أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، أن المجلس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي قرّر تخصيص مبلغ 5 مليارات و400 مليون دولار للبنان، للسنوات الثلاث المقبلة، مع وعدٍ بأن تكون المنتجات المشتراة لغاية المساعدات الغذائية من لبنان بالكامل.
وقال ميقاتي، بعد اجتماع عقده اليوم الاثنين مع مدير برنامج الأغذية العالمي في لبنان عبد الله الوردات، إن هذا البرنامج بدأ في لبنان منذ عام 2012 عقب اللجوء السوري (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين) إلى الداخل اللبناني، وكان مخصّصاً لإعطاء المساعدات الغذائية للاجئين السوريين، وتقدّم هذا البرنامج من خلال التعاون مع برنامج الأغذية العالمي ليصل إلى تعاون مثمر جداً.
وأوضح أن البرنامج يقوم بصرف مساعدات بنسبة 70% للسوريين و30% للبنانيين، بما مجمله 700 مليون دولار في السنة تقريباً، ولكن بعد اجتماع المجلس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي في روما، يومَيْ الخميس والجمعة الماضيَيْن، واللقاء الذي عقده في شرم الشيخ مع المدير التنفيذي ديفيد بيزلي، اتفقنا على أن يخصَّص للبنان 5 مليارات و400 مليون دولار خلال السنوات 2023 و2024 و2025، على أن يكون ذلك بالتساوي بين اللبنانيين والسوريين بنسبة 50% لكل منهما، وهذا أمرٌ مهمٌّ جداً.
شبكة أمان اجتماعية
وأشار ميقاتي إلى أنه كان مصراً على أن تكون المنتجات المشتراة لغاية المساعدات الغذائية من لبنان بالكامل، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك عمل مشترك مع منظمة التغذية العالمية لمساعدة المزارع اللبناني ووزارة الزراعة.
واعتبر أن "المهمّ، بهذا المبلغ وما نقوم به، نكون قد أسّسنا حقيقةً لشبكة أمان اجتماعية كاملة مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأغذية العالمي، وستكون سلة مهمة جداً نقدية ومالية ستقوم بها وزارات الشؤون الاجتماعية والتربية والصحة والزراعة، وسيكون هناك تعاون كامل تحت مظلة رئاسة مجلس الوزراء، على أن نعلن عن كل أمر في حينه"، مشيراً إلى أننا "سنصل إلى أكثر من مليون عائلة قريباً جداً ضمن هذا البرنامج المتبع".
من جهته، قال الوردات إن "مشروع برنامج الأغذية العالمي للأعوام الثلاث المقبلة سيقدم وسيستمر بتقديم المساعدات الطارئة والعينية والنقدية للمستفيدين منه، وسيتم زيادة أعداد هؤلاء أيضاً".
وأضاف: "سيستمرّ البرنامج في تقديم المساعدات النقدية لعددٍ من اللاجئين، ونحن نتحدث اليوم عن مليون لاجئ سوري ومليون لبناني سيستفيدون من هذا المشروع، كما سيستمرّ في تقديم المساعدات لطلاب المدارس المستفيدين من برنامج التغذية المدرسية وعددهم الحالي نحو 73 ألف طالب، ويقضي المشروع الجديد بالوصول إلى نحو 150 ألف طالب".
وأشار الوردات، وفق ما نقل عنه مكتب رئاسة الحكومة اللبنانية، إلى أننا سنستمر في تقديم الدعم الفني والتقني للوزارات المعنية، على رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية، لتعزيز القدرات لإدارة مشروع شبكات الحماية الاجتماعية الذي نسمّيه بمشروع الأسر الأكثر فقراً، كما سنقوم بالتعاون مع البنك الدولي وشركاء كثر بالعمل معا على تعزيز مشروع الحماية الاجتماعية في لبنان.
وتابع: "بالنسبة إلى مشروع دعم المزارعين، نحن نتكلم عن تعزيز الأمن الغذائي في لبنان وهو أولوية وكلنا نعرف أن الإنتاج المحلي لا يكفي الحاجة المحلية، حيث يعتمد لبنان على استيراد ما بين 80 إلى 90% من مادة القمح، والمشروع الذي نتحدث عنه اليوم يقضي بتسليم مساعدات عينية وفنية ونقدية لعددٍ من المزارعين، حيث سيتم زيادة الرقعة الزراعية في لبنان والتركيز على زراعة القمح، لزيادة الإنتاج المحلي من هذه المادة الأساسية، وسيتم التنسيق في العمل الفني مع وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية في لبنان (الفاو) وسنكون شركاء مع الحكومة اللبنانية بشكل فعّال".
أزمة بلا حلول
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة منذ أواخر عام 2019، حيث شهد انهياراً مالياً غير مسبوقٍ، قضى على قيمة العملة الوطنية في مقابل الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار الذي يتأرجح على خطّ الأربعين ألف ليرة، والذي أدى إلى تحليق أسعار السلع والمواد الغذائية، وتدهور القدرة الشرائية عند المواطنين، المحتجزة ودائعهم في المصارف.
وفي وقتٍ لم تضع السلطات اللبنانية أي خطة للجم الانهيار أو برنامج إصلاحي تحصل من خلاله على الدعم المالي النقدي من الجهات الدولية المانحة، تواصل اعتماد سياسات تزيد من معاناة المواطنين، منها أخيراً رفع تعرفة خدمات الاتصالات والإنترنت والكهرباء، وإقرار موازنة عام 2022 التي ستترجم كذلك بزيادة في أسعار السلع والبضائع.
وفاقمت الأزمة معاناة اللاجئين السوريين الذين رغم المساعدات التي تقدَّم إلى لبنان من بوابة استضافتهم، تحمّلهم الجهات الرسمية جزءاً كبيراً من الأزمة، وقد استأنفت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، العودة الطوعية للاجئين إلى بلادهم، على وقع تحذيرات منظمات دولية من الترحيل القسري.
كذلك، يشكك الكثير من اللبنانيين ببرامج المساعدة التي تتم عن طريق الحكومة والوزارات المعنية وبوصولها فعلاً إلى العائلات الأكثر فقراً، باعتبار أن هذا الملف يقارب من قبل المسؤولين، حزبياً، طائفياً ومناطقياً، ويتم التعاطي معه باستنسابية، واستغلاله سياسياً وشعبياً.