرورة إيجاد حلول حقيقية بعيدا عن الحلول الترقيعية التي تأتي بها كل مرة الحكومات المتعاقبة.
وقال الخبير الاقتصادي أنيس الوهابي، لـ "العربي الجديد": إنه من المهمّ أولا أن نفهم أن الخطر لا يتعلق بالاقتصاد التونسي في مجمله، وإنما باقتصاد الدولة أي بميزانيتها الذي بلغ عجزها 8 %، والذي لا يشمل كلفة الدين الخارجي.
وأضاف الوهابي أن أسباب عجز المؤسسات العمومية تعود إلى سوء التصرف الذي رافقها على مدى سنوات، إلى جانب القرارات والاستراتيجيات الخاطئة حيث كان هناك توجه نحو استراتيجية الأولويات الاجتماعية على حساب التوازنات المالية ما نتج عنه ضعف في مردودية المؤسسات العمومية.
كما رأى محدثنا أن الحلول تكمن في "ضرورة التفكير في النجاعة الاقتصادية لمنظومة التصرف العمومي، وفي دعم الشراكة بين القطاع العمومي والخاص، ودعم الأنشطة المهمة ومن ثمة إعادة النظر في التوازنات الاقتصادية.
وقال ذكر الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ "العربي الجديد": إن التراكم والتفاقم في العجز خاصة على مستوى ميزان المدفوعات والميزان التجاري الذي يتزايد بشكل كبير، ووصل في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 11.8 مليار دينار، يمكن معالجته مع الوقت.
لكن عجز المؤسسات الحكومية المالي لا يمكن تجاوزه، حسب قول الجودي، "بالحلول الترقيعية والمتسرعة التي لا تشمل أهدافا على المدى البعيد".
واستطرد الجوادي: "في ذات الوقت ما يمكن الاستعجال فيه هو الانتقال إلى مرحلة الاستقرار حتى تتمكن الحكومة الدائمة من وضع برنامج إنقاذ يشمل المنظومة المصرفية، والضريبية والتشغيل وجذب الاستثمار الخارجي".
كما أكد وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة الإسراع في إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية التي وقعتها تونس مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية.
المساهمون