الجزائر: تصاعد أزمة النقابات والحكومة

01 ابريل 2018
شهدت البلاد العديد من الاحتجاجات خلال الفترة الأخيرة(فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت الأزمة القائمة بين الحكومة الجزائرية والنقابات المستقلة، بعد أن هددت وزارة العمل بحل النقابات الرافضة تجديد طلب اعتمادها وملاحقة القائمين عليها قانونيا في حال الاستمرار في نشاطهم، وهو ما اعتبرت العديد من النقابات أنه يستهدف إسكات صوت العمال، لاسيما بعد أن شهدت البلاد العديد من الاحتجاجات خلال الفترة الأخيرة.
وأمس السبت كان اليوم الأخير الذي حددته وزارة العمل لتقدم النقابات المستقلة بطلب تجديد اعتمادها الإداري، وفق ما أعلن وزير العمل مراد زمالي، يوم الخميس الماضي.

وكانت الوزارة نشرت مطلع مارس/آذار الماضي، قائمة بأسماء النقابات المستقلة المعتمدة رسمياً، التي بلغ عددها 63 نقابة، يضاف إليها الاتحاد العام للعمال الموالي للحكومة، والذي أعفته الحكومة من تجديد الاعتماد على اعتبار أنه حصل رخصة دائمة سنة 1990"، بعد تعديل قانون العمل آنذاك.
وأثارت تحركات وزارة العمل، غضبا واسعا في أوساط النقابات المستقلة، حيث اعتبرته منعرجا خطيراً يهدد الحرية النقابية، ويعمد لعودتها لزمن الحزب الواحد والنقابة الواحدة.

وقال إلياس مرابط، رئيس النقابة الجزائرية لممارسي الصحة العمومية في حديث لـ"العربي الجديد"، إن " وزارة العمل ومن ورائها الحكومة تريد أن تضغط على النقابات المستقلة التي أحرجتها مؤخرا بسلسلة الإضرابات، التي مست قطاعات التربية والصحة، وتريد أن تقمع العمل النقابي المكفول في الدستور والقانون".
وأضاف مرابط :" من المؤسف أن تعود الحكومة 30 سنة إلى الوراء وتطلب من النقابات أن تجدد طلبات الاعتماد، والمؤسف أكثر هو أن تتخفى الحكومة وراء الإجراءات الإدارية".

وندد المجلس المستقل للأئمة، بالإجراءات التي لجأت إليها وزارة العمل، ولجوئها إلى التهديد في كل مرة للنقابات، حيث كشف جمال غول، الأمين العام للنقابة أن "المجلس تلقى مراسلة من الوزارة في 8 مارس/آذار، تعطيهم فيها مهلة 20 يوما لتقديم طلب جديد تضع فيه قائمة النقابيين بأرقام الضمان الصحي وهي مهمة مستحيلة حسب وصفه.
وقال غول لـ "العربي الجديد" إن " النقابات تعمل منذ عام 1997 بجدول محدد، لنفاجأ بتغيير من دون سابق إنذار أو استشارة مسبقة لها".

وتشهد العلاقة بين الحكومة والنقابات المستقلة توتراً منذ قرابة سنتين، بعد نجاح الحكومة في تمرير تعديل نظام التقاعد في البرلمان، والذي رفضته النقابات المستقلة، كونه يلغي "التقاعد المسبق"، الذي يحيل كل عامل أكمل 32 سنة خدمة على التقاعد مهما كان عمره، وأبقت على التقاعد على أساس السن والذي يلزم العمال بإكمال سنوات العمل إلى غاية 60 سنة كاملة يوم وضع طلب الإحالة على التقاعد، وهو ما ترى فيه النقابات "اقتطاع" مكسب من المكاسب التي حققها العمال في الجزائر بعد سنوات من النضال.
وحسب مزيان مريان المنسق العام للنقابة الجزائرية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني فإن "الهدف الأساسي من لجوء الحكومة إلى مثل هذه الممارسات هو منع إقامة الإضرابات مستقبلا، وإسكات صوت الطبقة العمالية التي تريد الحكومة أن تبقيها ممثلة في نقابة واحد موالية لها وهو أمر غير ممكن، فالدستور كما يكفل التعددية الحزبية يكفل التعددية النقابية والعمل النقابي".

وأضاف مزيان لـ"العربي الجديد" أن " الإضرابات التي شنتها نقابات التربية والصحة نجحت في إحراج الحكومة التي لم تجد هامش مناورة كبيرا في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وبالتالي تسعى إلى تحييد النقابات مستقبلا خاصة ان الجزائر تتجه نحو استحقاقات سياسية مهمة في السنة القادمة".
ويأتي تصعيد وزارة العمل، رغم أن قانون العمل، يشير إلى أن النقابات تعتبر مرخصة للنشاط بصفة دائمة تلقائياً في حال عدم حصولها على الرخصة الإدارية من وزارة العمل بعد مرور 60 يوما من تقديم طلب اعتمادها.
في المقابل، رفضت وزارة العمل الجزائرية الاتهامات التي وجهتها النقابات المستقلة لها، والمتعلقة بالتضييق على النقابيين وعدم اعتماد النقابات المستقلة رسميا، وذلك وفق جمال شعلال المكلف بالإعلام في وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي. 
وبجانب التصعيد المتبادل بين الحكومة والنقابات المستقلة محليا، دخلت العلاقات بين الحكومة ومنظمة العمل الدولية مرحلة غير مسبوقة من التوتر، مع إعلان وزارة العمل اعتراضها على بعض النقاط في برنامج وفد المنظمة الدولية، في رحلة كانت مقرّرة في مارس/ آذار الماضي، لكنه تم إلغاؤها من قبل المنظمة، إثر رفض وزارة العمل مقابلة وفد من خبراء المنظمة لمجموعة من النقابات المستقلة.

وكانت منظمة العمل الدولية قد انتقدت في تقريرها لسنة 2018، عرقلة الجزائر اعتماد النقابات المستقلة، ويتعلق الأمر بـ"النقابة المستقلة لعمال سونلغاز" الممثلة لعمال الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، و"الكونفدرالية العامة المستقلة للعمال الجزائريين"، التي تضم عددا من النقابات المستقلة، كالنقابات المستقلة لموظفي الإدارة العمومية والتعليم العالي والمحامين.



المساهمون