قال رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي، عبد الحفيظ السكرافي، إن حصة تونس من عقود الشغل في ليبيا زادت بـ20 بالمائة عن التقديرات الأولية بعد تسجيل طلب مهم على عدد من الاختصاصات الطبية والخدماتية والمهن المتعلقة بالبناء والنفط، مؤكدا التحاق ما لا يقل عن 50 ألف تونسي للعمل في ليبيا خلال الفترة الماضية.
وأكد السكرافي في حديث لـ"العربي الجديد" أن التوقعات الأولوية قدرت حاجة السوق الليبية من العمالة التونسية بـ300 ألف غير أن الطلب زاد ليرفع حصة تونس إلى نصف مليون عقد تشغيل قابلة للتوقيع على المدى القريب والمتوسط، مرجّحا أن ينطلق العمل الفعلي في توقيع العقود الفترة المقبلة.
وأوضح أن القطاع الخاص الليبي مشغل مهم ويوفر إمكانيات واسعة للتونسيين للعمل في اختصاصات مختلفة، مشيرا إلى أن توقيع العقود للعمل في القطاع الحكومي سيكون بشكل رسمي بين مسؤولين من البلدين.
وحول الاختصاصات المطلوبة في السوق الليبية قال السكرافي إنها متنوعة وتتعلّق بالاختصاصات الطبية وشبه الطبية وقطاع النفط إلى جانب الاختصاصات ذات العلاقة بقطاع البناء والتطوير العقاري والحرف وعدة مهن أخرى.
ورجّح المتحدث أن يساعد التحسنّ المترقب لسعر صرف الدينار الليبي وتعافي العملة تدريجيا، التونسيين على الذهاب للعمل هناك، معتبرا أن سعر الصرف الحالي لا يشجع العمالة التونسية على الذهاب بكثافة إلى العمل في الجارة الجنوبية لتونس.
وبالإضافة إلى التنقل للعمل في ليبيا قال السكرافي أن العقود التجارية المزمع توقيعها بين البلدين تزيد من الطلب الليبي على منتجات صناعية تونسية وتوسع قدرة المصانع على استيعاب يد عاملة إضافية لتلبية الطلب الليبي.
وتوقّع أن يحدث الطلب الليبي على سلع تونسية حراكا مهما في القطاع الصناعي المحلي بما يساعد على ترميم تأثيرات الجائحة الصحية التي تسبب في ارتفاع قياسي في نسب البطالة في البلاد.
لكن دعم الاستثمار بين البلدين لا يزال يحتاج إلى محفزات إضافية وفق السكرافي الذي أكد أن مجلس الأعمال التونسي الليبي في تواصل مستمر مع البرلمان التونسي من أجل تحسين قوانين الاستثمار وجعلها أكثر مرونة وحث الحكومة على إصدار النصوص الترتيبية الخاصة بالقوانين التي تسهل التجارة بين البلدين.
ومثل ملف العمالة التونسية في ليبيا نقطة مهمة على جدول أعمال الزيارة الرسمية التي أداها رئيس حكومة تونس هشام المشيشي، مؤخرا إلى طرابلس، حيث حصلت السلطات التونسية على تعهد رسمي من الحكومة الليبية بتسوية أوضاع العمالة التونسية هناك وفق عقود عمل تضمن لهم الحقوق المالية والمعنوية.
وقال رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسية أن بلده سيعمل على تسوية الوضعية المهنية للتونسيين المشتغلين في ليبيا وإقاماتهم أيضا.
وتستطيع السوق الليبية بحسب الأرقام المعلن عنها من قبل مجلس الأعمال استيعاب ما لا يقل عن ثلثي عدد العاطلين في تونس المقدر بأكثر من 700 ألف، وفق أخر بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي.
وارتفعت نسبة البطالة في تونس خلال الربع الأخير من عام 2020 الى حدود 17.4 بالمائة مقابل 16.2 بالمائة خلال الربع الثالث من نفس السنة، حسب بيانات رسمية.
وأظهرت نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للربع الرابع من 2020 أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 725.1 ألف عاطل عن العمل من مجموع السكان النشيطين مقابل 676.6 ألف عاطل عن العمل تم تسجيله خلال الربع الثالث لسنة 2020.
وقال الخبير الاقتصادي، محمد منصف الشريف، إن تصدير العمالة عبر عقود عمل قانونية أمر مهم جدا لتونس لتخفيف وطأة البطالة، مشيرا إلى أن تحويلات التونسيين العاملين في الخارج ساهمت في توفير مخزونات مهمة من العملة الصعبة للبلاد حتى في زمن الأزمة.
ورجّح الشريف أن تتركز كثافة الطلب على العمالة التونسية في منطقة الجنوب نظرا للقرب الجغرافي لهذه المحافظات مع مدن ليبية، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".
وحفّزت المصالحة الليبية مجالس الأعمال التونسية الليبية المشتركة على وضع خارطة الطريق للمساهمة التونسية في إعادة إعمار ليبيا وضمان حصة تونس من الصفقات المرتقبة عبر تجهيز الأذرع المالية التي ستتولى تمويل المشاريع بعيدا عن الجهاز المصرفي المنشغل بتمويل عجز الموازنة العامة.
ويسعى المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين إلى تذليل العقبات أمام المستثمرين الملتحقين بركب الإعمار الليبي بتهيئة الأذرع المالية لتمويل المشاريع التي يرجح أن تفوق قيمتها خلال القليلة القادمة 10 مليارات دولار.
وليبيا البلد الغني بالنفط يسعى إلى التعافي من الآثار المدمرة للحرب والأزمات السياسية التي يعيشها منذ عشر سنوات فيما تفتح صفقات إعادة الإعمار شهية الدول العربية والأجنبية على اقتناص عقود هناك.