غياب الثقة يدفع الجزائريين لرفض التبرع لصندوق كورونا الحكومي

26 مارس 2020
أزمة الثقة تجلت في الحراك الجزائري (Getty)
+ الخط -
أعلنت الحكومة الجزائرية فتح حسابين في البريد والبنك وحساب في البنك الخارجي بالعملة الصعبة، لتلقي التبرعات المالية من المواطنين ورجال الأعمال للمساعدة في المجهود الحكومي في مواجهة أزمة وباء كورونا، لكن هذه الخطوة تلتها ردود فعل متحفظة من قبل الجزائريين بسبب أزمة الثقة في السلطة، وكذا وجود سوابق في التحايل الرسمي والاستيلاء على تبرعات شعبية في مبادرات تضامنية سابقة.

ورفض عدد من الصحافيين في التلفزيون الرسمي قرار إدارة التلفزيون الاقتطاع المباشر من أجرة يوم عمل للصحافيين والعاملين في المؤسسة لدعم المجهود الحكومي في مواجهة كورونا، ما دفع المدير العام للتلفزيون أحمد بن صبان إلى التراجع تحت الضغط، حيث طلب من كل الصحافيين والموظفين المعترضين على القرار إبلاغه بالرفض كتابياً.

وكانت إدارة الموارد البشرية قد بررت عملية الاقتطاع من أجور عموم الموظفين بتحويل المال لصالح جهود "التضامن الذي ينخرط فيه موظفو التلفزيون على الدوام".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تزايد رفض الجزائريين للتبرع المباشر لصالح الحكومة، إذ كتبت الصحافية آسيا شلابي في تغريدة "لماذا لا يتبرع الرئيس والنواب والوزراء ومدراء المؤسسات السيادية برواتب شهر؟!"، ردًا على مطالبة الحكومة للشعب بالتبرع.

وغرد الكاتب عبد العزيز بوباكير قائلاً "دعم للتبرع، لكن عن طريق الأمم المتحدة، فالشعب لا يثق فيكم. أين هي الأموال المنهوبة؟ أين هو صندوق الزكاة؟"، في إشارة منه إلى أزمة الثقة الحادة بين الجزائريين والسلطة.

وطالب ناشطون الرئيس تبون بالإيفاء بوعده الانتخابي باسترجاع أموال الشعب المنهوبة، واستعمالها في مجهود الدولة لمواجهة كورونا، بدلا من التوجه نحو جيب المواطن الذي يعاني أصلاً من أزمة في هذا الظرف، خاصة وأن عدداً كبيراً من الجزائريين إما يعانون البطالة أو العوز الاجتماعي، وكثير منهم يعملون في وظائف مؤقتة باتت عائداتهم المالية مهددة بفعل الحجر الصحي وتوقف العجلة الاقتصادية.
ويعود تحفظ الكثير من الجزائريين على مبادرة التبرع للصندوق الحكومي إلى تجارب سابقة، استولت فيها الحكومة على أموال التبرعات، ففي نهاية التسعينيات تم تنظيم حملة تبرع كبيرة عبر التلفزيون "تيليطون" لجمع أموال لبناء أربعة مراكز كبرى لإقامة العجزة والمشردين والمحرومين من الدفء العائلي. وتم جمع مبلغ أكبر مما هو مطلوب، لكنه لم يتم إنجاز سوى "دار رحمة "واحدة، إضافة إلى أن السلطة أساءت استخدام المال العام في فترة بوتفليقة واستولت مجموعات مقربة من السلطة على ملايين الدولارات.

وأقر النائب في البرلمان الجزائري نزيه برمضان في تصريح لـ"العربي الجديد" بوجود أزمة ثقة في البلاد بين المواطن والسلطة، ما قد يحد من نجاح عملية التبرعات، لأنه يعتقد أن الظرف يفرض تجاوز أزمة الثقة.

ويضيف: "أزمة الثقة موجودة، لكن وجب أن تنصهر هذه الأيام ولو مؤقتا ليكون التضامن شاملاً وقوياً للخروج منتصرين من الأزمة الوبائية".

وأكد النائب برمضان أن نواب البرلمان بصدد تنظيم عملية التبرع، حيث تجري عملية إرسال الموافقات من النواب إلى إدارة المجلس لتطبيق اقتطاع من منحهم النيابية لصالح صندوق التبرعات الوطني لمواجهة كورونا.
المساهمون