المنطقة العازلة تُحكم حصار مصر لغزّة

08 ديسمبر 2014
تضرر مليوني شخص من المنطقة العازلة (العربي الجديد )
+ الخط -
كان الجيش المصري قد شرع قبل عام في هدم ما يربو عن 90% من الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة، ما أثّر بشكل كبير على واردات القطاع التي كانت تدخل مهربة من مصر، غير أن المنطقة العازلة التي شرعت مصر في إقامتها بعمق 2.5 كلم أحكمت الإغلاق على كل منافذ القطاع من جهة مصر، ليبقى قرابة مليوني شخص يسكنون القطاع، رهن الاحتلال الإسرائيلي الذي يتحكّم في المنفذ التجاري الوحيد لغزة (معبر كرم أبو سالم)، يفتحه ويغلقه وقتما يروق له.

وقال الخبير الاقتصادي، سمير أبو مدللة، إن المقترح الذي أعلنت الحكومة المصرية عن تنفيذه، بإقامة منطقة عازلة بين مصر وقطاع غزة، سيضغط أكثر على اقتصاد قطاع غزة. وأضاف، لـ"العربي الجديد": "على الرغم من هدم وإغراق 90% من الأنفاق التي كانت بين مصر وقطاع غزة، بدءاً من شهر يوليو/ تموز 2013، إلا أن النسبة المتبقية كانت نشطة جداً خلال الفترة اللاحقة".

ويبلغ عدد الأنفاق التي كانت بين قطاع غزة ومصر 1500 نفق، لم يتبق منها مطلع يوليو 2014 سوى 10%، "استخدمت في ما بعد لإدخال البضائع والسلع التي كانت غزة تفتقر إليها"، بحسب أبو مدللة.


وكانت فكرة الأنفاق بين غزة ومصر، قد خرجت عام 2010، مع اشتداد الحصار الإسرائيلي على قطع غزة، لتصبح الأنفاق ممرات لإدخال كافة السلع والمنتجات التي يحتاجها قطاع غزة، بدءاً من الوقود، مروراً بالسلع والمنتجات الغذائية.

وازدهرت تجارة الأنفاق، خاصة خلال عام 2011 وحتى منتصف 2013، وظهر ما يسمى باقتصاد الأنفاق، وامتلأت حينها أسواق القطاع بكافة المنتجات القادمة من مصر، مع إغلاق المعابر بين الضفة الغربية والقطاع.

وقال الخبير الاقتصادي، إن الفترة الحالية ـ مع تنفيذ إنشاء المنطقة العازلة ـ أدت إلى رفع أسعار بعض السلع، مثل الوقود الذي ما زال يدخل ولو بكميات قليلة من مصر إلى قطاع غزة.

وأشار إلى أن مشتقات البترول، إضافة إلى مئات أصناف السلع التموينية، والأرز والطحين، ستتأثر مع إقامة المنطقة العازلة التي ستقضي على أي فكرة بإقامة نفق جديد.

يذكر أن اقتصاد غزة كان قبل العام 2007، يشكل نحو 35% من قوة الاقتصاد الفلسطيني، لكنه تراجع إلى ما دون 10% بعد إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر، بحسب أرقام معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية (معهد مستقل).

مطالبة بجهود حكومية

وحسب الخبير الاقتصادي، توفيق الدجاني، فإن إقامة المنطقة العازلة هي حق طبيعي للجانب المصري حفاظاً على أمنه، لكن في المقابل يجب أن يكون هنالك بديل قانوني بحيث يؤثر إيجاباً على اقتصاد غزة. وأضاف: "هنا يأتي دور حكومة التوافق في الضغط على إسرائيل، من خلال الدول الأجنبية، بفتح معبر كرم أبو سالم، والتنسيق مع مصر لإقامة منطقة تجارية لأغراض الاستيراد إلى القطاع، وقتها لن يكون هنالك داعٍ لوجود الأنفاق".

وقال الدجاني إن فكرة الأنفاق وُجدت بعد أن أُجبر الغزيون على البحث عن قنوات لتوفير المستلزمات الأساسية لهم داخل الأسواق، فكانت الأنفاق مع مصر، مشيراً إلى أن الحاجة هي ما جعلتهم يحفرونها.


يذكر أن حكومة التوافق الوطني، على الرغم من وجود 4 وزارات لها في قطاع غزة، إلا أن سيطرتها على الأرض لم تتحقق فعلياً، رغم مرور نحو 6 أشهر على توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية.

دخول البضائع

وقال الخبير الاقتصادي، سمير أبو مدللة، إن كمية إدخال البضائع لقطاع غزة، أفضل بقليل ممّا كانت عليه قبل العدوان على القطاع، لكن المعابر حتى اليوم لم تفتح بشكل كامل، وما يتم إدخاله غير كاف بعد، "إذا ما أخذتنا بعين الاعتبار أن القطاع يحتاج لإعادة بناء في كافة قطاعاته". وأضاف: "أهم السلع ما زال إدخالها شحيح إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وأقصد هنا الاسمنت ومواد البناء الأخرى، وإن دخلت فإنها للمشاريع الدولية في معظمها".

وقدّر مصدر في هيئة تنسيق إدخال البضائع عدد السلع التي كان يتم إدخالها عبر الأنفاق بنحو 100 سلعة، معظمها مواد غذائية. واعتبر أن كمية المواد الغذائية الداخلة إلى قطاع غزة، وبشكل يومي، ربما تكفي حاجة السوق المحلية في حال انتظام فتح معبر كرم أبو سالم، غير أن التهريب عبر الأنفاق يساهم في تخفيف الضغوط عن الأسر الغزية التي تشتري بضائع الأنفاق بأسعار مناسبة تقل عن الأسعار الرسمية الباهظة التي يفرضها الاحتلال من خلال بضائع المعبر.

ومضى قائلاً: "من الناحية الاقتصادية لغزة، فإن هدم الأنفاق بين غزة ومصر، لن يؤثر على كمية المواد في أسواق القطاع، لأن الكثير من السلع متوفرة من خلال الورادات المحلية، لكن المستهلك الذي كان يشتري السلع المهربة، سيضطر لدفع مبلغ أكبر للحصول على السلعة ذاتها، القادمة عبر معبر كرم أبو سالم، لخضوعها إلى الضرائب".

ارتفاع الأسعار

وتراجعت كمية إدخال السجائر المهربة من مصر إلى الجانب الفلسطيني، ما دفع التجار للتوجه إلى السجائر القادمة من الضفة الغربية، عبر معبر كرم أبو سالم، والتي تدخل إلى القطاع بشكل شحيح أيضاً.


وبحسب تجار غزيين، لمراسل "العربي الجديد"، فقد كان سعر علبة السجائر القادمة من مصر التي تباع في السوق بنحو 5 -ـ 7 شيكلات لكل علبة (1.4 - 1.9 دولار)، بينما تباع علبة السجائر القادمة عبر المعابر بنحو 19 شيكلاً (5 دولارات).

فيما استبدل أصحاب محطات الوقود، البنزين والديزل القادم من مصر، والذي كان يدخل بكميات ليست بكبيرة عبر الأنفاق في الآونة الأخيرة، بالوقود القادم من الجانب الفلسطيني عبر معبر كرم أبو سالم".

وارتفع سعر ليتر البنزين من 3 شيكلات (0.8 دولار)، وهو القادم من مصر، إلى قرابة 7 شيكلات (1.9 دولار)، وهو سعر ليتر البنزين القادم عبر معبر كرم أبو سالم، وهو وقود يتم استيراده من مناطق الاحتلال الإسرائيلي.
المساهمون