تعزيز كبير للاستثمارات الهندية في سلطنة عمان شهده عام 2022، وامتد نشاطه إلى يناير/ كانون الثاني الجاري، حيث بلغ عدد الشركات الهندية العاملة بالسوق العمانية 6 آلاف شركة، ما ألقى بظلاله الدافعة لجلسة الحوار الاستراتيجي بين البلدين، التي عقدت بنيودلهي.
وتحتل الهند المركز الثاني، بعد الصين، بقائمة الدول المستوردة من السلطنة، بحجم واردات بلغ 1.7 مليار ريال عماني (4.42 مليارات دولار) حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2022، وفق الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات الحكومي في عمان.
ويُعَد قطاع التجارة حجر زاوية في تعزيز نفوذ الهند الاقتصادي بالسلطنة، إذ يمثل أهمية كبيرة على مستويات عديدة في خطط التنمية العمانية، إذ تتبنى البرامج الاستراتيجية الاستثمارية لخطة حكومة السلطنة الخمسية العاشرة توجهات طموحة نحو تعزيز موقع عمان على خريطة التجارة العالمية ودعم وجود الصادرات العمانية في الأسواق الخارجية.
ويعكس قطاع التجارة بشكل أساسي نمو قطاعات التنويع الاقتصادي، وفي مقدمتها الصناعة كمصدر رئيسي للصادرات غير النفطية، ويعزز نمو التجارة من أداء قطاع النقل واللوجستيات وغيره من القطاعات ذات الصلة بحركة الصادرات والواردات.
واستفاد التبادل التجاري بين عمان وقائمة الدول المتصدرة للاستيراد من السلطنة، وخاصة الهند، من الوتيرة المتسارعة لتعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية وتوسعتها ضمن جهود زيادة دور التجارة في التنمية، ما أسهم في تعزيز الشراكات الاقتصادية وما يصاحبها من نشاط ترويجي للمنتج العماني المحلي.
وتمتد العلاقات العُمانية الهندية إلى عقود طويلة، وذلك بحكم الجغرافيا بين البلدين، ووجودهما على المحيط الهندي وبحر العرب، إضافة إلى حرص قيادة الدولتين على تعزيز التعاون الاقتصادي باطراد. وفي السياق، كشف نائب وزير الشؤون الخارجية الهندي أوصاف سعيد، أن ارتفاع عدد الشركات الهندية العاملة في سلطنة عُمان إلى 6 آلاف شركة أسهم في رفع معدل حجم التبادل التجاري بين بلاده وعمان، خلال العامين الماضيين، بنسبة 9.99%، حيث بلغت زيادة حجم الصادرات 3.14%، فيما بلغت زيادة الواردات 6.84%، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
ويمثل هذا العدد من الشركات قفزة نوعية في نفوذ الهند الاقتصادي بعمان، إذ بلغ عدد الشركات الهندية التي تستثمر في السلطنة حتى عام 2020 نحو 4 آلاف و766 شركة، حسبما أفاد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، رضا بن جمعة آل صالح، في كلمة له خلال مشاركته بجلسة مجلس الأعمال العماني الهندي، التي انعقدت في 12 مايو/ أيار الماضي بمدينة نيودلهي.
وجاء هذا الارتفاع والتوسع نتيجة العلاقات الثنائية التي انصبت حول التجارة بين البلدين، بحسب نائب وزير الشؤون الخارجية الهندي، مشيرا إلى أن "هناك مناقشات ومفاوضات مستمرة بين البلدين لإبرام اتفاقيات التجارة الحرة".
وتتنوع مجالات التعاون بين البلدين لتشمل الأمن الغذائي، وسلاسل التوريد، والرعاية الصحية، والأدوية، وأمن الطاقة، والطاقة المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء، والرقائق، وأشباه الموصلات، والتكنولوجيا، وغيرها.
غير أن شراكات الطاقة تحديداً تطورت بشكل ملحوظ بين البلدين، لتصبح أكثر شمولاً، حيث وقعت شركة ACME الهندية مشروعاً ضخماً للهيدروجين الأخضر في عُمان.
وفي 5 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت سلطنة عُمان استحواذها على محطة كهرباء بالهند، في اتفاقية بلغت قيمتها ملياراً و500 مليون دولار، مع شركة "سيمكورب للمرافق" السنغافورية.
ونصت الاتفاقية على استحواذ مؤسسة عُمان للاستثمار وصندوق تقاعد وزارة الدفاع العمانية وأحد بيوت الاستثمار المحلية على محطة الكهرباء التي تقدر طاقتها الإنتاجية بـ2.6 غيغاوات.
تمتد العلاقات العُمانية الهندية إلى عقود طويلة، وذلك بحكم الجغرافيا بين البلدين
وشاركت سلطنة عُمان في اجتماع قمة صوت دول الجنوب الذي استضافته الهند عبر الاتصال المرئي في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وذلك في إطار رئاسة الهند لمجموعة العشرين ودعوة سلطنة عُمان كضيف شرف العام الماضي.
وأكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، في كلمته بالقمة، على أهمية التعاون الدولي في ما يتعلق بمفهوم العدالة الاجتماعية والأمن الغذائي والمائي والتعاون الإنمائي وإعطاء الأولوية لاحتياجات الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمعات، كذلك سلّط الضوء على جهود السلطنة في تطوير منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة بما يتسق مع رؤية عُمان 2040 والأولويات الوطنية التابعة لها.
وكان الوزير العماني قد زار الهند، في 24 مارس/ آذار الماضي، ضمن تعزيز العلاقات ونقلها إلى مستويات أقوى، وبحث حينها مع نظيره الهندي سوبرامانيام جايشانكار، تعزيز التعاون المشترك في عديد من المجالات الاقتصادية، وخاصة الطاقة المتجددة.
واتفق الجانبان آنذاك على التعجيل بإنهاء المفاوضات بشأن بروتوكول الاستثمار الثنائي وتجنب الازدواج الضريبي، ومنع التهرب المالي بشأن الضرائب على الدخل.
كذلك عقدت سلطنة عُمان والهند في نيودلهي جلسة الحوار الاستراتيجي العُماني – الهندي الثامن، بين 17 – 18 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وتناولت الجلسة التزام الجانبين الشراكة الاستراتيجية الوثيقة بين البلدين، وإبراز الأولوية القصوى التي توليها القيادتان لتعزيز العلاقات الاستراتيجية الثنائية. واتفق الجانبان على عقد الجولة التالية من الحوار الاستراتيجي في سلطنة عُمان في عام 2024.