سياسة مكرمة الأسد

05 يناير 2015
سورية تتعرض لدمار هائل (أرشيف/GETTY)
+ الخط -

أصبح الحال، واقعاً وليس نكاتاً أو تهكماً، أن السوريين يفرحون عندما يأتي التيار الكهربائي لساعتين، بعد انقطاع 22 ساعة، بل وتسمع صراخ وتصفيقات الأطفال فرحاً بوصول التيار أو بعودة المياه إلى الصنابير ومجاريها.

لا أعتقد أن هناك اعتباطا في الأمر، بل هو نتيجة تراكمت عبر عقود من المنّة، عمل عليها سياسيو البعث عبر وسائل الإعلام لأربعين سنة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، فيما لو زادت الرواتب والأجور بنسبة 10% وكان غلاء الأسعار 100%، يُفرض على الصحف والتلفزات السورية أن يكون العنوان الرئيس الأول "مكرمة من القائد الأسد للشعب السوري".
 
ولك قارئي المحترم أن تقرأ ذلك العنوان كما يحلو لك، ابتداء من أن الأسد تكرم ومنَّ على الشعب وزاد أجور من يعمل في القطاع الحكومي فقط، وصولاً إلى أن تلك المكرمة من جيب القائد الذي حرم نفسه وأسرته وأغدق على الشعب عطاءات ورخاء.

اليوم، يُحضّر لسيناريو مماثل، ليتأكد الجميع أن سنوات الحرب وتهديم البلاد والاقتصاد وتحويل سورية إلى ما قبل العصر الصناعي، لم تحدث أي تبديل في ذهنية القائد صاحب المكرمات، الذي ينظر للشعب كرعاة في مزرعة أبيه المتوارثة.

فبعد رفع سعر البنزين والمازوت منذ نحو شهرين، بمستوى سعري هو الأعلى منذ بدء الانسحاب من دعم المشتقات النفطية عام 2008، خفضت حكومة الأسد سعر البنزين الذي رفعته رغم تراجع سعر النفط العالمي بواقع خمس ليرات لليتر، لذا من واجب الإعلام والأبواق الأسدية أن تتغنى بالخطوة الحكيمة لتخفيض السعر وتعدها مكرمة وبعد نظر من القيادة الحكيمة الرؤوفة.

وليس هذا فقط، بل يحضر لمكرمة أخرى، وهي توحيد سعر المازوت بنحو 125 ليرة لليتر، بعد أن احتسبت الحكومة السورية شريحتين له خلال آخر رفع أسعار، فالمازوت لزوم الاستخدام المنزلي والزراعي والنقل بـ80 ليرة لليتر والمازوت لزوم الإنتاج الصناعي بـ 150 ليرة.

الآن، إن خفضت الحكومة الحكيمة سعر الليتر للصناعيين من 150 إلى 125 ووحدت الأسعار، فهذا يعني أنها زادت الأسعار على المزارعين والنقل والأسر الفقيرة بنحو 45 ليرة، لتعوضهم ببعض الخطب والشعارات والوعود بتعويضهم كما فعلت منذ بدء سحب الدعم ورفع أسعار الخبز والأرز والسكر وغيرها.

نهاية القول: إن حدثت هذه الخطوة الحكيمة، وعلى الأرجح ستحدث، فلا بد وقتها من حمد القيادة على عطائها وشكر القائد على مكرمته، التي سترفع من الأسعار التي تضاعفت 12 مرة خلال الحرب وتجهز على من تبقى من السوريين فوق خط الفقر.

المساهمون